طريقة ترحيل الجزائر للمهاجرين النيجريين تعمق الأزمة مع تحالف الساحل
الجزائر - رحّلت الجزائر نحو 5 آلاف مهاجر إفريقي إلى النيجر منذ بداية الشهر، أكثر من نصفهم من النيجريين وصلوا سيرا على الأقدام، فيما حذر التلفزيون الرسمي النيجري اليوم الخميس من "كارثة" إنسانية، في أحدث حلقة من حلقات التوتر بين السلطات الجزائرية ودول تحالف الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إثر الأزمة التي أثارها إسقاط الجيش الجزائري طائرة استطلاع مسيرة تابعة للقوات المالية.
وقالت قناة "تيلي ساحل" إن "الجزائر، كعادتها، أي في ازدراء للقوانين والاتفاقيات الإفريقية والدولية، قامت بترحيل آلاف المواطنين الأفارقة من بينهم نيجريون".
وأضافت نقلا عن مسؤولين أمنيين في مدينة أساماكا النيجرية الحدودية مع الجزائر "من الأول من أبريل/نيسان 2025 إلى 21 منه، تمّ ترحيل 2753 نيجريا، بينهم 308 قاصرين، من الجزائر".
ويأتي هذا التطور في وقت تسير فيه العلاقات بين الجزائر ودول تحالف الساحل إلى القطيعة، بعد تضخيم الجزائر لحادثة إسقاطها طائرة استطلاع تابعة للجيش المالي رغم أنها لم تشكل تهديدا لأمن البلاد، فيما تطورت الأزمة إلى استدعاء مالي والنيجر وبوركينا فاسو سفراءها.
ويُنظر إلى النيجر وبوركينا فاسو على أنهما متحالفين مع مالي في إطار "تحالف دول الساحل"، مما يفسر موقفهما الداعم لباماكو في هذه الأزمة.
وتجمع تقارير دولية على أن الجزائر أخفقت في ترميم علاقاتها المتصدعة مع دول الساحل، في وقت تواجه فيه عزلة في محيطها الأفريقي، فيما تداري تراجع حضورها وانحسار نفوذها في المنطقة بالترويج لفكرة أنها تلعب دورا وسيط لحفظ الاستقرار رغم أن الوقائع تؤكد أنها فشلت في كافة الجبهات التي تدخلت بهدف التهدئة وتتصدرها الأزمة في مالي.
كما يلقي التوتر بظلاله على العلاقات بين النيجر والجزائر، حيث استدعت نيامي في أبريل/نيسان 2024 السفير الجزائري احتجاجًا على طريقة تعامل بلاده مع مواطنيها أثناء ترحيلهم. كذلك، استدعت الجزائر سفير النيجر، مؤكدة أن اتهامات السلطات النيجرية "لا أساس لها من الصحة".
وأشارت القناة التلفزيونية إلى أنّ المهاجرين النيجريين "وصلوا في ما يسمى القوافل الرسمية"، أي أنّه تمّ نقلهم في سيارات واستُقبلوا في أساماكا من قبل السلطات المحلية، بموجب اتفاقات بين البلدين.
وأوضحت أنّه في الفترة ذاتها، تم أيضا ترحيل 2222 شخصا سيرا هم 146 نيجريا و2076 أجنبيا إلى أساماكا.
وأوضحت منظمة "ألارم فون صحارى" لوكالة فرانس برس أنّ هؤلاء "المشاة" هم مهاجرون أفارقة، غالبيتهم من غير النيجريين، وقد تمّ إنزالهم في "نقطة الصفر"، وهي منطقة صحراوية تمثّل الحدود بين البلدين، وكان عليهم أن يسيروا 15 كيلومترا للوصول إلى أساماكا في ظروف جوية قاسية.
وحذرت قناة "تيلي ساحل" من أنّه في حال عدم الحذر، فإنّ خطورة المأساة الإنسانية المحيطة بالمهاجرين قد تتحوّل إلى كارثة.
وبثت القناة صورا لمهاجرين وصلوا إلى أساماكا منهكين، تظهر إصابات على أقدامهم بسبب المشي، أو على أيديهم ووجوههم، أفادوا بأنّهم أصيبوا بها على يد قوات الأمن الجزائرية.
ونهاية يناير/كانون الثاني، قال وزير الداخلية النيجري محمد تومبا إنّ "قضية المرحّلين الذين نستقبلهم من الجزائر تشكل وضعا يخل بالتوازن الأمني للبلاد".
وأضاف أنه طلب من المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "إعادة" المهاجرين إلى بلدانهم.
ومنذ العام 2014، تتم إعادة المهاجرين غير النظاميين من النيجر ودول إفريقية أخرى بشكل منتظم من الجزائر، وهي نقطة عبور إلى أوروبا.
وفي العام 2024، رُحّل أكثر من 31 ألف مهاجر من الجزائر إلى النيجر المجاورة، وفقا لمنظمة "ألارم فون صحارى" النيجرية غير الحكومية، التي أشارات الى عدد قياسي.
وقال الجيش النيجري إن 770 مهاجرا نيجريا، بينهم نحو ستين طفلا، رُحّلوامن ليبيا في يناير/كانون الثاني 2025.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ألغى النظام العسكري في النيجر قانونا صدر في العام 2015 يجرّم الاتجار بالمهاجرين.
وتتعامل الجزائر مع المهاجرين النيجريين، وغيرهم من المهاجرين الأفارقة، بسياسة ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير النظاميين، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية.