صفقة الإفراج عن برانسون تطلق يد اردوغان في شمال سوريا

الرئيس التركي يتوعد بتحويل خنادق يحفرها المسلحون الأكراد في سوريا حول مدينة منبج إلى قبور لهم في تصعيد يأتي بعد صفقة سرية مع واشنطن تنهي احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون مقابل تخفيف الضغوط الاقتصادية على تركيا و"حرية" التحرك التركي ضد الوحدات الكردية في الشمال السوري.

واشنطن ساعدت قبل فترة أكراد سوريا على حفر خنادق حول منبج
تعثر تنفيذ خارطة طريق منبج سرّع الإفراج عن القس الأميركي
اردوغان فتح أكثر من جبهة مواجهة ارتدت أزمة اقتصادية في تركيا

الأناضول (تركيا) - توعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم الجمعة بتحويل خنادق يحفرها المسلحون الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة حول مدينة منبج السورية، إلى قبور لهم.

وجاءت تهديدات اردوغان بعيد إعلان محكمة تركية الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون ضمن صفقة سرية بين أنقرة وواشنطن تتيح تخفيف الضغوط الاقتصادية الأميركية على تركيا وفي إطار مساومة أيضا حول الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تصنفها الحكومة التركية تنظيما "إرهابيا".

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان

وأثار احتجاز القس الأميركي في تركيا ثم وضعه في الإقامة الجبرية أزمة دبلوماسية بين أنقرة وواشنطن ودفع الأخيرة لفرض عقوبات على مسؤولين أتراكا وتكثيف تسليح المقاتلين الأكراد في سوريا وتزويدهم بمعدات متطورة تساعدهم في حفر خنادق حول منبج.

وكانت وكالة الأناضول التركية الموالية للحكومة قد نشرت قبل أيام تقريرا أشارت فيه إلى أن واشنطن قدمت أسلحة ومعدات حفر للوحدات الكردية التي تقيم خنادق حول منبج.

ودعت الرئاسة التركية في وقت سابق واشنطن لتطبيق اتفاق منبج الذي ينص على تسيير دوريات مشتركة أميركية تركية في المدينة وإخراج المسلحين الأكراد منها.

وتعثر تنفيذ هذا الاتفاق في الفترة الماضية بسبب تمسك تركيا بعدم الإفراج عن القس الأميركي، لكن أنقرة خضعت أخيرا للضغوط الأميركية للحفاظ على مصالحها في سوريا من جهة ولتخفيف الضغط على عملتها الوطنية التي انهارت قيمتها في الأشهر القليلة الماضية إلى أدنى مستوى لها وتفاقمت أزمتها مع فرض واشنطن رسوما جمركية قاسية على الواردات من تركيا.

وشكّلت صفقة الإفراج عن القس برانسون على ما يبدو ضوء أخضر لتركيا للتصعيد ضد المسلحين الأكراد في سوريا.

وسبق أن اشتكت الإدارة الذاتية للأكراد في سوريا من خذلان واشنطن والتحالف الدولي لها حين هاجمت القوات التركية وفصائل سورية موالية لأنقرة، مدينة عفرين وتركت المسلحين الأكراد يواجهون مصيرهم في مواجهة الهجوم التركي العنيف الذي انتهى بطرد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية منها والتي يشكل الأكراد عمودها الفقري.

الدعم الأميركي للوحدات الكردية يثير قلق تركي
الدعم الأميركي للوحدات الكردية يثير قلق تركي

وقال اردوغان اليوم الجمعة إن الخنادق لن تمنع الجيش التركي من الدخول إلى منبج (شمال سوريا). وتنتشر في المدينة السورية قوات أميركية كانت تساعد قوات سوريا الديمقراطية في معاركها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وأكد على مواصلة قوات بلاده القضاء على من وصفهم بالإرهابيين في كل المناطق الجغرافية الوعرة من جرابلس والباب ومرورا بعفرين (منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون) ووصولا إلى شمالي العراق.

وتطرق الرئيس التركي إلى خارطة الطريق حول منبج قائلا "وعدونا بمغادرة إرهابيي ي ب ك منطقة منبج خلال 90 يوما ولم يوفوا بالوعد وبدورنا سنقوم باللازم".

ويبدو أن تركيا استثمرت جيدا في قضية احتجاز القس الأميركي للضغط على واشنطن لوقف دعمها للمسلحين الأكراد في سوريا الذين شكلوا إلى وقت قريب رأس الحرب في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وفاوضت أنقرة مرارا الولايات المتحدة لإخراج الوحدات الكردية من منبج وحصلت على موافقة من وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون الذي أقيل من منصبه بعدها بوقت قصير.

وأعادت التفاوض مع خليفته مايك بومبيو وتوصلت لاتفاق يقضي بتسيير دوريات مشتركة في منبج، لكن التوتر الأخير على خلفية محاكمة تركيا للقس برانسون أعادت خلط الأوراق من جديد.

وفتح الرئيس التركي أكثر من جبهة مواجهة بما فيها تلك المتعلقة بقضية برانسون مسقطا من حساباته إلى أي مدى يمكن أن يذهب التصعيد الأميركي لحل هذه القضية خاصة أنها تشكل بالنسبة للرئيس الأميركي دعامة انتخابية.

وفي النهاية اضطر اردوغان لإنهاء هذا الملف تحت وطأة الأزمة الاقتصادية وحفاظا على مصالحه في سوريا.