'شات جي بي تي' يميل للهلوسة في عمله الصحفي
إسطنبول - منذ إطلاقه في نوفمبر/تشرين 2022، أصبح روبوت المحادثة "شات جي بي تي" للذكاء الاصطناعي الذي طورته شركة الأبحاث والتطوير "أوبن.أي.آي" (OpenAI) موضوع نقاش بين الصحفيين، فيما يتعلق بتأثيره المحتمل على صناعة الأخبار ووسائل الإعلام.
ويتمتع روبوت المحادثة الذي يعمل بتكنولوجيا الذكاء الصناعي بالقدرة على إنشاء نص تلقائي بناء على مدخلات النصوص المكتوبة، إضافة إلى المشاركة في محادثات تفاعلية مع المستخدمين من خلال الإجابة على أسئلتهم.
واكتسب "شات جي بي تي" شعبية هائلة، حيث وصل إلى أكثر من 100 مليون مستخدم خلال الشهرين الأولين من إطلاقه.
وتكمن جاذبية روبوت الدردشة في ردوده المفصلة، والشبيهة بالبشر خلال المحادثات، بما في ذلك القدرة على المتابعة والنظر في الافتراضات.
وتستفيد مؤسسات إعلامية كبرى بينها أسوشيتد برس، رويترز، واشنطن بوست، بي بي سي ونيويورك تايمز من الذكاء الاصطناعي لإنتاج المحتوى وإضفاء الطابع الشخصي على إنتاجهم الإعلامي وتحسين تفاعل الجمهور.
كما يخطط موقع "باز فيد" ومقره الولايات المتحدة أيضا لاستخدام روبوت المحادثة لتحسين الأداء، وإنتاج محتوى خاص بجمهور محدد.
ووصف جوناثان سوما مدير برنامج صحافة البيانات في كلية الصحافة بجامعة كولومبيا "شات جي بي تي" بأنه أداة "رائعة"، قائلا إن العديد من المؤسسات الإخبارية "متحمسة لاستخدام" الأدوات الشبيهة بـ"شات جي بي تي" وتعمل بالطريقة التي يعمل بها، لنشر القصص.
بيد أنه في المقابل اعتبر أن خطط الاستثمار في هذه الأدوات "عالية التكلفة"، موضحا أن "شات جي بي تي" يعمل بشكل أفضل عندما يكون "أداة مساعدة" للصحفيين وليس "منتج محتوى مستقل" يقوم بعمل الصحفي.
وأشار إلى نسب الخطأ التي وردت في المحتوى الذي أنتجه موقع التكنولوجيا الأميركي CNET بواسطة الذكاء الاصطناعي، مضيفا "يمكن لشات جي بي تي أن يقوم بعمل جيد في تدقيق الحقائق، على الرغم من ميله إلى الهلوسة".
تعد "الهلوسة" من أكثر المشكلات الشائعة في روبوت المحادثة "شات جي بي تي" التي قد تعيق توظيفه في العديد من المجالات.
وتظهر هذه المشكلة عندما يكتب روبوت المحادثة إجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة أو لا معنى لها.
هذا السلوك شائع في النماذج اللغوية الكبيرة ويسمى هلوسة الذكاء الاصطناعي، ولا يظهر لمرة واحدة فقد بل قد يتكرر عدة مرات.
وفي فبراير/شباط 2023، أعلنت شركة "أوبن.أي.آي" عن خطتها لتقديم خدمة اشتراك تسمى "شات جي بي تي بلاس" مقابل 20 دولارا شهريا.
وتوفر هذه الخدمة مزايا عديدة لمشتركيها مثل الاستجابة السريعة مع أولوية الوصول إلى التحديثات والتحسينات الجديدة.
ووافق جوناثان سوما أيضا على أن أكبر مشكلة في "شات جي بي تي" هي إمكانية تحقيق "الدقة المطلقة" والتي تثير بعض المخاوف الأخلاقية المحتملة.
وقال "تميل النماذج اللغوية الكبيرة إلى الهلوسة وتعطي إجابات للأسئلة غير الصحيحة بطريقة دقيقة"، متابعا "الشخص الذي يمكنه أن يقول لا أعرف هو أكثر جدارة بالثقة من شخص لديه إجابة دائمة"، موضحا أنه "من الصعب" إقناع روبوت الدردشة "شات جي بي تي" بهذه الحقيقة.
ولدى سؤاله عن التحديات التي قد يواجهها الصحفيون في دمج "شات جي بي تي" في روتين عملهم، قال إن "الخوف" و"نقص المعرفة" ربما يكونان أكبر القضايا بالنسبة لصناعة الأخبار، لذا عندما يتم الحديث عن "شات جي بي تي" يتم الترويج بفكرة "المثالية والمعرفة بكل شيء".
وأكد أنه في حالة تخصيص الصحفيين وقتا للتعامل مع "شات جي بي تي" ومراوغته سيتمكنون من التعرف على "نقاط القوة والضعف فيه".
ويبدو أن برنامج "تشات جي.بي.تي" التوليدي الذي يتفاعل مع البشر ويستطيع إنتاج كل أنواع النصوص عند الطلب، اجتاح الأوساط الجامعية والمهنية والصحافية وحتى السياسية.
ويحذر الخبراء من مخاطر استخدام منصات المحادثة باستخدام الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي.بي.تي وغوغل بارد، كما تسعى بعض الدول والمنظمات لضبط قوانين لحماية البيانات والحريات والخصوصيات من خطر روبوتات المحادثة.
وتزداد أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي مع استخدام التكنولوجيا على نطاق واسع في مجالات مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل. ووفقا لدراسة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا وشركة "أوبن.أي.آي" التي طورت منصة شات جي.بي.تي، سيغيّر الذكاء الاصطناعي معظم الوظائف بشكل كبير في المستقبل القريب.