صنعاء مسلوبة الإرادة في ذكرى سقوطها بأيدي الحوثيين

اليمنيون يتذكرون بمرارة مشاهد دخول المتمردين الى عاصمتهم قبل خمس سنوات في حين يصف وزير الإعلام ذكرى السقوط بانه يوم اسود لكل يمني.

صنعاء - يشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء قبل خمس سنوات، ما دفع بالسعودية وحلفائها الى التدخل ضمن تحالف عسكري في السنة التالية.

وفي الذكرى الخامسة لسقوط العاصمة اليمنية صنعاء في قبضة الحوثيين يوم 21 ايلول/سبتمبر 2014 يتذكر اليمنيون المراحل الصعبة التي مرت بها البلاد طيلة خمس سنوات.

ويشعر اليمنيون بمرارة كبيرة بعد ان تحولت عاصمتهم الى مدينة منسية مسلوبة الارادة يتخذها المتمردون معسكرات يتم فيها التخطيط وتنفيذ هجمات تهدد امن دول المنطقة خدمة للمصالح الايرانية.

ويتذكر اليمنيون مشاهد دخول المسلحين الحوثيين الى عاصمتهم وفرض سلطتهم عليها بالقوة.

وفي هذا الإطار يقول وزير الإعلام اليمني معمر الارياني في تغريدة على تويتر الجمعة " في 21 سبتمبر 2014م اجتاحت المليشيات الحوثية المدعومة من إيران العاصمة صنعاء وأسقطت مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وحاصرت الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة، وانطلقت مسيرتها الفوضوية قادمة من جروف صعدة وبدعم ممن خانوا الدولة".

وافاد ان "21 سبتمبر سيظل ذكرى سيئة ويوما أسود على كل يمني عندما سيطرت عصابة مسلحة على العاصمة صنعاء واحتلت مؤسسات الدولة ومقار الجيش والأمن وقوضت السكينة والاستقرار وجرت البلاد لحروب عبثية راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى والنازحين ".

وقال "نتذكر في هذا اليوم المشؤوم كيف أعلن ملالي طهران السيطرة على العاصمة العربية الرابعة، وكيف استخدمت إيران ذراعها الحوثية لاستهداف أمن اليمن ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية لتحقيق مصالحها، فيما شلال الدم اليمني يتدفق واليمنيون يتضورون جوعا وفقرا وبؤسا".

سقوط صنعاء

وفي 8 تموز/يوليو 2014، سيطر المتمردون الحوثيون على عمران القريبة من صنعاء بعد معارك مع القوات الحكومية.

وشن الحوثيون انطلاقا من معقلهم في صعدة هجوما كاسحا باتجاه صنعاء، منطلقين من خطاب المظلومية المعهود منذ الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضد حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011.

وسيطر المتمردون الذين ينتمون الى الاقلية الزيدية، على معظم مراكز نفوذ القوى التقليدية في شمال اليمن، ثم دخلوا صنعاء في 21 ايلول/سبتمبر، قبل ان يفرضوا سيطرتهم على ميناء الحديدة المطل على البحر الاحمر غربا في 14 تشرين الاول/اكتوبر.

وفي 20 كانون الثاني/يناير 2015، سيطر الحوثيون على القصر الرئاسي في صنعاء ما أرغم الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار الى مدينة عدن الجنوبية.

تدخل التحالف

طيران التحالف العربي
التحالف العربي تدخل لدعم الشرعية اليمنية

وفي 26 آذار/مارس 2015، نفذ تحالف تقوده السعودية ضربات جوية على مواقع للمتمردين الحوثيين، بعد ستة أشهر من دخولهم الى صنعاء، في محاولة لوقف تقدمهم.

وفي تموز/يوليو من العام ذاته، أعلنت حكومة هادي أنها استعادت محافظة عدن في الجنوب، في أول انتصار تحققه منذ تدخل التحالف. وأصبحت عدن العاصمة المؤقتة للسلطة المعترف بها دوليا.

وعزز التحالف قوته الجوية بمئات من عناصر القوات البرية، وبحلول منتصف آب/أغسطس 2015، استعادت القوات الموالية خمس محافظات جنوبية.

