صفقة لتقاسم السلطة تنهي الجمود السياسي في إسرائيل

الرئيس الإسرائيلي يكلف نتنياهو بتشكيل الحكومة بعد أن أقرّ الكنيست اتفاقا بين الأخير و بيني غانتس يقضي بأن يشغل الأول رئاسة الحكومة لـ18 شهرا قبل أن يتخلى عن المنصب لصالح غانتس.
الصفقة بين نتنياهو وغانتس واجهت مجموعة من الطعون
نتنياهو سيكون أول مسؤول إسرائيلي يحاكم بتهم فساد وهو في منصبه
نتنياهو يمثل أمام القضاء بعد أيام قليلة من توليه رئاسة الحكومة
حلفاء غانتس يتهمونه بخيانة الناخبين بعد صفقة تقاسم السلطة مع نتنياهو

القدس - كلّف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة وذلك بعدما أقر النواب الإسرائيليون الاتفاق الذي وقّعه الأخير مع خصمه السابق على تشكيل حكومة وحدة لوضع حد لأطول أزمة سياسية تشهدها إسرائيل.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في بيان أن "كتاب تكليف بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة قد أرسل للتو إلى مكتب رئيس الوزراء كما تم إبلاغ مكتب رئيس الكنيست (البرلمان)".

وجاء ذلك بعيد موافقة البرلمان الإسرائيلي الخميس على تشكيل حكومة وحدة بين رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) ومنافسه السابق بيني غانتس ستؤدي اليمين في 13 مايو/ايار.

وصوت 71 نائبا في البرلمان على اتفاق نتنياهو-غانتس بينما عارضه 31 نائبا لتعلن بعد ذلك الرئاسة الإسرائيلية أن لديها تواقيع 72 نائبا في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا، لصالح حصول نتنياهو على تفويض رسمي لتشكيل الحكومة المقبلة. ويدخل اتفاق الرجلين على تقاسم السلطة حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.

وبعد مناقشات حامية، وافق البرلمان على تشكيل الحكومة الجديدة في خطوة كانت منتظرة بالنظر إلى أن الليكود برئاسة نتنياهو وائتلاف أزرق أبيض برئاسة غانتس، لديهما أكثرية في الكنيست.

وسيؤدي نتنياهو الذي ستستهل الحكومة الجديدة أعمالها برئاسته، اليمين الدستورية في الثالث عشر من مايو/ايار وسيشغل المنصب لمدة 18 شهرا قبل أن يتخلى عنه لصالح غانتس، بموجب الاتفاق.

وواجهت الصفقة بين الرجلين مجموعة من الطعون قدمها معارضون لنتنياهو تحدثوا عن عدم أهليته لترؤس الحكومة بسبب لوائح الاتهام التي يواجهها. كما اعتبروا أن بعض بنود الاتفاقية مخالفة للقانون.

وقضت المحكمة العليا الإسرائيلية مساء الأربعاء بأنه "لا يوجد سبب قانوني لمنع تشكيل الحكومة" بقيادة نتنياهو، مضيفة "إلا أنّ ما خلصنا إليه لا يقلّل من خطورة الاتّهامات الموجّهة لرئيس الوزراء نتنياهو". ومن المقرر أن تبدأ محاكمته في ثلاث قضايا فساد منفصلة في 24 مايو/ايار الجاري.

ويتعين على الحكومة الجديدة إعادة بناء الاقتصاد الذي تضرر نتيجة فيروس كورونا المستجد، كما ستعمل على طرح برنامج لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.

ويرى المحلل السياسي يوهانان بليسنر أن غانتس ونتنياهو لا يثقان بنوايا بعضهما. وقال للصحافيين "لا توجد ثقة، ربما هذه هي السمة الرئيسية لهذا الاتفاق السياسي".

وستركز الحكومة الجديدة في الأشهر الأولى على التعامل مع جائحة كوفيد -19. واتخذت إسرائيل التي سجلت حتى اليوم الخميس أكثر من 16 ألف إصابة و239 وفاة، تدابير وقائية سريعة.

