طلبية ضخمة من بوينغ تعيد ترتيب العلاقات الأميركية السعودية

مع احتساب الطائرات الـ43 الإضافية المحتمل شراؤها، ستكون الطلبية الجديدة خامس أكبر طلبية من حيث القيمة تتلقاها شركة بوينغ التي لم تحدد كيف ستُقسّم الطائرات بين طرازي 9-787 و10-787.
هل تخرج صفقة طائرات بوينغ العلاقات الأميركية السعودية من مربع الفتور؟
البيت الأبيض: قيمة طلبية السعودية من بوينغ تصل إلى 37 مليار دولار
طيران الرياض والخطوط السعودية تتقدمان بطلبية لشراء 39 طائرة من بوينغ

نيويورك - تتجه الأنظار إلى طلبية ضخمة تقدمت بها الرياض لشركة بوينغ الأميركية لصناعة الطائرات لتعزيز أسطول الخطوط الجوية السعودية وكذلك شركة طيران الرياض المعلن عنها حديثا، كعنوان محتمل لإعادة ترتيب علاقات الشراكة الأميركية السعودية بعد أشهر طويلة من الفتور.

وأعلنت شركة بوينغ أن شركة طيران الرياض المعلن عنها حديثا والخطوط الجوية السعودية، قدّمتا طلبية للحصول على 39 طائرة من طراز 787 دريملاينر المخصصة للمسافات الطويلة وطرحتا احتمال شراء 43 طائرة إضافية، أي ما مجموعه 121 طائرة في المجمل.

ويعتقد أن هذه الطلبية الضخمة قد تساعد في اخراج العلاقات الأميركية السعودية من حالة الفتور التي تشهدها منذ وصول الديمقراطي جو بايدن للرئاسة في يناير/كانون الثاني 2021.

ومع احتساب الطائرات الـ43 الإضافية المحتمل شراؤها، ستكون هذه الطلبية خامس أكبر طلبية من حيث القيمة تتلقاها شركة بوينغ، التي لم ترغب بتحديد قيمة الصفقة ولا كيف ستُقسّم الطائرات بين طرازي "9-787" و"10-787".

وبحسب البيت الأبيض، فإن قيمة الطلبية تصل في الإجمال إلى 37 مليار دولار. وقالت بوينغ في بيان إن "هذا الاتفاق يندرج في إطار الخطة الإستراتيجية السعودية الأوسع الهادفة إلى تحويل البلاد إلى مركز عالمي للطيران".

وأشارت الشركة إلى أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى نقل من خلال شركتَيها للطيران، 330 مليون راكب سنويا واستقبال مئة مليون سائح بحلول العام 2030.

وتسعى السعودية إلى تحقيق أهداف طيران طموحة كجزء من 'رؤية 2030' الإصلاحية واسعة النطاق التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأعلنت المملكة الأحد إطلاق ناقل جوي جديد تحت اسم شركة 'طيران الرياض' تعود ملكيّتها لصندوق الاستثمارات العامة وهو صندوق الثروة السيادية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أعلن مسؤولون سعوديون عن خطط لتشييد مطار جديد يمتد على مسافة 57 كيلومترا في العاصمة من المفترض أن يستوعب 120 مليون مسافر بحلول عام 2030 و185 مليون مسافر بحلول عام 2050.

وأكدت الشركة المصنّعة أن شركة الطيران السعودية الجديدة لن تسيّر في بادئ الأمر أقلّه، سوى طائرات بوينغ.

أما الخطوط الجويّة السعودية ومقرّها مدينة جدّة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، فتشغّل أصلا أكثر من 50 طائرة بوينغ على شبكتها للرحلات الطويلة وتأمل من خلال زيادة أسطولها، في توسيع هذه الشبكة.

وقال البيت الأبيض في بيان "نحن مسرورون خصوصا لأن بوينغ تمكنت أخيرا من التوصل إلى اتفاقات مع السعودية بعد محادثات استمرّت سنوات ومفاوضات كثيفة في الأشهر الماضية".

وأكدت السفارة السعودية لدى الولايات المتحدة أن الطلبية "تجدّد التأكيد على الروابط التجارية القوية بين المملكة والولايات المتحدة".

وتمر العلاقات الأميركية السعودية بتقلبات منذ تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2021 خلفا للجمهوري دونالد ترامب.

وهاجم بايدن المملكة خلال حملته الانتخابية ووعد بجعلها "دولة منبوذة" على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 في قنصلية بلاده في اسطنبول.

وتعرضت السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان منذ تولي بايدن الرئاسة، لحملة ممنهجة في الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي إنه سيقصر تعامله مع العاهل السعودي الملك سلمان.

لكنه اضطر في النهاية إلى القيام بزيارة للمملكة وشارك في قمة عربية خليجية العام الماضي والتقى بالأمير محمد، في زيارة كان الهدف منها إثناء السعودية عن قرار خفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا ضمن اتفاق تحالف أوبك+ الذي يضم أعضاء منظمة أوبك بقيادة الرياض و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، ليعود بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها.

واتهمت واشنطن الرياض بالانحياز لموسكو في غزوها لأوكرانيا، لكن المملكة التي تلقت تضامنا واسعا من الدول الأعضاء في أوبك+ أكدت أن قرار خفض إنتاج النفط كان قرارا اقتصاديا للحفاظ على استقرار أسواق النفط.

وفي مقابل الضغوط الأميركية، ولّت السعودية وجهها شرقا معززة الشراكة مع الصين الخصم اللدود للولايات المتحدة وعززت كذلك شراكاتها مع دول آسيا من دون التخلي عن الشراكة الأمنية مع واشنطن.

وفيما هدد بايدن في تصريحات سابقة بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة، قال الأمير محمد بن سلمان إن عليه أن يفكر في المصالح الأميركية، ملمحا بدوره بمراجعة الاستثمارات السعودية الضخمة في الولايات المتحدة.

وتأتي الصفقة مع بوينغ لتخرج العلاقات الأميركية السعودية من دائرة الفتور ولتعيد ترتيب أوراق الشراكة الواسعة على أساس المصالح المتبادلة وعلى أساس الندية في التعامل وفي إطار ما تفرضه الأعراف الدولية والدبلوماسية للتعامل في حدود الاحترام المتبادل.

وعبرت الرياض مرارا عن رفضها لأي تدخلات أجنبية وشددت على أنها تعمل على تحصين وحماية مصالحها أولا في ردها على حملة أميركية لا تزال متواصلة.