صراع أجنحة داخل العدالة والتنمية المغربي

الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية تصوت في مجلس النواب المغربي ضد اتفاقيتين مع إسرائيل، فيما كان رئيس الحكومة والأمين العام السابق للحزب الإسلامي هو من وقع اتفاق استئناف العلاقات مع تل أبيب في نهاية العام الماضي.

الرباط - سلط تصويت كتلة حزب العدالة والتنمية المغربي أمس الاثنين في مجلس النواب المغربي ضد اتفاقيتين وقعتهما الرباط مع إسرائيل في عهد الحكومة السابقة بقيادة سعدالدين العثماني، الضوء على صراع أجنحة داخل الحزب الإسلامي وسط مساع لتصدير أزمة داخلية برزت بعد توقيع الاتفاقيتين في فبراير/شباط الماضي.    

وتتعلق الاتفاقيتان بمشروع قانون يوافق بموجبه على الاتفاق بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب وإسرائيل ومشروع قانون ثان يوافق بموجبه على الاتفاق بشأن الخدمات الجوية بين الرباط وتل أبيب موقع في 11 أغسطس/اب 2021.

وتم أمس الاثنين المصادقة على الاتفاقيتين بعد أن صوت 167 نائبا لصالحهما مقابل معارضة 15 نائبا فقط، بينهم نواب العدالة والتنمية، بينما كان موقف كتلة حزب العدالة والتنمية (معارض) لافتا ومستغربا في آن على اعتبار أن الحكومة السابقة التي قادها الإسلاميون كانت قد وقعت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي برئاسة العثماني اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل.

ويكابد الحزب الإسلامي منذ النكسة الانتخابية التي أخرجته من الحكم بهزيمة مذلة، لإعادة ترتيب بيته الداخلي، مبررا تصويت كتلته النيابية ضد الاتفاقيتين مع إسرائيل بأن رئيس الحكومة السابقة كان طرفا ممثلا للدولة أما الآن في الحزب في المعارضة.

وهذا التناقض في مواقف العدالة والتنمية يسلط الضوء على حجم الإرباك الذي يعيشه منذ الهزيمة الانتخابية الأخيرة ومنذ عودة عبدالاله بنكيران على رأس الأمانة العامة للحزب كما يكشف صراع الأجنحة بين الإسلاميين.

ونقل موقع 'هسبريس' الاخباري المغربي عن مصدر من حزب العدالة والتنمية قوله، إن الحزب اليوم في المعارضة وقد تحرر من إكراهات العمل الحكومي.

لكن مصدرا آخر من الحزب أكد أن تصويت الكتلة النيابية لـ 'البيجيدي' ضد الاتفاقيتين "يأتي من أجل تجنب نشوب خلافات داخلية جديدة"، مذكرا بأن العثماني حين وقع اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل تعرض لانتقادات حادة داخل الحزب.

وكانت المملكة قد أكدت في أكثر من مناسبة أن استئناف العلاقات مع إسرائيل التي كانت مجمدة منذ العام 2002، لن يكون على حساب نضالات الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مجددة تأكيدها على ثبات الموقف المغربي الداعم للحقوق الفلسطينية.

وكانت الخارجية المغربية قد نددت بالسياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين واستنكرت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.

والمغرب هو رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل خلال العام 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان، فيما ترتبط مصر والأردن باتفاقيتي سلام مع إسرائيل منذ 1979 و1994 على التوالي.

ويعتقد أن حزب 'المصباح' أو 'البيجيدي' وهي التسمية المختصرة للعدالة والتنمية، يحاول إثارة سجالات سياسية من خلال رفض المصادقة على الاتفاقيتين مع إسرائيل والحال أن حكومة العثماني السابقة كانت هي من وقع اتفاق استئناف العلاقات مع تل أبيب، من أجل تصدير أزمته واستقطاب شق من الرافضين للتطبيع.

وصادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان) أمس الإثنين على الاتفاقيتين مع إسرائيل وتتعلقان بالتعاون الاقتصادي والخدمات الجوية، ضمن مسار استكمال تعزيز العلاقات.

وعقد جلسة عامة للمصادقة على مشاريع النصوص التشريعية الجاهزة ومن بينها الاتفاقيتان مع إسرائيل.

وتتعلق الاتفاقية الأولى بالتعاون الاقتصادي والتجاري وتنصّ على تيسير المشاركة في المعارض التجارية والتظاهرات الاقتصادية التي تعقد في البلدين.

وتتعلق الاتفاقية الثانية بالخدمات الجوية وتشمل "الإعفاء المتبادل من الرسوم الجمركية ومصاريف التفتيش والضرائب التي لا تتعلق بتكلفة الخدمات المقدمة على متن الطائرة".

وفي حال تصديق غرفتي البرلمان (النواب والمستشارين)، ينشر الخبر في الجريدة الرسمية، لتدخلا حيّز التنفيذ كأول اتفاقيتين بين المغرب وإسرائيل تحالان إلى البرلمان.

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد توقفها عام 2000 إثر تجميد الرباط العلاقات جرّاء اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.