شهران يفصلان الجزائريين عن إجراء استفتاء على الدستور

تعديل الدستور الذي وضعه بوتفليقة بهدف احتكار كل صلاحيات السلطة التنفيذية في يده، كان من أبرز الوعود الانتخابية لعبدالمجيد تبون.
الحراك الشعبي طالب بمؤسسات انتقالية تكلف إعداد دستور جديد وليس تعديل الدستور القديم
حكم جديد بالسجن على الصحافي الجزائري عبدالكريم زغيلاش

الجزائر - أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان، الاثنين، أن موعد إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعلن الرئيس عبد المجيد تبون تعديله، سيكون الأول من تشرين الثاني/نوفمبر.
وجاء في بيان بثه التلفزيون الحكومي "في ضوء مشاورات السيد رئيس الجمهورية مع الجهات المعنية، تقرر تحديد تاريخ أول نوفمبر 2020 القادم موعدا للاستفتاء على مشروع الدستور".
وجاء الاعلان عقب لقاء بين الرئيس تبون ورئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي "الذي قدم له عرضا عن الاستعدادات الجارية لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المبرمجة، بدءا بالاستفتاء على مشروع تعديل الدستور" بحسب البيان الرئاسي.
وتعديل الدستور الذي وضعه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بهدف احتكار كل صلاحيات السلطة التنفيذية في يده، كان من أبرز الوعود الانتخابية لعبدالمجيد تبون.
ووعد الرئيس المنتخب في 12 كانون الأول/ديسمبر بتعديل "عميق" للدستور يقلّص من صلاحياته ويؤسس لبناء "جمهورية جديدة".
وفي كانون الثاني/يناير، شكل عبد المجيد تبون لجنة خبراء في القانون كلّفها إعداد مسودة يتم عرضها للمشاورات العامة ومناقشة البرلمان ثم للاستفتاء العام.
وانتهت هذه اللجنة من عملها وأعدت مجموعة اقتراحات قدمتها لرئيس الجمهورية في 26 آذار/مارس، لكن انتشار وباء كوفيد-19 أخر الإعلان عنها إلى السابع من أيار/مايو.
وتضمن تقرير اللجنة 73 اقتراحا مقسمة على ستة محاور، منها "تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها"، أي تلك التي تخص صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان.
ورفض ناشطو الحراك الشعبي وبعض أحزاب المعارضة المشاركة في هذه المشاورات، وطالبوا بمؤسسات انتقالية تكلف إعداد دستور جديد وليس تعديل "دستور بوتفليقة".
وياتي الاعلان عن موعد الاستفتاء في ظل اتهامات من قبل الحراك للحكومة باستهداف الصحفيين والناشطين.
وحكمت محكمة في قسنطينة في شمال شرق الجزائر الإثنين بالسجن عامين مع النفاذ على الصحافي والناشط من أجل الديموقراطية عبد الكريم زغيلاش لإدانته بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية" و"إهانة رئيس الجمهورية"، بحسب ما أفاد أحد محاميه.
وصدر الحكم القاسي في ظل حملة قمع تستهدف الصحافيين والمدونين وناشطي الحراك المناهض للسلطة الذي هز الجزائر لمدة عام قبل أن يتوقّف بسبب وباء كوفيد-19.
وبالنسبة لمنظمة "مراسلون بلا حدود" فإنه "مهما كانت النشاطات السياسية لعبد الكريم زغيلاش فإن الحكم عليه بعامين سجنا مع النفاذ يؤكد الانحراف نحو الحكم الشمولي للسلطة الجزائرية".
ويؤخذ على زغيلاش المعتقل منذ 24 حزيران/يونيو نشر تعليقات على فيسبوك تدعو إلى تشكيل حزب سياسي جديد.
وقال المحامي جمال عيسوان "الآن، ما أن يتكلم جمع المعارضين الجزائريين حتى تلصق بهم تهمة المساس بالوحدة الوطنية للزج بهم في السجن".
وتابع أنه "حكم على عبد الكريم زغيلاش بالسجن عامين مع النفاذ وبدفع غرامة قدرها مئة ألف دينار (660 يورو)" مضيفا "الملف فارغ وسنستأنف" الحكم.
وكان النائب العام في قسنطينة طلب إنزال عقوبة السجن ثلاث سنوات بحق زغيلاش، وهو مدير إذاعة "سارباكان" التي تبث على الإنترنت .
وأوقفت محكمة قسنطينة في 4 آذار/مارس الملاحقات بحق زغيلاش في قضية الدعوة إلى التظاهر ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة مطلع 2019، في حين طلب النائب العام إصدار حكم بالسجن ستة أشهر مع النفاذ بحقه.
واعتبر نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان سعيد صالحي أن "هذا وقت صعب بالنسبة للصحافيين. حكم قاس يُضاف إلى الحكم على خالد درارني وقائمة الصحافيين في السجون".

الصحفيون في الجزائر يعانون من القمع
الصحفيون في الجزائر يعانون من القمع

تهديد للصحافة
وحكم في 10 آب/أغسطس على الصحافي خالد درارني بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ لإدانته بتهمتي "التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية"، عقب تغطيته تظاهرة للحراك في 7 آذار/مارس في العاصمة.
وأثار هذا الحكم صدمة في الجزائر والعالم وأطلق مدافعون عن حقوق الصحافة وداعون إلى حماية الصحافيين حملة دولية تضامنا معه ونظمت تظاهرات مطالبة بإطلاق سراحه في باريس ونيويورك وجنيف.
والاثنين تجمع نحو 150 شخصا --أغلبهم من الصحافيين-- أمام دار الصحافة وسط العاصمة الجزائرية تحت مراقبة الشرطة، من أجل المطالبة بإطلاق سراح زميلهم، بحسب مراسل وكالة فرنس برس.
وردّدوا شعارات "خالد درارني صحافي حرّ" و"حرّروا الصحافة، حرّروا العدالة".
وقال المدير السابق لصحيفة الوطن عمر بلهوشات المشارك في التظاهرة "مكان خالد درارني ليس في السجن بل قاعة التحرير في موقعه (الالكتروني). مكانه مع الصحافيين. من غير المسموح بأن يبقى في السجن اليوم".
من جهة أخرى، رفض القضاء، الاثنين، الافراج الموقت عن المدون الشاب وليد كشيدة أحد ناشطي الحراك الذي أودع الحبس الموقت، وذلك عقب نشره صورا ساخرة "ميمز" تنتقد السلطات والدين الإسلامي، بحسب اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين. وبذلك تم تمديد حبسه أربعة أشهر أخرى.
ويواجه كشيدة، المسجون منذ 27 نيسان/أبريل، عقوبة تصل إلى خمسة أعوام في السجن وغرامة مرتفعة.
واتهم النظام في الأشهر الأخيرة عددا من الصحافيين بزرع الشقاق وتهديد الوحدة الوطنية والعمل لحساب "جهات أجنبية" وأدخل العديد منهم السجن وتجري محاكمة بعضهم.
وعبّر صالحي عن خشيته أنه "رغم التضامن الواسع المحلي والدولي لدعم الصحافيين المسجونين بأحكام قاسية، فان الحكم الصادر اليوم يبدو كرسالة تهديد ضد الصحافة الحرة والصحافيين المستقلين وكل صوت معارض".
وصنفت الجزائر في المرتبة 146 من أصل 180 في الترتيب العالمي لحرية الصحافة للعام 2020 الذي تضعه منظمة "مراسلون بلا حدود"، بتراجع 27 مرتبة عن العام 2015.