نتائج انتخابات فرنسا تنذر بأزمة علاقات مع الجزائر

صحيفة 'لوموند' الفرنسية تتوقع دخول العلاقات بين الجزائر وباريس، في حال صعود حزب مارين لوبان إلى الحكم، في نفق يصعب الخروج منه.

الجزائر – تنظر الجزائر بقلق إلى التحولات في المشهد السياسي في فرنسا، خاصة مع اقتراب اليمين المتطرف من حسم المعركة الانتخابية والوصول إلى السلطة وفي ظل تصلب مواقف قادته بشأن مجموعة من الملفات الشائكة بين البلدين. 
وحذّرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال مطول لها الأحد من مزيد توتر العلاقة بين باريس والجزائر على خلفية الفجوة الثلاثية المتمحورة حول الهجرة والذاكرة وقضية الصحراء المغربية، ما من شأنه أن يغرق الطرفين في أزمات جديدة. 
وتوقّع كاتب المقال فريديريك بوبين أن تدخل العلاقات الثنائية بين البلدين في حال صعود حزب مارين لوبان إلى الحكم في نفق يصعب الخروج منه، منبها من إعادة إحياء الجرح في ملف الذاكرة خصوصا وأن الحزب لا يزال يتمتع بشعبية قوية في الجنوب الفرنسي معقل "الأقدام السوداء" والذين مازالوا يطالبون بطرد عائلات جزائرية من منازلها وتسليم هذه البيوت لهم.
ويُعرف اليمين المتطرف بمواقفه الرافضة لكافة مساعي "مصالحة الذاكرة" التي تشتغل عليها باريس والجزائر منذ 2020 والتي واجهت جملة من الانتقادات وتحديدا تقرير المؤرخ بنيامين ستورا الذي أعده في 2021 ورفعه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. 
وتتركز المخاوف حول التهديدات المتوقعة لمستقبل اللجنة الفرنسية الجزائرية للمؤرخين التي تعمل على تبادل الأرشيف الرقمي واستعادة الممتلكات الجزائرية منها سيوف وأغراض خاصة للأمير عبدالقادر.
 في جانب آخر، أشار تقرير الصحيفة الفرنسية إلى أن ملف الهجرة سيكون على رأس الأولويات لحكومة التجمع الوطني المحتملة بقيادة الشاب جوران بارديلا.
ويعتزم حزب لوبان الضغط على تحفظات الجزائر من خلال طلب إعادة النظر في اتفاقية 1968 التي تمنح الجزائريين نظامًا استثنائيًا عن القانون العام للأجانب فيما يتعلق بالتنقل والإقامة والعمل على الأراضي الفرنسية والتي كانت باقتراح من الدبلوماسي وسفير باريس السابق كزافييه دريانكور الذي كان صرّح علنا بأن باريس كانت ساذجة في تعاملها مع القادة الجزائريين الذين حسب قوله "لا يفهمون سوى منطق القوة".
ورغم نفيه بشدة كونه يعمل مستشارا للحزب اليميني بشأن الجزائر والتقى بعد تقاعده في عام 2022 بزعيمة الحزب لوبان مرة واحدة وجوردان بارديلا مرتين إلا أن اسمه يتردد كوزير محتمل للشؤون الخارجية في حكومة التجمع الوطني. 
ومن الملفات الشائكة والتي من شأنها أن تسمم العلاقات الثنائية بين البلدين قضية الصحراء المغربية حيث من المرجح أن يستخدمها التيار اليميني كورقة ضغط خاصة وأنه سبق للوبان أن عبرت عام 2022 عن موقفها الداعم للمغرب في هذه القضية، وهو موقف عبّر عنه لسنوات تيري مارياني النائب الأوروبي المدعوم من التجمع الوطني وكذلك إريك سيوتي الشريك الجديد للحزب اليميني المتطرف، وهو ما سيتسبب في تحول راديكالي في الموقف الفرنسي المتوازن حتى الآن في هذه القضية، وفق صحيفة "لوموند".
ولطالما أثارت تصريحات الشخصيات البارزة في حزب التجمع الوطني قلقاً كبيراً، إلا أن مراقبين يرون أن العلاقات الجزائرية الفرنسية يمكن أن تكون أكثر وضوحا، خاصة وأن الجزائر يمكنها التكيف جيدًا مع شريك من اليمين الشعبوي المتطرف والمعادي للأجانب.
وقال مصدر دبلوماسي للصحيفة "بشكل متناقض قد يكون من الأسهل على الجزائر التعامل مع حكومة يمينية متطرفة في باريس، لأن الأمور ستكون أكثر وضوحا وصراحة، كما هو الحال في علاقتها الممتازة مع إيطاليا بقيادة اليمينية جورجيا ميلوني."
وخلال حملتها الرئاسية لعام 2022، كانت مارين لوبان قد أكدت "بمجرد انتخابي سأتخذ خطابا واضحا تجاه الجزائر وأعتقد أن بلدينا لديهما الكثير ليكسباه من ذلك".