طالبان تعلن عن حكومة جديدة بإرث قديم

الملا حسن أخوند رئيس حكومة طالبان الجديدة يكتسب مكانته من صلته الوثيقة بالملا عمر مؤسس الحركة الراحل شأنه في ذلك شأن كثير من قيادات الصف الأول وهو من يرأس منذ فترة طويلة هيئة صنع القرار القوية.
طالبان تعين الملا محمد يعقوب نجل الملا عمر وزيرا للدفاع
نائب مؤسس طالبان رئيسا للحكومة ومطلوب لأميركا وزيرا للداخلية
اختيار عبدالغني برادر رئيس المكتب السياسي لطالبان نائبا لرئيس الوزراء
لا اعتراف أميركيا قريبا بحكومة طالبان

كابول - عينت حركة طالبان الملا حسن أخوند، أحد مساعدي مؤسس الحركة الراحل الملا عمر، رئيسا للحكومة الجديدة في أفغانستان اليوم الثلاثاء وسراج الدين حقاني نجل مؤسس شبكة حقاني التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، وزيرا للداخلية.

وأبلغت القوى العالمية طالبان بأن مفتاح السلام والتنمية هو حكومة شاملة تدعم تعهدات الحركة بنهج أكثر تصالحية وتُعنى بحقوق الإنسان بعد فترتها السابقة في السلطة من 1996 إلى 2001 والتي اتسمت بالعنف وقمع النساء.

وقال زعيم طالبان الأعلى الملا هبة الله أخوند زاده، في أول بيان علني له منذ سيطرة الحركة على العاصمة كابول في منتصف أغسطس/آب الماضي، إن طالبان ملتزمة بجميع القوانين والمعاهدات والالتزامات الدولية التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية.

وأضاف في البيان "الشريعة الإسلامية ستنظم جميع شؤون الحكم والحياة في أفغانستان في المستقبل"، كما هنأ الأفغان على "تحرير البلاد من الحكم الأجنبي".

وبينما كانت تُعلن الحكومة الجديدة، احتمت مجموعة من النساء الأفغانيات في أحد شوارع كابول بعد أن أطلق مسلحون من طالبان النار في الهواء لتفريق مئات المحتجين.

وفي الفترة التي تولت فيها الحركة المتشدد الحكم سابقا، لم تستطع الفتيات الالتحاق بالمدارس ومُنعت النساء من العمل والتعليم. وكانت الشرطة الدينية تجلد أي مخالف للقواعد وتُنفذ أحكام الإعدام علنا.

وحثت حركة طالبان الأفغان على التحلي بالصبر وتعهدت بأن تكون أكثر تسامحا هذه المرة، وهو التزام سيخضع للتدقيق من قبل كثير من الأفغان والقوى الأجنبية كشرط للمساعدات والاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها في أفغانستان.

ويكتسب أخوند رئيس الحكومة الجديدة، مكانته من صلته الوثيقة بالملا عمر شأنه في ذلك شأن كثير من قيادات طالبان.

ويرأس أخوند منذ فترة طويلة هيئة صنع القرار القوية في حركة طالبان. وكان وزيرا للخارجية ثم نائبا لرئيس الوزراء عندما كانت طالبان في السلطة في الفترة من عام 1996 إلى 2001.

أما حقاني الذي تولى وزارة الداخلية، فهو أحد أهم المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) بسبب دوره في هجمات انتحارية وعلاقاته بتنظيم القاعدة المتشدد.

وقال المتحدث الرئيسي باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحفي في كابول إن الملا عبدالغني برادر رئيس المكتب السياسي للحركة، عُين نائبا لرئيس الوزراء.

وجاء تعيين برادر نائبا لأخوند بدلا من منصب رئيس الوزراء الأرفع، مفاجأة للبعض لأنه كان مسؤولا عن التفاوض على الانسحاب الأميركي وممثلا لطالبان أمام العالم.

وكان برادر أيضا صديقا مقربا للملا عمر واضطلع بحكم موقعه كقائد كبير في الحركة، بالمسؤولية عن الهجمات على القوات الأميركية. واعتُقل وسُجن في باكستان عام 2010، وصار رئيسا للمكتب السياسي لطالبان في الدوحة بعد إطلاق سراحه عام 2018.

ووقع الاختيار على الملا محمد يعقوب وهو نجل الملا عمر، ليكون وزيرا للدفاع. وأوضح مجاهد في المؤتمر الصحفي أن كل المعينين سيكونون قائمين بالأعمال.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحفيين على متن طائرة الرئاسة أثناء توجه الرئيس جو بايدن إلى نيويورك، إنه لن يكون هناك اعتراف بحكومة طالبان قريبا.

وقال مجاهد متحدثا على خلفية انهيار الخدمات العامة والاقتصاد، إن الحكومة القائمة بالأعمال تشكلت لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب الأفغاني، مضيفا أن بعض المقاعد الوزارية ستُشغل بعد الانتهاء من اختيار مؤهلين لها.

وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق اليوم الثلاثاء إن الخدمات الأساسية تتدهور في أفغانستان وإن الغذاء والمساعدات الأخرى على وشك النفاد. ونزح ما يربو على نصف مليون شخص داخل أفغانستان هذا العام.

ومن المقرر عقد مؤتمر دولي للمانحين في جنيف في 13 سبتمبر/أيلول. وتقول القوى الغربية إنها مستعدة لإرسال مساعدات إنسانية، لكن الشراكة الاقتصادية الأوسع ستعتمد على شكل حكومة طالبان وأفعالها.

وأثار التقدم المباغت لطالبان في أنحاء أفغانستان مع انسحاب القوات الأميركية الشهر الماضي تهافت الأشخاص الذين يخشون الانتقام على مغادرة البلاد.

وفي الأسابيع التي سبقت انسحاب آخر قوات أميركية من كابول، أجلت القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة نحو 124 ألفا من الأجانب والأفغان المهددين، مخلفة وراءها عشرات الآلاف ممن يخشون انتقام طالبان.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة على تواصل مع نحو 100 أميركي لا يزالون في أفغانستان.

وقال أحد منظمي رحلات الطيران إن نحو ألف شخص بينهم أميركيون عالقون في مدينة مزار الشريف بشمال أفغانستان منذ أيام في انتظار الموافقة على مغادرة رحلات الطيران العارض، وألقى باللوم على وزارة الخارجية الأميركية في التأخير.

وقال بلينكن الذي يجري محادثات في قطر وهي متحاور رئيسي مع طالبان، إن المشكلة تتعلق بالوثائق، مضيفا للصحفيين "ما فهمته هو أن طالبان لم ترفض خروج أي شخص يحمل وثيقة سارية، لكنهم قالوا إن من ليس لديهم وثائق صالحة في هذه المرحلة فلا يمكنهم المغادرة. نظرا لتجمع كل هؤلاء معا... لم يُسمح للرحلات الجوية بالإقلاع".