صنصال يتنازل عن الطعن لإتاحة الفرصة لحل دبلوماسي

الكاتب الفرنسي من أصل جزائري لن يلجأ إلى محكمة النقض، وسط مؤشرات على مساع دبلوماسية للتهدئة بين الجزائر وفرنسا.

الجزائر - أفادت مصادر مطلعة بأن محامي الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال لن يطعن في القرار الأخير بتثبيت الحُكم عليه بالسجن خمس سنوات، فيما يبدو تكتيكا جديدا يهدف إلى تجنب التصعيد في الملف الذي أجج التوتر بين البلدين ووضعهما على حافة القطيعة، وبالتالي فتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية لتسوية الأزمة.

ولا يستبعد أن يكون فريق الدفاع قد قام بتقييم شامل لقرار محكمة الاستئناف ووصل إلى استنتاج مفاده أن فرص نجاح الطعن أمام المحكمة العليا أو محكمة النقض ضئيلة للغاية. 

وفي بعض الحالات، يرى المحامي أن الطعن قد يؤدي إلى نتائج أسوأ أو يعرض موكله لمخاطر إضافية، مثل إعادة فتح القضية بتهم أخرى، أو تشديد العقوبة في حال قبول الطلب وإعادة النظر.

ويرجح أن يشكل ملف صنصال محور مفاوضات هادئة بين الحكومتين الجزائرية والفرنسية للتوصل إلى تسوية، بينما يشير غلق باب التقاضي إلى تفادي تصعيد القضية قانونيًا في مقابل فتح باب التدخل السياسي.

وقالت رئيسة لجنة الدعم الدولي للكاتب الفرنسي الجزائري نويل لونوار في تصريح لإذاعة فرانس إنتر، "بحسب معلوماتنا، فإنّه لن يلجأ إلى محكمة النقض". وأضافت الوزيرة السابقة "هذا يعني أنّ الإدانة نهائية. وبالنظر إلى ما هو عليه النظام القضائي في الجزائر... ليس لديه أي فرصة لإعادة تصنيف جريمته أمام محكمة النقض".

كذلك، أفاد مقرّبون من بوعلام صنصال في وقت لاحق، بأنّ الكاتب "تنازل عن حق الطعن في الحكم"، فيما رفض محاميه الفرنسي بيار كورنو جنتي التعليق على الأمر.

وبعد سجنه لأكثر من سبعة أشهر، أيّدت محكمة الاستئناف الثلاثاء إدانة الروائي والكاتب البالغ من العمر 80 عاما. وأمامه ثمانية أيام للطعن بالحكم.

وحُكم على صنصال في المحكمة الابتدائية في 27 مارس/آذار بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن، بسبب تصريحات أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول لوسيلة إعلام فرنسية يمينية هي "فرونتيير" وتبنى فيها طرحا مغربيا بأنّ قسما من أراضي المملكة اقتطع في ظل الاستعمار الفرنسي وضمّ للجزائر.

وتمّت محاكمته بتهم "المساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني وحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني" وهي جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات.

وأثارت هذه القضية توترًا كبيرًا بين الجزائر وفرنسا التي عبرت عن قلقها وأملها في صدور عفو عن صنصال، في خطوة من شأنها أن تلعب دورا بارزا في تهدئة التوترات الدبلوماسية المتزايدة بين البلدين والتي تشمل قضايا متعددة مثل ملف الذاكرة والهجرة.

ويتوقع أن تؤدي مساع خلف الكواليس إلى إقناع السلطات الجزائرية بأن إبقاء كاتب بهذه الشهرة في السجن، خاصة في قضايا تتعلق بالرأي، قد يضر بصورتها الدولية، وأن العفو سيكون خطوة حكيمة لامتصاص الغضب وتخفيف الضغوط.

وكان يُنظر إلى عيد الاستقلال الجزائري الذي يصادف اليوم السبت 5 يوليو/تموز كفرصة محتملة لصدور عفو رئاسي، فيما تم بالفعل استثناء قضايا "المساس بالوحدة الوطنية" من العفو الرئاسي الأخير الذي شمل 6500 سجين، مما يعني أن الإفراج عن صنصال يتطلب قرارًا خاصًا.

وأبدت باريس خلال الآونة الأخيرة استعدادها لتسوية الأزمة مع الجزائر من خلال التراجع عن إلغاء اتفاقية الهجرة بين البلدين المبرمة في العام 1968 وتمنح المهاجرين الجزائريين عدة امتيازات، لا سيما بعد أن طالبت عدة أحزاب وشخصيات سياسية بضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية لطي صفحة الخلاف.