صناع الدراما المغربية يكشفون أسرار مسلسلاتهم

قضايا اجتماعية متنوعة يتحدث عنها مخرجون مغاربة في هذا الحوار ويطرحون مواضيعا مختلفة تسهم في تثقيف الجمهور وتوسيع فهمهم لمشكلات وتحديات يواجهها المجتمع.

الرباط - تعتبر المسلسلات التلفزيونية التي تعرض ضمن برامج رمضان 2024، وسيلة فعّالة لاستكشاف وطرح قضايا اجتماعية مهمة، وهذا ما يبرزه كل من مسلسل "2 وجوه"، "الشياطين لا تتوب"، "فوق السلك"، و"الجنين"، و"حرير الصابرة"، و"بين لقصور" حيث ينمو كل مسلسل على فكرة مركزية تثير التساؤلات وتحفز التفكير.

ونأخد على سبيل المثال مسلسل "2 وجوه" إذ يقول المخرج المغربي مراد الخودي حول فكرة هذا العمل الدرامي: "جاءت فكرة المسلسل بناء على اقتراح الكاتبة والمنتجة هندة سيقال، من أجل طرح قضايا التسول، وبالضبط حول أب ميسور الحال ولكنه يمتهن التسول، أي يلعب شخصيتين متناقضتين، فأعجبتني الفكرة لأنها كلاسيكية وتخرج عن نمط المسلسلات الدرامية العصرية التي تحوم حول الشركة والعائلة، كما أنها تختلف عن أعمالي السابقة أيضا، وأنا عادة أحب العمل على أن يكون لكل مسلسل لونه الخاص كي يحقق نوعا من الاختلاف".

ويضيف: "دائما عندما أعمل على فكرة فيلم تلفزيوني أو سينمائي أو مسلسل، يكون الهدف الأسمى هو تقديم رسالة ما، ومسلسل ‘2 وجوه’ غايته تحمل في طياتها سؤالا وهو من هو المسؤول عن ظاهرة التسول في المجتمع المغربي؟ إذ ان ظاهرة التسول أصبحت تؤرق المشهد الخارجي، وتشوه المنظر العام، وربما تؤثر على السياحة في المغرب، لماذا؟ لأننا لم نعد نعرف هل الشخص المتسول فعلا محتاج أم أنه يتخذ التسول مهنة؟ فالرسالة هي تحريك المجتمع والمسؤولين من أجل الوقوف على هذه الظاهرة، والحمد لله بعد ثلاثة أيام من عرض المسلسل تلقيت رسالة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لتدارس هذا الموضوع كجهة مسؤولة، وهذا دليل على أن المسلسل بلغ هدفه".

أما عن مسلسل "الشياطين لا تتوب" يقول الممثل والمخرج المغربي حميد زيان عن الغاية التي يأمل أن يستوعبها المشاهد من خلال  الحلقات: "إن موضوع المسلسل يدور حول الرقية الشرعية واستغلالها من قبل بعض المشعوذين وتجار الدين للنصب على الفئة الهشة في المجتمع المغربي، إذ أن انتشار هؤلاء المشعوذين ساهمت فيه وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، حيث أصبحوا نجومًا على جل المواقع الإلكترونية، واستغلوها بشكل صحيح حيث ساعدتهم على التقرب من الفئة البسيطة في المجتمع و مكنتهم من سرقتهم والنصب عليهم، بل الأمر أعقد من هذا، حيث تقام هناك ممارسات جنسية صعبة التصور، وهذا المسلسل هو الأول الذي يناقش هذا الموضوع الخطير، وأتمنى أن ينتبه كتاب الأعمال الدرامية إلى أهمية قصص هؤلاء المشعوذين وتجار الدين الذين يسرقون الناس ويعتدون عليهم، وهذا هو جوهر الرسالة المرجوة من المسلسل".

ويقول المخرج المغربي نبيل بودرقة عن مسلسله "فوق السلك" إن الرسالة المرجوة وراء قصة مسلسله هي أن: "المال لا يمكنه شراء السعادة، وأن الثراء الحقيقي يكمن في القناعة والتفاعل الإنساني والقيم الأخلاقية، إذ إن السعادة لا تأتي من الأموال وإنما من العلاقات الإنسانية الصادقة والقيم الأخلاقية العميقة، فالجانب الاجتماعي الذي أفضله في الأعمال الدرامية هو موضوع الحب، إذ يمكنه أن يكون قوة محركة لتغيير الأوضاع الاجتماعية وحل المشاكل، وقد تجسد هذا الموضوع في الأعمال الدرامية كوسيلة لتوحيد المجتمع وبناء علاقات قوية بين الأفراد".

ويضيف المخرج: "إن المشاهدين يمكنهم التعاطف مع شخصية مصطفى والتفاعل مع تجربته الشخصية والعواطف التي يمر بها، فالأشرار لا يولدون بل يتشكلون بناء على الظروف والتجارب التي يمرون بها، ومصطفى يظهر جوانب إنسانية متعددة تجعل المشاهدين يشعرون بالتعاطف معه، خاصة تجاه علاقته بعائلته وتفاعله مع الظروف الصعبة التي يواجهها".

وفي ما يخص مسلسل "الجنين"، فيوضح المخرج إدريس الروخ كيفية تمكنه من تصوير مسلسله قائلا: "الموضوع الأساسي هو قصة الجنين، الطفل الصغير الذي وجده الحاج الذهبي مرميا أمام باب سوق الخردة، وعندما نضج الجنين وأصبح شابا قرر البحث عن والديه وسبب تخليهما عنه منذ ولادته. وهذا الموضوع صعب ومهم، بالإضافة إلى ذلك يتناول المسلسل أيضا موضوع سوق خردة السيارات، حيث يحتوي على العديد من العناصر والتفاصيل المعقدة، وفي هذه الطبقة نحن بحاجة إلى التعرف على الأشخاص الذين يعملون فيها عن كثب، ونسرد قصصهم ومشاكلهم وهمومهم، ونستكشف الجوانب الإيجابية والسلبية في حياتهم".

ويوضح: "لقد عملنا على هذا من خلال البحث العميق حول العمال في سوق الخردة والتفاعل المباشر معهم، لأنهم فعلا مهنيون يستحقون أن نروي قصصهم ونتعرف على عوالمهم، وقد أمدونا بقصص ومعلومات غنية ساهمت في إثراء العمل وتقديمه بشكل أكثر تفاعلا".

ويرى المخرج يزيد القادري أن مسلسل "حرير الصابرة" يعتبر توليفا دراميا لإحدى الحكايات التاريخية التي نشرت للكاتب والسيناريست منصف القادري أواخر التسعينات تحت عنوان ‘الناسك المجهول’، والتي تتضمن مجموعة من الحكايات التاريخية التي تبرز العديد من المظاهر الحضارية والعمرانية، وتسلط الضوء على ثلة من المؤسسات الاجتماعية والفكرية والعلمية لمدينة فاس ما بين القرنين الـ13 والـ16، فكان جديرا أن يتم تحويل هذه الحكايات إلى إنتاج درامي يغني المشهد السمعي البصري في المغرب".

ويتم التحضير لتصوير مشاهد التراث وصناعة الحرير بطريقة تظهر جمالها وتفاصيلها العريقة، إذ يكشف المخرج كواليسها قائلا: "التحضيرات بصفة عامة لمشهد ما تتخذ التزامات فنية وتقنية من فريق العمل، لكن في هذا العمل التاريخي يجب أن يكون الالتزام مضاعفا عند أعضاء فريق الإنتاج والديكور والملابس والماكياج وغيرهم، من أجل التدقيق في الاختيارات الفنية تحت إشراف الإدارة الفنية المتمثلة في سيناريست العمل الأستاذ منصف القادري ومخرج العمل".

ويتحدث المخرج هشام الجباري حول كيفية بناء رؤيته الإبداعية الخاصة في مسلسل "بين القصور" قائلا:  "كما هو الحال دائما عندما أعمل حول فكرة ما، اجتمعت مع كاتبة السيناريو بشرى مالك والمنتجة فاطمة بنكيران عن شركة سبيكطوب، ثم تم توجيه العمل في المرحلة الأولى نحو تحديد المفهوم، تلتها صياغة القصة، وبعد ذلك انتقلنا إلى الرؤية الفنية للعمل، وكان تركيزنا منصبا على كيفية تشكيل الأحداث وتصوير الشخصيات، ولكن النقطة الأساسية هي كيفية سرد وحكاية القصة، فدائما يتعين طرح السؤال حول كيفية تحويل الحدث المكتوب على الورق إلى شخصيات مصورة".

ويوضح المخرج: "أحاول دائما مشاركة رؤيتي مع فريق العمل للتوصل إلى الرؤية النهائية التي تميز أسلوبي الفني في الإخراج، فكل عمل فني له طابعه الخاص، مثلا دور محمد خييي في مسلسل ‘سلمات أبوالبنات’ لا يشبه شخصية الغندور في ‘بين القصور’، إذ يعتبر كل عمل من أعمالي مميزا وفريدا ويتمتع بإخراج خاص به، كما يظهر ذلك في تميز أداء الممثلة السعدية لديب والممثل عزيز حطاب".