واستدعى تراجع الزيادة اليومية في أعداد الإصابات الجديدة، تخفيف إجراءات الإغلاق، فأعيد فتح المتاجر وأماكن العمل جزئيا بالإضافة إلى بدء عودة تدريجية للمدارس.

وسيكون على الحكومة الإسرائيلية اعتبارا من الأول من يوليو/تموز أن تقرر ما إذا كانت ستمضي في خطتها في ضمّ مستوطنات الضفة الغربية التي تحتلها منذ العام 1967.

وارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50 بالمئة خلال العقد الماضي في عهد نتنياهو المستمر في السلطة منذ العام 2009 دون انقطاع.

ويعيش أكثر من 450 ألف مستوطن إسرائيلي في مئة مستوطنة مقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية. وستمكن الصفقة حكومة نتنياهو أيضا من ضمّ منطقة غور الأردن الإستراتيجية على طول الحدود الأردنية مع الضفة الغربية.

وفي حال أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة، فإنها ستعتبر وبشكل رسمي هذه الأراضي جزءا من أراضيها، فيما يرفض الفلسطينيون هذه الخطوة جملة وتفصيلا ويرون أنها تهدد آمالهم حول دولتهم المستقبلية.

وحذرت الأمم المتحدة وبعض الدول من خطوة ضم أجزاء من الضفة، معتبرة أنها تهدّد عملية إحلال السلام في المنطقة.

ويقول بليسنر إن حكومة نتنياهو-غانتس لن تتمكن خلال الفترة "القصيرة" الممتدة بين يوليو/تموز وموعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني من اتخاذ قرار حول هذا الملف الحساس، مضيفا أنه يتوقع تدابير "محدودة جدا أو هامشية".

وشهدت إسرائيل منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 جمودا سياسيا، إذ أجرت ثلاث عمليات اقتراع متتالية غير حاسمة، إذ لم ينجح ائتلاف أزرق أبيض أو حزب الليكود في تشكيل حكومة جديدة.

وبقي نتنياهو رئيسا للوزراء خلال تلك الفترة على الرغم من مواجهته قضايا فساد ينفيها جميعها. وسيكون أول زعيم إسرائيلي يحاكم وهو في منصبه.

وبعد انتخابات الثاني من مارس/اذار، فاجأ غانتس حلفاءه والطبقة السياسية في إسرائيل بالموافقة على توقيع اتفاق مع نتنياهو وتشكيل حكومة وحدة.

وقال إن دوافعه تنبع من ضرورة توفير حالة من الاستقرار السياسي من أجل إصلاح الأضرار الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كوفيد-19.

وواجه غانتس الذي شغل سابقا رئاسة هيئة الأركان، انتقادات من حلفائه الذين اتهموه بخيانة ناخبيه بعد أن خاضوا حملات سياسية "نظيفة" وتعهدوا بعدم العمل في ظل حكم نتنياهو المتهم بالفساد، لكن غانتس اتفق في نهاية المطاف مع نتنياهو على صفقة لتقاسم السلطة.

ويسمح القانون الإسرائيلي لرؤساء الوزراء في حال كانوا متهمين بالاستمرار في مناصبهم لكن هذا لا ينطبق على الوزراء العاديين. ومن هنا تمسك نتنياهو بأن يرأس الحكومة أولا.

وكتب حليف غانتس السابق يائير لابيد الذي سيصبح زعيم المعارضة في البرلمان الخميس عبر حسابه على تويتر "لم يسبق لقلة قليلة خداع هذا العدد الكبير من الناخبين بهذه الطريقة ولأسباب بائسة جدا". وكان لابيد انتقد ما وصفه بالتركيز المفرط على الحقائب الوزارية.

وقال الأربعاء "هناك أم عزباء لديها أطفال تعيش في شقة مستأجرة فقدت وظيفتها وستكون في الشارع الشهر المقبل" بسبب الوباء، مضيفا "هذا ما يجب أن نتعامل معه وليس أي سياسي يحصل على أي وظيفة".