صفقة روسية للتطبيع بين دمشق وأنقرة يدفع الأكراد ثمنها

موسكو تبدي كما المبعوث الأممي إلى سوريا تفهما لعزم تركيا شنّ عملية عسكرية ضد الأكراد شرقي الفرات في تصريحات تفوح منها رائحة صفقة تطبخها روسيا للتطبيع بين دمشق وأنقرة.

روسيا تدعم إطلاق "تفاعل" بين تركيا والنظام السوري
روسيا استقطبت تركيا مستفيدة من خلافات واشنطن وأنقرة
الوسيط الأممي يبدي تفهما لعزم تركيا شن عملية عسكرية ضد الأكراد
التقارب الروسي التركي يؤسس لتفاهمات بين أنقرة ودمشق
تركيا خففت من لهجتها الحادة تجاه النظام السوري بطلب من موسكو

سوتشي - تفوح من تصريحات روسية وأممية متزامنة رائحة صفقة محتملة بين النظام السوري وتركيا بوساطة موسكو تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، حيث أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الأربعاء عن تأييد موسكو لإطلاق "تفاعل" بين أنقرة ودمشق بشأن عزم القوات التركية شن عملية شرق الفرات.

وفي الوقت ذاته أبدى المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون تفهما لعزم تركيا شنّ عملية عسكرية شرقي الفرات، مؤكدا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار "مخاوف أنقرة المشروعة".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدد بتنفيذ العملية العسكرية لإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا بعد أن تعثر تنفيذ هذه الخطوة بالتنسيق مع واشنطن التي تدعم أكراد سوريا بالتدريب والسلاح.

تركيا تعتزم شنّ عملية عسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا
تركيا تعتزم شنّ عملية عسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا

واتهم أردوغان في تصريحات سابقة الولايات المتحدة بأنها تدفع لإنشاء منطقة آمنة للأكراد التي تصنفهم أنقرة كتنظيمات إرهابية.

وتشير هذه التطورات مجتمعة إلى أن موسكو استثمرت الخلافات الأميركية التركية لجرّ أنقرة إلى معسكرها بإغراءات اقتصادية وعسكرية ودفعها دفعا لتغيير موقفها من نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وخففت أنقرة في الأشهر الماضية من لهجة عدائها لدمشق في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة السورية أنها عازمة على تحرير كل شبر من أراضيها بما فيها تلك التي يسيطر عليها الأكراد الذين أقاموا إدارة للحكم الذاتي، مستفيدين من الدعم الأميركي.   

وقال لافروف في الاجتماع السنوي السادس عشر لنادي "فالداي" للحوار في مدينة سوتشي الروسية "نعتقد أن الأطراف المعنية بالأزمة السورية يمكن أن تتفق ونحن سنقدم المساعدة بكل الطرق".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تريد حدوث تعاون بين تركيا وسوريا وتحاول السيطرة على الوضع المتعلق بالحدود. كما لفت إلى أن واشنطن لا تحترم وحدة الأراضي السورية، ولا تراعي المخاوف المشروعة لتركيا بخصوص أمن الحدود.

وأكد أن بلاده لن تتخلى عن تواجدها العسكري في سوريا، مضيفا "سنستخدم وجودنا العسكري في سوريا فقط لضمان السلام والأمن في البلاد والمنطقة".

ولفت لافروف إلى أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يستخدم العامل الكردي في سوريا لحل مشاكله الجيوسياسية.

أكراد سوريا يحتجون على تشكيلة اللجنة الدستورية
أكراد سوريا يحتجون على تشكيلة اللجنة الدستورية

ويبدو أن دمشق وموسكو غيرتا أولوياتهما من التحضير لعملية عسكرية واسعة في ادلب المشمولة باتفاق خفض التصعيد والتي تقيم فيها تركيا نقاط مراقبة، إلى تكتيك يمنح تركيا الضوء الأخضر لضرب الأكراد فتتخلص دمشق من الوحدات الكردية وتنهي سيطرتهم على شمال سوريا وربما تلجأ في وقت لاحق لإنهاء الوجود العسكري التركي بالتنسيق مع موسكو.

وقد تذهب أنقرة إلى أبعد من ذلك بإعادة تطبيع العلاقات مع دمشق، إلا أن هذا الأمر يبدو مستبعد في الأجل القريب.

وقال لافروف "الولايات المتحدة داخل لعبة خطيرة للغاية في شرق الفرات. هدفهم هو عزل هذه المنطقة عن سوريا"، متهما واشنطن بـ"محاولة استخدام الأكراد لإنشاء شبه دولة شرق الفرات".

وقال إن "الولايات المتحدة تحاول نقل الأكراد إلى المناطق العربية لتعزيز موقعهم في المنطقة".

وفي تصريحات متطابقة مع تصريحات لافروف، تطرق المتحدث باسم الكرملين (الرئاسة الروسية) دميتري بيسكوف إلى عزم تركيا شن عملية على شرق الفرات قائلا "نتابع هذا التطور عن كثب".

وأضاف أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال عدة مرات إن لتركيا الحق الشرعي في حماية أراضيها من العناصر الإرهابية"، في إشارة إلى التنظيمات الكردية التي تصنفها أنقرة تنظيمات "إرهابية".

وتزامنت التصريحات الروسية مع أخرى في السياق ذاته أدلى بها الممثل الخاص للأمم المتحدة في سوريا جير بيدرسون، تحدث فيها عن ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا "المشروعة" في احتمالية قيامها بعملية عسكرية شرقي الفرات.

جير بيدرسون يتفهم المخاوف التركية "المشروعة" من النفوذ الكردي
جير بيدرسون يتفهم المخاوف التركية "المشروعة" من النفوذ الكردي

وتحدث بيدرسون على أهمية الجهود التي تبذلها كل من تركيا وروسيا وإيران حول تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا.

وقال إن اللجنة الدستورية ستعقد اجتماعها الأول في 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في جنيف، مضيفا أنها ستعمل على زيادة الثقة وفتح الباب لعملية سياسية أوسع في سوريا عبر وساطتها بين مختلف الأطراف السورية.

وأضاف أن اللجنة الدستورية ستساعد أيضا في إعلان وقف كبير لإطلاق النار في البلاد.

وأشار إلى أن اللجنة الدستورية المؤلفة من 50 ممثل للنظام السوري و50 ممثل للمعارضة و50 ممثل لمنظمات مجتمع مدنية، لافتا إلى أن اللجنة تعتبر فرصة مهمة للجمع بين السوريين.

ولفت أن إعادة كتابة الدستور في سوريا أو إجراء تغييرات على الدستور الحالي ليست من صلاحياته، إنما هي من قرارات اللجنة المؤلفة من 150 شخص.

ورد بيدرسون على سؤال حول إمكانية عدم إشراك الأكراد ضمن اللجنة، قال "الأكراد السوريون هم ضمن اللجنة كما أن جميع الأعراق الأخرى والمكونات الدينية والفكرية تدخل ضمن اللجنة".

وأعرب عن قلقه بشأن المنطقة التي تتواجد فيها الجماعات الكردية شرقي الفرات، مؤكدا على ضرورة حل مشكلات المنطقة مع مراعاة وحدة التراب السوري واحترام كافة المجموعات العرقية فيها.