شبكات دولية ومحلية تحول العراق معبرا ومركزا لتجارة المخدرات

قوات الأمن تتمكن من الوصول إلى ست مسارات سرية تُستخدم من قبل شبكات دولية وأخرى محلية كانت تمد بغداد بالمخدرات بكل أنواعها.

بغداد – تمكنت القوات الأمنية العراقية الجمعة من تفكيك وقطع ست مسارات سوداء تُستخدم من قبل شبكات دولية وأخرى محلية كانت تمد بغداد بالمخدرات بكل أنواعها، في خطوة جديدة للسلطات العراقية ضمن حرب معلنة تشنها على الظاهرة الخطيرة التي تفشت في البلاد، فيما تشير هذه التطورات إلى تحول العراق من معبر للمخدرات إلى مركز حيوي لهذه التجارة المحظورة والتي تؤثر على النسيج المجتمعي العراقي عموما.

وذكر موقع 'بغداد اليوم' المحلي نقلا عن مصدر قال إنه مطلع، أن "فرقا مختصة في وزارة الداخلية توصلت خلال الأشهر الخمسة الأخيرة إلى معلومات غاية في الأهمية تمحورت في معرفة المسارات السرية من 6 محافظات بعضها جنوبية إلى العاصمة بغداد من أجل تغذية شبكات لتوزيعها على المدمنين".

وأضاف المصدر ذاته أن "المعلومات الدقيقة مكّنت من تنفيذ سلسلة من العمليات أدت إلى كشف وتفكيك شبكات خطيرة"، مشيرا إلى أن "ما تعرضت له مافيات المخدرات في الأشهر الأخيرة يعادل جهود سنوات خاصة وأن أربعة من أهم الأسماء في عالم المخدرات سقطت في قبضة العدالة".

 وتحولت بغداد من دولة عبور واستهلاك محلي إلى مركز لتجارة المخدرات بكل أنواعها، حيث تشير التقارير إلى وجود أكثر من 230 شبكة محلية ودولية تعمل في العراق تم تعطيلها خلال السنوات الماضية، كما تم ضبط أكثر من 28 طنًا من المواد المخدرة وقطع طرق التهريب مثل الأردن وتركيا وإيران وباكستان وأفغانستان.

وتواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في التعامل مع هذه الآفة لا سيما مع الإجراءات التي تقوم بها القوات الأمنية على الحدود والتي تبدو غير كافية للحد من تهريبها والترويج لها، وذلك إثر فشل الجهود الإقليمية الرامية إلى التصدي للاتجار بالمخدرات.

 وتؤكد التقارير أن تجارة المخدرات وتعاطيها ارتفع بشكل كبير في البلاد بالرغم من تنفيذ القوات الأمنية الكثير من عمليات ملاحقة التجار في الآونة الأخيرة والإعلان بشكل شبه يومي عن حجز كميات كبيرة من الحبوب المخدرة وإلقاء القبض على العديد من المهربين والمتاجرين بها.

وقالت عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية البرلمانية مديحة المكصوصي في تصريح لموقع بغداد اليوم إن "لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في البرلمان تعمل منذ اشهر طويلة على اجراء تعديلات جوهرية ومهمة في قانون مكافحة المخدرات رقم 50 لسنة 2017 وأبرزها تشديد العقوبات لتصل الى الإعدام بدل المؤبد خاصة للتجار سواء الأجانب او العراقيين، كذلك تشديد العقوبات بحق المروجين مع زيادة التخصيصات بهدف انشاء المصحات خاصة لمعالجة المتعاطين"، مضيفة أن "التصويت على تعديل القانون سيكون خلال الأيام المقبلة مؤكّدة على وجود توافق سياسي كبير حوله ودعم برلماني كبير من أجل مكافحة هذه الافة التي أصبحت خطرًا حقيقيًا يهدد المجتمع العراقي". 

وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق في السابع عشر من سبتمبر/أيلول الماضي على مشروع قانون التعديل الأول لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017. وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "إن هذا التعديل يهدف إلى رفع مستوى دائرة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية لتتمكن من مواجهة هذه الآفة الخطيرة".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، كان السوداني قد دعا أيضا لعقد تحالف إقليمي دولي ضد المخدرات، موجها بشمول حالات الإخبار عن جرائم المخدّرات وضبط المواد المخدرة بآلية المكافآت، وأشار الى توفير الموارد اللازمة للعمل الأمني لمكافحة المخدرات وشدد على انفتاح الحكومة على جميع المنظمات والناشطين.

وتعتبر السلطات العراقية تجارة المخدرات مساوية للإرهاب، حيث تحولت البلاد في السنوات الأخيرة لمكان يسهل فيه الترويج للأنواع المختلفة منه رغم الضربات المتلاحقة للمتورطين به، بعد أن كان يصنف قبل 2003 من الدول الخالية تماما من المخدرات نتيجة القوانين الصارمة التي وضعها النظام السابق في مكافحة الآفة والتي تصل الى الإعدام.

وتشير التقارير الدولية والمحلية الى واقع قاتم تتفشى فيه المخدرات، حيث كشف تقرير عن الأمم المتحدة في شهر يوليو/تموز عن مصادرة السلطات العراقية في عام 2023  لـ24 مليون قرص كبتاغون" يفوق وزنها 4.1 أطنان، وتقدّر قيمتها بما بين 84 مليون دولار و144 مليوناً بحسب سعر الجملة.

ووفق بيانات رسمية محلية، تصل نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة إلى 70 بالمائة فيما تصل إلى 50 بالمائة في بقية مناطق البلاد، وشهدت السنوات الأخيرة انتشار أنواع جديدة من الحبوب المخدرة مثل الكبتاغون في المدن المركزية، بالإضافة الى استهلاك الميثامفيتامين في البصرة.

ويرجع مراقبون تفاقم هذه الظاهرة إلى عوامل عديدة منها سهولة الحصول على الدولار داخل العراق ما ساهم في نشاط تجارة المخدرات التي تحتاج إلى عملة صعبة، إضافة الى قانون المخدرات الذي يتسبب هو الآخر بطريقة أو بأخرى بانتشار الظاهرة خصوصًا أنه يشهد حالة من عدم التمييز بين المتعاطي والمتاجر، إضافة إلى التلاعب القانوني من قبل بعض المحامين والتجار من خلال تحويل المتاجرين إلى متعاطين لتخفيف العقوبة.