ضربات أميركية متزامنة في سوريا والعراق تستهدف موالين لإيران

جو بايدن يحذر من أنّ الضربات ضد مواقع الجماعات المدعومة من ايران ستستمرّ بينما نددت بها الحكومة العراقية واعتبرتها انتهاكا للسيادة الوطنية.
حركة النجباء تؤكد تعرض مستودع أسلحة للحشد الشعبي لقصف أميركي
الضربات تستهدف أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا بينها مراكز قيادة وتحكّم واستخبارات
مقتل 23 مقاتلًا مواليا لإيران على الأقلّ في الضربات الأميركيّة في سوريا
دمشق تقول إن الاحتلال الأميركي لا يمكن أن يستمر وايران تندد بالهجوم
مكتب السوداني يؤكد مقتل 16 بينهم مدنيون في الغارات الأميركية
العراق يستدعي القائم بأعمال السفارة الأميركية
الميليشيات تستهدف قاعدة أميركية بعد الغارات الاخيرة
موسكو تتهم الولايات المتحدة بزرع الفوضى والدمار في الشرق الأوسط
السوداني يعلن حدادا عاما بـ3 أيام
الأردن ينفي مشاركته في الهجمات الأميركية داخل العراق

واشنطن - أعلنت الولايات المتحدة الجمعة أنها شنّت "بنجاح" ضربات انتقاميّة استهدفت في كلّ من العراق وسوريا قوّات إيرانيّة ومجموعات موالية لطهران، في وقت حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أنّ هذه الضربات "ستستمرّ" بينما نددت بها الحكومة العراقية.
وكان الرئيس الديمقراطي قد حضر في وقت سابق الجمعة، بقاعدة في شمال شرق الولايات المتحدة، المراسم الرسميّة لإعادة جثامين ثلاثة جنود أميركيّين قتِلوا الأحد الماضي بالأردن، في هجوم نسبته واشنطن إلى مجموعات تدعمها إيران. وأعادت طائرة نقل عسكريّة من طراز"سي-5" رماديّة الجثث في "صناديق نقل" لفّت بالعلم الأميركي.
وقال البيت الأبيض إنّ الضربات الأميركيّة التي شُنّت الجمعة في العراق وسوريا استمرّت نحو ثلاثين دقيقة وكانت "ناجحة" مكرّرا أنّه لا يريد "حربًا" مع إيران. وذكرت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) أنّ العمليّة شاركت فيها مُقاتلات عدّة، بما فيها قاذفات بعيدة المدى.
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافة إنّ المقاتلات الأميركيّة المُشاركة في هذه العمليّة التي استهدفت في المجموع 85 هدفًا في سبعة مواقع مختلفة (3 في العراق و4 في سوريا) قد أطلقت "أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه في نحو ثلاثين دقيقة". وقُتل 23 مقاتلًا موالين لإيران على الأقلّ في الضربات الأميركيّة الجمعة في شرق سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبعد الضربات وصفت بريطانيا الولايات المتحدة اليوم السبت بأنها حليف "راسخ" وقالت إنها تدعم حق واشنطن في الرد على الهجمات حيث قال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان "المملكة المتحدة والولايات المتحدة حليفتان راسختان. لن نعلق على عملياتهم، لكننا ندعم حقهم في الرد على الهجمات".

وأضاف "نندد منذ فترة طويلة بنشاط إيران المزعزع للاستقرار في أنحاء المنطقة، بما في ذلك دعمها السياسي والمالي والعسكري لعدد من الجماعات المسلحة".

كما استهدفت الضربات الأميركيّة ليل الجمعة السبت مواقع فصائل مسلّحة موالية لإيران في غرب العراق خصوصا في منطقة القائم الواقعة عند الحدود مع سوريا المُجاورة، وفق ما قال مصدران أمنيّان عراقيّان.

وقال البيت الأبيض إنّ الولايات المتحدة أبلغت الحكومة العراقيّة قبل تنفيذ الضربات الانتقاميّة الجمعة، في حين ندّدت بغداد بالغارات الجوّية باعتبارها "انتهاكًا" لسيادتها.

وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، السبت، بإعلان الحداد 3 أيام على أرواح العسكريين والمدنيين الذين راحوا ضحية القصف الأميريكي على عدة مناطق في البلاد.
واستدعت الخارجية العراقية القائم بالأعمال للسفارة الأميركية في بغداد وسلمته مذكرة احتجاج على الهجمات الأميركية في البلاد. من جانبه أفاد مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم السبت إن 16 شخصا، بينهم مدنيون قتلوا وأصيب 25 آخرون في الغارات حيث أدان في بيان الغارات ووصفها بأنها "عدوان جديد على سيادة العراق" ونفى وجود تنسيق مسبق بين واشنطن وحكومة بغداد واصفا هذه التأكيدات بأنها "ادعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي".

وأضاف أن وجود التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة "صار سببا لتهديد الأمن والاستقرار في العراق ومبررا لإقحام العراق في الصراعات الإقليمية والدولية"

وصرّح العميد يحيى رسول المتحدّث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي فجر السبت بأنّ "هذه الضربات تُعدّ خرقًا للسيادة العراقيّة وتقويضًا لجهود الحكومة العراقيّة وتهديدًا يجرّ العراق والمنطقة إلى ما لا تُحمد عقباه، ونتائجه ستكون وخيمة على الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة".

وشددت الرئاسة العراقية على "أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات الثلاث والكتل السياسية لبحث العدوان الأمريكي على البلاد".
وقالت "نؤكد أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث العدوان الذي تعرضت له مدينة القائم في محافظة الأنبار ومناطق حدودية عراقية أخرى غربي البلاد من قبل الولايات المتحدة".
وأضافت في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "واع" أن الهجوم الأميركي "مثل انتهاكا صارخا للسيادة العراقية".
ودعت جميع الأطراف إلى "تحمّل مسؤولياتها الوطنية تجاه ما يتعرض له البلد من مخاطر وتهديدات منذ أشهر قد يؤدي استمرارها إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتُعرض حياة المواطنين وسلامتهم إلى الخطر".

الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع في الشرق الأوسط

من جانبها قالت دمشق السبت إن الاحتلال الأميركي لأجزاء من سوريا "لا يمكن أن يستمر" بعد ساعات من الهجوم حيث نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بيانا لوزارة الدفاع أفاد بمقتل "عدد من المدنيين والعسكرين وإصابة آخرين بجروح وأضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة".

وأضاف البيان أن "احتلال القوات الأميركية لأجزاء من الأراضي السورية لا يمكن أن يستمر"، مؤكداً استمرار القوات السورية في حربها "ضد الإرهاب حتى القضاء عليه" وتحرير كامل الأراضي "من كل ارهاب واحتلال".

 ونددت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم السبت بالضربات الجوية ووصفتها بأنها "انتهاكات لسيادة ووحدة أراضي" البلدين.

وقال المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني في بيان إن الهجمات تمثل "خطأ خطيرا واستراتيجيا للولايات المتحدة سيؤدي فقط لزيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة". وأكّدت القيادة العسكريّة الأميركيّة في الشرق الأوسط (سنتكوم) شنّ غارات جوّية في العراق وسوريا ضدّ فصائل موالية لطهران وقوّات لفيلق القدس، الوحدة الموكلة العمليات الخارجيّة في الحرس الثوري الإيراني.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اليوم السبت إن بلادها تندد بالضربات الجوية الأمريكية في العراق وسوريا، مضيفة أن مجلس الأمن الدولي يجب أن ينظر في هذه المسألة.

وتابعت "من الواضح أن الضربات الجوية مصممة عمدا لزيادة تأجيج الصراع. فمن خلال مهاجمة منشآت الجماعات التي يزعم أنها موالية لإيران في العراق وسوريا دون توقف تقريبا، تحاول الولايات المتحدة عمدا جر أكبر الدول في المنطقة إلى الصراع".

