صواريخ الميليشيات رسائل إيرانية ترافق الكاظمي إلى واشنطن

الفصائل العراقية الموالية لإيران تستعرض قوتها بإطلاق صاروخ قرب مطار بغداد حيث يتمركز جنود أميركيون لإحراج مصطفى الكاظمي الذي وصل اليوم إلى واشنطن.

بغداد - سقط صاروخ مساء الثلاثاء في محيط مطار بغداد حيث يتمركز جنود أميركيون، وذلك في عرض جديد للقوة لفصائل عراقية موالية لإيران في اليوم الذي يصل فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقالت مصادر أمنية عراقية إن عددا من صواريخ الكاتيوشا سقطت على قاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد الدولي والتي تضم جنودا أميركيين ضمن قوات التحالف الدولي.

ولم يؤد الهجوم الصاروخي إلى سقوط قتلى أو أضرار، وفق ما أوضح الجيش العراقي، علما أنه الهجوم الرابع عشر من نوعه في 15 يوما الذي يستهدف أميركيين أو مواقع يستخدمونها.

وينتشر في العراق آلاف الجنود الأميركيين منذ الحرب التي أطلقت ضد الجهاديين.

وقبل الهجوم الصاروخي على المطار، نشرت على إنستغرام حسابات تابعة لفصائل موالية لإيران رسائل تفيد بأن "المقاومين" يضربون "قواعد وقوافل" الأميركيين.

ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الأميركي الخميس رئيس الوزراء العراقي العالق بين فكي كماشة حليفيه المتعاديين الولايات المتحدة وإيران.

وتصاعدت وتيرة الهجمات بعدما أكد البيت الأبيض أن الكاظمي سيزور البيت الأبيض.

وبين تشرين الأول/أكتوبر ونهاية تموز/يوليو، استهدف 39 هجوما صاروخيا مصالح أميركية في العراق. وتكثفت الهجمات بعد تأكيد اللقاء في البيت الأبيض بين الكاظمي وترامب.

وبات كبار القادة الأميركيين يعتبرون الفصائل المسلّحة الموالية لإيران أخطر من جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا في السنوات الماضية على نحو ثلث مساحة العراق.

ويقول خبراء إن هذه الجماعات هي واجهة لفصائل الحشد الشعبي الشيعية التي باتت منخرطة في الدولة.

وتطالب واشنطن العراق باتّخاذ تدابير حاسمة ضد هذه الجماعات، لكن بغداد تريد التنسيق في هذا المجال مع إيران التي تسلّح فصائل الحشد وتمولها وتدعمها.

وفي نهاية حزيران/يونيو، ألقي القبض على 14 شخصا ينتمون الى كتائب حزب الله الفصيل الأكثر تشددا في الحشد الشعبي، لاتهامهم بشن هجمات صاروخية على أميركيين.

وبعد مثولهم أمام قاض موال للحشد أفرج عن 13 من المعتقلين بعد ثلاثة أيام باستثناء رجل واحد ما زال رهن الاعتقال.

ويrول خبراء إن تكثيف الهجمات الأخيرة "رسالة مفادها أن رئيس الوزراء لا يستطيع ردع هذه الهجمات عن طريق التهديد بغارات واعتقالات ضد الميليشيات".

d
طهران تريدها دولة ميليشيات لبسط نفوذها أكثر في العراق

وفي نهاية الأسبوع، التقى الكاظمي اسماعيل قاآني، موفد طهران المكلّف الشؤون العراقية بعد تصفية واشنطن لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

وقال الكاظمي لقاآني إن "علاقات العراق الخارجية شأن داخلي عراقي ولن نقبل لأي دولة بالتدخل بعلاقتنا مع الولايات المتحدة الأميركية"، وفق ما أفاد مصدر مقرّب منه.

وتابع الكاظمي وفق المصدر إن "العلاقة بين بغداد وطهران يجب أن تكون دولة مقابل دولة وليس بمقابل مليشيات، لأن هناك مليشيات تقوم بعمليات قصف ضد أهداف عراقية ومتورطة بملفات فساد وتستمد قوتها من الجمهورية الإسلامية".

