'صدح العتبات وبوح الدلالات' للناقد المصري حافظ المغربي

الكتاب يدرس دواوين الشعراء: حسن الزهراني، عبد العزيز سعود البابطين، سهل بن عبد الكريم، وطلال الجنيبي.

صدر كتاب نقدي حمل عنوان "صدح العتبات وبوح الدلالات" للناقد المصري الدكتور حافظ المغربي عن مؤسسة صهيل الأدبية، ويدرس في كتابه دواوين الشعراء: حسن الزهراني، عبد العزيز سعود البابطين، سهل بن عبد الكريم، وطلال الجنيبي.

حيث تَعِدُ صفحات هذا الكتاب الذي يقدمه الباحث للمتلقي العربي؛ بحمل رؤية يتغيَّا فيها الأمل بحمل رؤية حول خطاب عتبات النصوص بوصفها نصوصاً موازية تحفُّ النصوص الأدبيَّة كما تحفُّ الروح الجسد؛ إذ لا حياة للجسد/النصوص بلا روح تبعث فيه الحياةَ معنىً ودلالاتٍ بِكْراً، من خلال المسكوت عنه الثَّاوي البعيد في نسغ هذه النصوص، من خلال فقه تأويلها؛ عبر إدهاشٍ في التأويل، يكسر أفق توقع المتلقي وانتظاره؛ عبر مفارقة بين كلٍّ من نصوص تحملها ما يمكن أن نسميها بـ"شعريَّة البساطة" التي لا تفارق في تلقائيتها المتمكنة من النصّ رؤيةً وأداةً التَّمكن من شعريَّة ما يجعل النص شعرياً خالصاً للشعريَّة، وبين " الغموض الشَّفيف"؛ عبر خيال غير قريب المأتى مبذولاً لمتلقٍ كسول، ومبدعٍ متهاون.

ويقول الناقد في مقدمة كتابه، الحديث عن عتبات النصوص-التي جعلها جيرار جينيت منجم أسئلة بلا أجوبة لمتلقٍ واعٍ ومسلَّح بذرائع التأويل- حديث ذو شجون؛ إذ ما أكثر الحديث من خلال مئات الأبحاث التي قُدِّمت حول خطاب العتبات وظلالها التي تتغلغل – بل يجب أن تتغلغل- في جسد النصوص، لتكشف شيئاً – بل أشياء- من المسكوت عنه في مناطق كانت معتمةً في نسغ هذه النصوص، وتقدمها لآلئ ثمينة من الدلالات التي تحيي النصوص، على مستوى الموقف رؤيةً والتشكيل جمالياً اسطتيقياً.

وفي سبيل نبل الغايات التي تحملها الرؤية السابقة؛ حاول الباحث من خلال فصول هذا الكتاب الأربعة لأربعة شعراء يتباين إبداعهم بين "شعرية البساطة" و"شعرية الغموض الشفيف" التي وصفها فرلين بأنها أشبه بعيونٍ جميلة تَشِفُّ من تحت نقابٍ-؛ حاول أن تغطي قراءته النقديَّة وتأويله الطامح الواعد كثيراً من العتبات التي لم يكثر تناوله في بحوثٍ سبقته فعدا "عتبة العنوان والعناوين الفرعيَّة" و"عتبة اسم المؤلف"؛ وقف الباحث عند عتبات مثل: "عتبة الغلاف الأمامي والخلفي" يستقرئ سطحهما وجوَّانيتهما معاً بصحبة عتبات أخر باترة على صفحتيهما مثل: "عتبة اللوحة التشكيليَّة" و "عتبة بنط الخط" و"عتبة الألوان والأشكال" و "عتبة بيانات النشر" و "عتبة الإهداء" و "عتبة الإهداء الخاص" و"عتبة المطلع" و "عتبة ما كُتِبَ حول الشاعر" وهلمَّ جرا.

وقد حاول الباحث من خلال صَدْح عتباته أن يستنطقها بوحاً بما مظنته أو مظنة بعضه بوحاً ببكارة الدلالات أن تتعدد حمولات هذه العتبات من خلال نظريات ومنهجيات ومواضيع متباينة؛ فربط بين ظلال العتبات وتشكلات الصورة في بلاغتنا الحديثة: كالمفارقة التصويريَّة وتراسل الحواس والتجسيم والتشخيص والتجريد والتناص، وبين نظرية التلقي إدهاشاً وكسراً لأفق التوقع، ومنهجيةٍ أسلوبية وبنيوية وتداوليَّة، واختار من حيث المضمون مواضيع جديدة تربطها بظلال العتبات تفجيراً بالدلالة، وهو أمرُ تنطق به عناوين الفصول الأربعة وشعراؤها.

وكان عنوان الفصل الأول " بلاغة المسكوت عنه في العتبات المتناسلة: في ديوان "هاتِ البقيَّة" لحسن الزهراني"، وكان عنوان الفصل الثاني: بوح البوادي والسفر في غناء القفار والفيافي: قراءة بالعتبات في شعر عبد العزيز سعود البابطين"، وحمل الفصل الثالث عنوان:"أنثوية العتبات و شعرية البساطة في شعر سهل بن عبد الكريم"، وجاء الفصل الرابع والأخير بعنوان:"خطاب العتبات وظلال التصوف بين الروح والجسد: في ديوان (تهفو إليك) لطلال الجنيبي.

ولعلَّ من تمام نبل مقصد هذا الكتاب، نيَّة الباحث أن ينفتح – ناقداً وبلاغياً- على محيطه العربي، قراءةً لنتاج شعراء خليجيين أشقاء متبايني الطرح الشعري؛ تكاملاً  في الرؤية والمقصد، وهم: الشاعران السعوديان حسن الزهراني وسهل بن عبد الكريم (الذي يعد اكتشافاً في بحث يقدَّم عنه لأول مرة في تاريخه الشعري)، والشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين، والشاعر الإماراتي د.طلال سعيد الجنيبي، الذي آثرنا أن نقرأ نتاجه في ديوانه "تهفو إليكَ" وفق الخطاب الشعري الصوفي، وفق ما نزعمه بكارةً في الطرح.