شربل داغر ينادي الحياة فتجيب: أتوق إليك!

الشاعر اللبناني يصدر مجموعة شعرية جديدة بعنوان "يا حياة، أتوق إليكِ... فتجيبني: أتوق إليك"، ضمن سلسلة براءات التي تصدرها دار منشورات المتوسط في إيطاليا.
الكتابة حالة تجرّد عند شربل داغر

ميلانو (إيطاليا) - صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط في إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للكاتب والشاعر اللبناني شربل داغر، حملت عنوان "يا حياة، أتوق إليكِ... فتجيبني: أتوق إليك". 
وصدرت المجموعة في 136 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.
وفيها يكتب الشاعر شربل داغر متقمصاً جملته الشعرية، "ما أحلى أن يسابق الطفل مواعيده المرجأة"، والتي يمضي معها، وفيها، عبر مساحات لا تنتهي من شهوة القول والرغبة فيما استبقه من نثر في قصيدة مفتوحة، ينزل بعدها إلى بيروت مثل كثيرين كانت المدينة لهم محط قدم، وكانت الطريق، كل الطريق بين صعود ونزول، وعدَ من نزلوا متأخرين وراحوا يبحثون عن موعد مؤجل أو محاولة أخرى لتدارك ما فات.
ووفقا للناشر، يصر داغر على الصوت في الكتابة، كأنه آخر ما سيتبقى من الحروفِ يوماً، وقد كان هيئة الكلمات الأولى، والتي من دونها راحَ الشاعر يرسم خريطته من الذكريات، والأيام البعيدة، والصُّدف والطفولات.
في قصيدة "بين طفل وشاعر" يكتب شربل داغر:

شربل داغر
مثل فراشة تتسارع صوب الضوء

يمدُّ الطفل أصبعه إلى حجر مثل نحّات
أو إلهٍ يفكّر في صُورِ مخلوقاته...
يمدُّ الشاعر لسانه إلى ألفاظ، فلا يجدها
بل يجدُ غيرها
ممّا يرتق به فتوقًا
بين عبارة وفجوة.
كأن القصائد في الكتاب دروس متأخرة، نسيها الطفل وكوَّم في مكانها الشاغرِ الشاعر أسئلته وهواجسَه، مكتفيا بهواء عابر ووقتٍ يتذوقه على مهل، وما يعلقه على الجدار "مثل فراشة تتسارع صوب الضوء"، حتى تكاد لا تخلو قصيدة من قصائد الكتاب، من الكتابة عن الكتابة. كحالةٍ ماثلة في مرآةٍ يرى من خلاها شربل داغر ذاته، وقد انعكست في مرايا أخرى، لكلِّ واحدةٍ شاعرها وصورته الوحيدة المتعدِّدة.
الكتابة حالة تجرّد عند داغر، كما تعكسه هذه الصورة في قصيدة "ثيابنا المعلَّقة":
ثيابُنا، حياتنا التالفة
تمدُّنا بحيواتٍ جديدة
بهيئات
من دون أن تكون أقنعة لنا
في عرينا المقيم.
قصائدُ شربل داغر تلامسُ بنفَسٍ حداثي ووعي إبداعي راكمته التجربة، معالمَ وفضاءاتٍ خاصة وحميمة، من المدينة إلى القرية، ومن المقهى إلى الغرفة، ومن الشجرة إلى العصفور، وإلى حيثُ تمضي الأشياء في جوٍّ مشحون بلغةٍ تتدفَّق كنهرٍ يصل بين ضفَّتيْن في حلمٍ طويل، كما تجتمعُ في آخر المطاف دفتا كتاب.
شربل داغر شاعر وروائي وناقد وأستاذ جامعي من لبنان، مواليد 1950، عمل في الصحافة في بيروت وباريس ولندن، ونشر في عدة دوريات دولية. أصدر داغر أكثر من خمسين كتابًا، بالعربية والفرنسية، منها كتب شعرية وروائية، كما ترجم أعمالاً أجنبية من الشعر والرواية إلى العربية. وله كتب بحثية عديدة في درس الشعر العربي، وفي الفنون الإسلامية والفنون العربية الحديثة وغيرها.