وفي تشرين الأول/أكتوبر، استعادت القوات الحكومية السيطرة على مضيق باب المندب، احد أبرز ممرات الملاحة في العالم.

وفي آب/أغسطس 2017، اتهم المتمردون حليفهم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح بالخيانة بعدما وصفهم بالميليشيات. وتطور الخلاف في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الى اشتباكات بين الحوثيين ومؤيدي صالح.

وقتل صالح على أيدي حلفائه السابقين مطلع كانون الاول/ديسمبر 2017، بعيد إعلان استعداده لـ"فتح صفحة جديدة" مع السعودية.

الحديدة

وفي 13 حزيران/يونيو 2018، بدأت القوات الموالية للحكومة اليمنية بإسناد من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، هجوماً ضد المتمرّدين في الحُديدة على ساحل البحر الأحمر في غرب اليمن.

وفي السادس من كانون الأول/ديسمبر، بدأت محادثات السلام اليمنية في السويد بين الحكومة والتمرد برعاية الأمم المتحدة. وجرت المحادثات بعد اجلاء 50 مصابا من المتمردين إلى سلطنة عمان وتبادل للأسرى.

وفي الثالث عشر من كانون الأول/ديسمبر، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سلسلة اتفاقات تمّ التوصل إليها بين الجانبين بعد محادثات سلام في السويد، بينها اتفاق لوقف اطلاق النار في محافظة الحديدة.

وفي الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر توقفت المعارك في الحديدة، بينما تواصل تبادل اطلاق النار بشكل متقطع.

وفي 14 من أيار/مايو 2019، أعلنت الأمم المتحدة انسحاب الحوثيين من ثلاثة موانىء في محافظة الحديدة وهي الحديدة والصليف ورأس عيسى. لكنّ القوات الموالية لهادي قالت إنّ ما جرى "خدعة" وإنّ المتمرّدين ما زالوا يسيطرون على الموانئ لأنّهم سلّموها لخفر السواحل الموالين لهم.

صواريخ وطائرات دون طيار

وكثف المتمردون في الأشهر الأخيرة هجماتهم بالطائرات بدون طيار والصواريخ على مطارات ومحطات لتحلية المياه وغيرها من البنى التحتية السعودية.

وكثف التحالف غاراته الجوية ضد مواقع المتمردين في محافظتي حجة (شمال) وصنعاء.

أسوأ أزمة إنسانية

الازمة الانسانية في اليمن
24 مليون يمني يحتاجون للمساعدة في اسوا ازمة انسانية

واوقعت الحرب حوالى 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2015 بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الانساني أن الحصيلة أعلى بكثير.

ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، للمساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.

ودمر وتضرر عدد من المستشفيات. وواجهت البلاد وباء الكوليرا مع أكثر من 2500 وفاة بين نيسان/ابريل وكانون الثاني/ديسمبر 2017.

ووصف صندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، اليمن بأنه "جحيم حي" مع وجود 1,8 مليون طفل تقل اعمارهم عن خمس سنوات يعانون من "سوء التغذية الحاد".

مبادرة سلام

وفي 20 أيلول/سبتمبر أطلق المتمرّدون الحوثيّون في اليمن بشكل احادي "مبادرة سلام" عبر إعلانهم وقف الهجمات على السعوديّة، في وقت تُواجه حليفتهم إيران ضغوطاً هائلة على خلفيّة اتّهامها بالتورّط في الهجمات ضدّ البنية التحتيّة النفطيّة السعوديّة.

ويأتي ذلك بعدما أدى هجوم بواسطة طائرات مسيّرة تبنّاه المتمردون الحوثيون في اليمن السبت الماضي إلى إشعال حرائق في منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة "أرامكو" السعودية العملاقة، في ثالث هجوم من هذا النوع خلال خمسة أشهر على منشآت تابعة للشركة.

لكن مراقبون ان دعوة الحوثيين مجرد محاولة لاعادة رص الصفوف بعد الهزائم التي تعرضوا لها وتكبدهم لخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات بسبب هجمات طيران التحالف العربي.