وجاء في بيان سنتكوم أنّ القوّات ضربت أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا بينها مراكز قيادة وتحكّم واستخبارات وكذلك مرافق لتخزين الصواريخ والمسيّرات.
وقال البنتاغون إنّ العمليّة الأميركيّة استهدفت مراكز قيادة واستخبارات وبنية تحتيّة لتخزين طائرات بلا طيّار وصواريخ "مكّنت من شنّ هجمات ضدّ القوّات الأميركيّة وقوّات التحالف". وشدّد كيربي على "أنّنا لا نريد أن نرى هجوما آخَر على مواقع أو جنود أميركيّين في المنطقة".

وقال بايدن في بيان "ردّنا بدأ اليوم. وسيستمرّ في الأوقات والأماكن التي نختارها". وأضاف أنّ "الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع في الشرق الأوسط أو في أيّ مكان آخر في العالم. ولكن فليعلم جميع من قد يسعون إلى إلحاق الأذى بنا: إذا ألحقتُم الضرر بأميركيّ، فسنردّ".

من جانبها أكدت حركة "النجباء" تعرض مستودع أسلحة تابع للحشد الشعبي لقصف أميركي في محافظة الأنبار، (غرب) الحدودية مع كل من سوريا والأردن والسعودية.
وذكر حساب في تلغرام تابع للميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا في العراق أن مستودع أسلحة، تابع للحشد الشعبي في منطقة عكاشات بالأنبار تعرض لضربات أميركية.

ونفى الجيش الأردني اليوم مشاركة سلاح الجو الملكي في غارات نفذتها القوات الأميركية على أهداف داخل العراق.
وقال مصدر عسكري أردني "لا صحة للتقارير الصحفية التي تم تداولها صباح اليوم السبت حول مشاركة طائرات أردنية في العمليات التي نفذتها طائرات أميركية داخل العراق"، مشيرا إلى أن "القوات المسلحة الأردنية تحترم سيادة العراق الشقيق" ونوه بـ"عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الأردن مع الدول العربية كافةً".

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا عصر الاثنين حول الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة في سوريا والعراق ردا على مقتل ثلاثة من جنودها بهجوم في الأردن، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.

وتعرّضت القوّات الأميركيّة وقوّات التحالف الدولي في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوما منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول تبنّت الكثير منها "المقاومة الإسلاميّة في العراق"، وهي تحالف فصائل مسلّحة مدعومة من إيران تُعارض الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب بغزّة ووجود القوّات الأميركيّة في المنطقة.
وردّت واشنطن على هجمات سابقة بسلسلة ضربات في العراق استهدفت مجموعات موالية لإيران.

ورغم الضربات الاسرائيلية واصلت الجماعات المسلحة الموالية لايران هجماتها حيث قالت ما يعرف بالمقاومة الإسلامية في العراق إن مسلحيها استهدفوا اليوم السبت قاعدة الحرير الجوية التي تستضيف قوات أميركية في شمال البلاد.

وأُخرِجت جثامين ويليام جيروم ريفرز وكينيدي ليدون ساندرز وبريونا أليكسوندريا موفيت، وهم جنود من ولاية جورجيا (جنوب)، واحدًا تلو الآخر الجمعة من طائرة نقل عسكريّة في قاعدة دوفر (شمال شرق).
وأكّد كيربي أنّه لا توجد صلة بين الوقت المختار لتنفيذ هذه الضربات الانتقاميّة - والذي اعتمد من بين أمور أخرى على الأحوال الجوّية - وبين المراسم التي أقيمت الجمعة لمناسبة إعادة جثامين هؤلاء الجنود الثلاثة.
وفي خلال مراسم إعادة الجثامين، وقف بايدن (81 عامًا) بلا حراك في الرياح الباردة واضعًا يده على قلبه، وإلى جانبه شوهد كلّ من زوجته جيل بايدن ووزير دفاعه لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان تشارلز براون وشخصيّات أخرى. وكانت عائلات الجنود الثلاثة حاضرة أيضًا، بعيدًا من الصحافة. واستغرقت المراسم نحو عشر دقائق، وتمّت في صمتٍ لم تخرقه سوى الأوامر الموجّهة إلى العسكريّين.