وقال بيان لمكتب الكاظمي اليوم الثلاثاء إن رئيس الوزراء العراقي سيعقد خلال زيارته غير محددة المدة، محادثات مع كبار المسؤولين الأميركيين، تتضمّن بحث العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون المشترك في مجالات عديدة، في مقدمتها الأمن والاقتصاد والصحة، وغيرها من القطاعات.

وهذه أول زيارة للكاظمي إلى الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة الحكومة العراقية في مايو/أيار الماضي.

وتأتي الزيارة بعد أن أجرى البلدان جولة أولى من المباحثات في إطار ما يسمى "الحوار الاستراتيجي" في يونيو/حزيران الماضي لإعادة رسم العلاقات بين البلدين والتي تنظمها اتفاقية "الإطار الاستراتيجي".

وكان البلدان وقعا اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، التي مهدت لخروج القوات الأميركية بشكل كامل أواخر 2011 بعد 8 سنوات من الاحتلال، وتنظم الاتفاقية العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

وعادت القوات الأميركية إلى العراق بطلب من بغداد لمساعدتها في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، إلا أن قوى سياسية وفصائل شيعية المقربة من إيران تضغط لرحيل تلك القوات.

وينتشر نحو 5 آلاف جندي أمريكي في العراق ضمن إطار التحالف الدولي المناهض لداعش وتقوده الولايات المتحدة. 

ودعمت إيران القوات العراقية شبه العسكرية المنضوية في إطار الحشد الشعبي والتي اضطلعت بدور حاسم في دحر تنظيم الدولة الإسلامية. ومن خلال هذا الدعم عززت إيران نفوذها وصارت الحليفة الرئيسية لجارها وشريكته التجارية الرئيسية.

وعلى اثر تكرار الهجمات بات الكثير من سكان الجنوب حيث تقع معظم الهجمات يرسمون أوجه تشابه بين المقاطع الدعائية والأناشيد التي تنشرها مجموعات شيعية وتلك التي كان ينشرها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية. ويخشى السكان الشيعة من الانحدار إلى المصير ذاته الذي أدى إلى دمار المناطق السنية خلال الحرب على الإسلاميين المتطرفين.

وفي بلد خرج قبل عشر سنوات من حرب طائفية دامية بين السنة والشيعة، تخشى الحكومة تجدد النزاع بين العراقيين.

بي
جرائم أتباع إيران لا تحصى في العراق

ويقول عدة مسؤولين حكوميين إن استراتيجيتهم تقوم على التحرك ولكن دون تسمية أي جهة. فعندما اختطفت ألمانية لمدة ثلاثة أيام في تموز/يوليو، لم تتهم بغداد أحداً بعد الإفراج عنها. لكن مسؤولين مطلعين على مجريات التحقيق تحدثوا عن ورود أسماء فصائل مسلحة. وصرح مسؤول استخباراتي أن المنفذين "من فصائل تدعي الانتماء إلى الحشد".

وقبل ذلك، في تموز/يوليو أيضاً، اعتبر اغتيال الباحث هشام الهاشمي في بغداد رسالة أخرى موجهة إلى الكاظمي. إذ كان الهاشمي مقربًا من رئيس الحكومة وعمل بشكل خاص على ملف الشبكات التنظيمية والمالية للحشد.

وبعد مرور شهر ونصف، لم يكشف التحقيق بعد عن الجهات التي تقف وراء الاغتيال.

ومساء الجمعة، اغتيل ناشط كان يعارض ازدياد نفوذ الفصائل المسلحة في البصرة بإطلاق عشرين رصاصة عليه من مسدس مزود بكاتم للصوت.

ويرى خبراء أن الهدف من هجمات الميليشيات المقربة من إيران إحراج الكاظمي الأقرب إلى الإدارة الأميركية من سلفه عادل عبدالمهدي وهو يخوض حاليا ومنذ توليه رئاسة الوزراء حملة لاستعادة السيطرة على المراكز الحدودية حيث تمارس مجموعات مسلحة أعمال تهريب وتفرض فدية على الاستيراد والتصدير.

وقد أغضب ذلك الفصائل العراقية الداعمة لإيران والتي فقدت قائد عملياتها أبو مهدي المهندس الذي قُتل مع سليماني في الضربة الأميركية قرب مطار بغداد؛ فيما تخضع إيران لعقوبات أميركية قاسية.