طاقة رخيصة تشق طريقها من الفضاء الى الأرض

مختبر تابع للقوات الجوية الأميركية يكشف عن مشروع لتجميع وتركيز الطاقة الشمسية في الفضاء عبر محطات تشبه الأقمار الصناعية وإرسالها إلى قواعد مثبتة على الأرض بهدف تأمين الكهرباء.
تقنية لا تتأثر بعوامل الطقس أو الفصول ولديها وصول غير مقيد لأشعة الشمس

واشنطن - كشف مختبر تابع للقوات الجوية الأميركية عن مشروع يهدف إلى تجميع وتركيز الطاقة الشمسية في الفضاء عبر محطات تشبه الأقمار الصناعية وإرسالها إلى قواعد مثبتة على الأرض جاهزة لالتقاط هذه الطاقة الشمسية المرسلة من الفضاء بهدف تأمين الكهرباء.

ونقل الطاقة الشمسية من الفضاء إلى الأرض كان يعتبر سابقا مجرد خيالي علمي، لكنه الجيش الأميركي يؤكد اليوم انه أصبح قريبا جدا من متناول اليد إذا سارت الأمور كما يخطط لها.

ونقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً ليس مجرد خيال. بل هو حقيقة علمية. فنحن نشاهد في كل يوم عملية بث الموجات الكهرومغناطيسية من الأقمار الصناعية إلى سطح الأرض، فما الذي يمنعنا من نقل الكهرباء لاسلكيًا؟ 

وفي 2008 نجح علماء يابانيون وأميركيون بالفعل في بث الطاقة الكهربائية لاسلكياً على شكل موجات الميكروويف الكهرومغناطيسية (القصيرة)، بين جزيرتين في هاوي تفصلهما مسافة (148) كم! وكانت كمية الطاقة 20 وات وهي كافية لتشغيل مصباح فلوريسنت صغير، غير ان التقنيات الحديثة تسمح الان بما هو أكثر خاصة لأقوى جيوش العالم.

وتستنزف القواعد العسكرية على الأرض كمية كبيرة من الطاقة التي غالبا ما تؤمن من خلال مولدات كهربائية تبتلع إكميات كبيرة من الفيول لتشغيلها، وهو ما يشكل هاجسا أساسيا للجيوش لتأمين إيصال المحروقات المطلوبة عبر قافلة شحن كبيرة من خلال خط مؤن آمن.

ويسعى الجيش الاميركي لتخطي هذا العائق من خلال هذه التكنولوجيا إلى تأمين مصدر للطاقة لا يتطلب سوى وجود محطة التقاط تثبت داخل قاعدته العسكرية وتأمين الكهرباء من خلال الطاقة التي تتلقاها من الفضاء.

وعلى عكس الوسائل التي نعرفها لتجميع الطاقة الشمسية على الأرض، فإن هذه التكنولوجيا الحديثة لن تتطلب مساحات شاسعة لزرع ألواح كبيرة، ولا تتأثر بعوامل الطقس أو الفصول الأرضية أو التوقيت الأرضي، بل سيكون لديها وصول غير مقيد لأشعة الشمس، مما يوفر إمدادًا غير متقطع بالطاقة.

وإذا كانت الدراسات الأولى لهذا المشروع تقام لأغراض عسكرية، إلا أنه يحمل آمالا ضخمة جدا لتوفير الطاقة للقطاعات المدنية في المستقبل.

والتقنيَّات المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع متوفّرة سلفاً. فوحدات توليد الطاقة تتألف من بنية ثلاثيّة الطبقات، على الطبقة الخارجيّة يتمّ تلقّي أشعّة الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربائيّة، وعلى الطبقة السفليّة تقوم شرائح صغيرة بتحويل الكهرباء إلى أشعة من الموجات الصُغرية، تحمل الطاقة من جديد إلى الأرض. وتتضمن الطبقة الوسطى نظام تحكم حاسوبي، يقوم بحزم هذه الموجات وإرسالها إلى المحطات الأرضية، حيث يكون في انتظارها لواقط خاصة ليتم تحويلها من جديد إلى طاقة كهربائية.

لكن لإنجاز هذه المهمة، لا يزالُ أمام العلماء تحديات يجب تذليلها، مثل تصميم قطع خفيفة وقابلة للطي ليسهل نقلها للفضاء من ناحية، ومتينة تعمل لسنوات دون الحاجة إلى صيانة من ناحية أخرى.

ومن ميزات هذه المحطة الطاقية الفضائية، هي أنّها تستطيعُ تلقّي أشعّة الشمس دون انقطاع، هذه الانقطاع الذي عادةً ما تسبِّبه الأجواء الغائمة على الأرض.

كذلك، فإنّه ليس هناك ليال مُعتِمة في المدار الأرضي في الفضاء، ستتوقّف فيها المحطة عن توليد الطاقة بالكامل. وبناء على هذه الشروط الفضائية، يمكن توقع مردود طاقي يساوي ثمانية أضعاف ما تستطيع نفس المحطّة توليده على الأرض.

ويؤكد علماء ان محطة من هذا النوع، كفيلة بحل مشكلات الطاقة العالميّة في المستقبل. كما ستخفّ الاعتماد على مصادر الطاقة الحالية السائدة، كالنفط وغيرها، والتي لا تعدّ صديقة للبيئة.

محطّةٌ من هذا النوع يمكن أن توّلد ما يقارب 2 غيغا واط من الطاقة، وهو ما يعادل إنتاج مفاعل نووي. أما كلفة التركيب، فلا تتجاوز دولاراً ونصف للواط الواحد.

يذكر أنّ علماء روسا وصينيين ويابانيين، يعملون سلفاً على تقنيات شبيهة، وهو ما ينبئ بسباق جديد في مجال الطاقة الفضائية، يمكن أن يسرّع خطط التطوير والإنجاز إلى حد بعيد.