ضغوط غربية على إيران لوقف حملة قمع الاحتجاجات
برلين/طهران - تواصل الدول الغربية الضغط على إيران في محاولة لكبح حملة قمع تستهدف المحتجين على وفاة الفتاة الإيرانية الكردية مهسا أميني بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق، بينما اعتبرت طهران الانتقادات والإجراءات الغربية ضدها تدخلا في شؤونها الداخلية.
وفي أحدث التطورات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن ألمانيا استدعت السفير الإيراني في برلين اليوم الاثنين بسبب قمع الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء البلاد بعد وفاة شابة احتجزتها شرطة الأخلاق.
وردا على سؤال حول احتمال فرض المزيد من العقوبات على طهران بسبب الاضطرابات، قال المتحدث "سننظر في جميع الخيارات" مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
والأسبوع الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شرطة الأخلاق الإيرانية بسبب مزاعم الإساءة للنساء الإيرانيات، قائلة إنها تحملها المسؤولية عن وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما في الحجز.
وأعلنت كندا الاثنين فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين ردا على الحملة الأمنية الدامية التي تشنّها سلطات الجمهورية الإسلامية ضد المتظاهرين المحتجّين على وفاة الشابة مهسا أميني.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مؤتمر صحافي "سنفرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات، بما في ذلك ما تعرف بشرطة الأخلاق الإيرانية".
وأضاف "نضم أصواتنا، أصوات جميع الكنديين، إلى أصوات ملايين الأشخاص حول العالم الذين يطالبون الحكومة الإيرانية بالإنصات إلى شعبها ووضع حد لقمعها للحريات والحقوق وترك النساء وجميع الإيرانيين يعيشون حياتهم ويعبروا عن أنفسهم بشكل سلمي".
وتزامنا مع إعلان ترودو، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دعمها للنساء الإيرانيات، قائلة في خطابها إن التظاهرات "قوبلت بعمليات توقيف ورصاص".
وأضافت جولي "نحيّي شجاعتهن ونضمّ صوتنا إليهن في توجيه رسالة قوية مفادها أن حقوق المرأة هي من حقوق الإنسان".
وتمّ توقيف أكثر من 1200 متظاهر وناشطين وصحافيين منذ وفاة الشابة مهسا أميني بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق في إيران قبل عشرة أيام، وقُتل أكثر من 70 شخصا على الأقل، بحسب الأرقام الرسمية.
وبث التلفزيون الرسمي لقطات تظهر "مثيري الشغب" في شوارع شمال وغرب طهران إضافة إلى "بعض المحافظات"، قائلا إنهم أشعلوا النار في ممتلكات عامة وخاصة.
وتنفي السلطات أي ضلوع في وفاة أميني البالغة 22 عاما وتندد بالمتظاهرين الذين ينزلون إلى الشارع كل مساء منذ 16 سبتمبر/أيلول للتعبير عن غضبهم، فتصفهم بأنهم "مثيرو شغب" و"معادون للثورة".
واتهمت إيران الولايات المتحدة اليوم الاثنين باستغلال الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا اميني لمحاولة زعزعة استقرار البلاد، وحذرت من أن ذلك لن يمر دون رد، في الوقت الذي لم تظهر فيه أي إشارة على تراجع أكبر اضطرابات في البلاد منذ عام 2019.
وتشهد مختلف أنحاء إيران مظاهرات بعد وفاة الشابة الكردية بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق بسبب ارتدائها ما تقول السلطات إنها "ملابس غير لائقة".
وفجرت وفاة أميني إدانات دولية. وقالت إيران إن الولايات المتحدة تدعم مثيري الشغب وتسعى إلى زعزعة استقرارها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني لموقع نور نيوز الإخباري التابع لجهاز أمني كبير في بيان "تحاول واشنطن دائما زعزعة استقرار إيران وأمنها على الرغم من أنها لم تنجح في ذلك".
واتهم كنعاني عبر صفحته على إنستغرام، قادة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية باستغلال حادث مأساوي لدعم "مثيري الشغب" وتجاهل "وجود الملايين في شوارع البلاد وساحاتها لدعم النظام".
وكانت إيران قد استدعت أمس الأحد سفيري بريطانيا والنرويج أمس بسبب ما وصفته بأنه تدخل وتغطية إعلامية معادية.
وتعد الاحتجاجات الحالية المناهضة للحكومة أكبر احتجاجات تجتاح البلاد منذ مظاهرات عام 2019 على أسعار الوقود، وقالت رويترز حينها إن 1500 شخص قتلوا في حملة قمع للمتظاهرين، في أعنف موجة من الاضطرابات الداخلية في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن إيران تضمن حرية التعبير وإنه أمر بفتح تحقيق في وفاة أميني.
ودعت نقابة معلمين رئيسية في إيران، في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الأحد، المعلمين والطلاب إلى تنظيم أول إضراب في عموم البلاد، منذ بدء الاضطرابات، اليوم الاثنين وبعد غد الأربعاء.
وتلعب المرأة دورا بارزا في الاحتجاجات ولوح بعضهن بالحجاب وأقدمت أخريات على حرقه.
وفي مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، قامت جواد حيدري وهي شقيقة رجل قُتل في المظاهرات المناهضة للحكومة، بقص شعرها على قبره في تحد لقواعد الملبس الإسلامي المحافظ في إيران. ونظمت الدولة تجمعات ومسيرات مؤيدة في محاولة لنزع فتيل الأزمة.
وعلى الرغم من أن المظاهرات بسبب وفاة أميني تمثل تحديا كبيرا للحكومة، لا يرى المحللون أي تهديد مباشر لقادة البلاد لأن قوات الأمن تمكنت في السابق من إخماد احتجاجات.
وتتهم إيران معارضين مسلحين من الأكراد الإيرانيين بالتورط في الاضطرابات المستمرة في البلاد، لا سيما في الشمال الغربي حيث يعيش معظم الأكراد الإيرانيين البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة.
وأفادت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء بأن الحرس الثوري شن هجوما جديدا بالمدفعية والطائرات المسيرة على قواعد للمعارضة الإيرانية في المنطقة الكردية بشمال العراق.