صناعة السيارات في المغرب تنافس الصين وتتطلع إلى مستوى الهند

في أبريل 2014 أطلق المغرب إستراتيجية التسريع الصناعي وراهن على قطاع صناعة السيارات بهدف إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية، ونجح في ذلك، حيث يحتل المغرب اليوم المرتبة الثالثة عالميا من حيث التنافسية في صناعة السيارات.

الرباط - يشهد قطاع صناعة السيارات بالمغرب تطورا لافتا. وحتى في ظل الجائحة حافظ على مكانته كأول قطاع مصدر في المغرب، وهو يسير بإيقاع متسارع على مستوى التنافسية جعله يقترب من مستوى الصين ويتطلع إلى مستوى الهند.

وللمغرب قصة نجاح في صناعة السيارات، باتت معها أكبر منتج للسيارات في إفريقيا، وثالث أكبر منتج عالميا بعد الصين والهند، بإنتاجها سيارة كل دقيقة ونصف، وفق تصريح لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني.

وبحوالي 251 معملا لصناعة السيارات، توظف أكثر من 160 ألف شخص، تحول المغرب إلى قبلة هامة لشركات السيارات الأوروبية والآسيوية، عبر إقامة نقاط لتصنيع وتجميع المركبات في سوق واعدة.

تبلغ الطاقة الإنتاجية للسيارات في المغرب، 500 ألف سيارة في مصنعي رينو في طنجة والدار البيضاء، بينما تتجه بيجو نحو مضاعفة إنتاجها بالقنيطرة من 100 ألف إلى 200 ألف سيارة هذا العام.

ويتوفر المغرب على 10 منظومات صناعية مرتبطة بصناعة السيارات، تتعلق بالأسلاك الكهربائية والميكانيك والبطاريات والمقاعد وإطارات السيارات، في محاولة لتحقيق منظومة متكاملة تمكن من تصنيع سيارة مغربية بنسبة 100 بالمئة.

الثالثة عالميا

في 23 يونيو الماضي، قال وزير الصناعة والتجارة المغربي حفيظ العلمي، عرض قدمه العلمي أمام لجنة برلمانية بمجلس النواب حول “تقييم مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014 – 2020”، إن بلاده تحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث التنافسية في صناعة السيارات بعد الهند والصين.

وأضاف العلمي: “نعمل على تقوية تنافسية القطاع ونقترب من الصين، بل ينبغي أن نصل إلى مستوى الهند في التنافسية.. ننتج 700 ألف سيارة سنويا، يتم تصدير 90 بالمئة منها، معظمها إلى أوروبا".

ولفت إلى أن “القيمة المضافة للسيارات التي تصنع في المغرب تبلغ 60 بالمئة، ونتمنى في السنوات المقبلة أن نصل إلى 80 بالمئة من القيمة المضافة".

وذكر الوزير المغربي أن عائدات صناعة السيارات على اقتصاد المملكة تبلغ 31.6 مليار درهم (حوالي 3.6 مليارات دولار).

القيمة التصديرية

يرى عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)، أن قطاع صناعة السيارات، “يمكن البلد من أكبر قيمة تصديرية، تتجاوز ضعفي تصدير الفوسفات الذي يعتبر كنزا للاقتصاد المغربي".

وقال الكتاني: “لا تعتبر المسألة فقط بقيمة المداخيل، لكن القيمة المضافة المغربية تصل 60 بالمئة وقد ترتفع إلى 80 بالمئة، وهذا معناه كسب الخبرة أولا".

وتابع: “عشرات الآلاف من المهندسين يشتغلون بالقطاع، وهذا مفتاح كبير لمدارس الهندسة في المغرب، التي أنتجت أطرا جيدة، بدليل أن السيارة المصنعة محليا أكثر جودة مقارنة مع نفس أنواع السيارات المصنعة في آسيا".

نمو متصاعد

بلغت قيمة الصادرات المغربية من السيارات 3.91 مليارات دولار، في الأشهر الـ 5 الأولى من العام الجاري، وفق مكتب الصرف (حكومي).

وقال المكتب في إحصائيات نشرها في 6 يوليو الماضي: “إن صادرات البلد من السيارات نمت بـ 49.5 بالمئة حتى نهاية مايو 2021، مقارنة بنفس الفترة من 2020”.

وزاد: “هذا الارتفاع يُعزى أساسا إلى زيادة حجم مبيعات قطاع التركيب بـ 44 بالمئة، والكابلات بـ 47.4 بالمئة، ولوازم السيارات بـ 41 بالمئة".

البحث العلمي

استثمر المغرب أيضا في مجال البحث العلمي المتعلق بصناعة السيارات. ويلفت الكتاني إلى أنحجم الاستثمارات المغربية في مجال السيارات، دفع البلد إلى إنشاء مختبرات لتطوير هذه الصناعة".

وفي 21 ديسمبر الماضي، كشف المغرب عن نموذج محطة لشحن السيارات الكهربائية تم إنتاجها محليا.

وقالت وزارة الصناعة والتجارة في بيان آنذاك، إن “محطة الشحن، تعد ثمرة مشروع بحث تم تطويره بطلب من صُّناع قطاع السيارات".

ويؤكد الخبير الاقتصادي المغربي المهدي فقير أن “الأمر يتعلق بتحدي رفعه المغرب منذ سنوات، وتمكن من كسبه بفضل التخطيط المسبق والقراءة الجيدة للآفاق”.

وأضاف فقير: “البلد أطلق إستراتيجية التسريع الصناعي في أبريل 2014، وراهن على قطاع صناعة السيارات، بهدف إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية”.

وتابع: “عمل البلد أولا على تأهيل بنياته الأساسية، في مقدمة ذلك توسيعه لميناء طنجة المتوسطي، ليصبح أكبر موانئ إفريقيا ينشد قيادة تجارة القارة”.

خلال السنوات الماضية، وقع المغرب عددا من الاتفاقيات لإنشاء مصانع للسيارات في مناطق مختلفة من البلاد، آخرها اتفاقيتين مع شركتي صناعة الكابلات اليابانيتين يازاكي وسوميتومو لإنشاء أربعة مصانع جديدة للشركتين في المغرب.

الاتفاقيتان وقعتا في 12 يناير الماضي، وستبلغ التكلفة الإجمالية لتشييد المصانع الجديدة، 912 مليون درهم (103 ملايين دولار).

وفي 14 ديسمبر الماضي، وقع بروتوكول اتفاق لإنشاء مصنع أميركي، تبلغ قيمته الاستثمارية 15.5 مليون يورو (18.4 مليون دولار).

وقالت وزارة الصناعة والتجارة المغربية، في بيان آنذاك: “المصنع الجديد سينتج أغشية مقاعد للسيارات، وسيضم مركز تقني وهندسي”.