طلقة فلسطينية أخيرة يائسة ضد 'سي اي ايه'

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعلن إنهاء كافة الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الإسرائيلية والأميركية بما في ذلك اتفاقات التنسيق الأمني مع الدولة العبرية بسبب مخطط إسرائيل لضم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية المحتلة.

 القدس - أعلن مسؤول فلسطيني الخميس توقف الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن تبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي أيه" على خلفية المخطط الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "تم إخطار المخابرات الأميركية قبل 48 ساعة بأن الاتفاق معهم لم يعد ساري المفعول".

وأضاف عريقات في لقاء مع الصحافيين عبر تطبيق زووم "لا مزيد من التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، ولا مزيد من التعاون الأمني مع إسرائيل".

وكانت الحكومة الفلسطينية قطعت جميع العلاقات مع الإدارة الأميركية في العام 2017 بعد اتهامها الرئيس دونالد ترامب بالتحيز لصالح إسرائيل.

ولم يشمل إعلان قطع العلاقات في السابق، الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي استمرت في تبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي أيه" بالإضافة إلى استمرار علاقات غير سياسية.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء إنهاء كافة الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الإسرائيلية والأميركية بما في ذلك اتفاقات التنسيق الأمني مع الدولة العبرية بسبب مخطط إسرائيل لضم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تندرج في إطار الضغط الواضح.

وكان ترامب كشف نهاية كانون الثاني/يناير خطته للسلام في الشرق الأوسط والتي دعمت ضم إسرائيل لمستوطنات الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية.

ورفض الفلسطينيون الخطة الأميركية بشكل قاطع ويرون أنها تنهي آمال إقامة دولتهم المستقبلية.

وليست تصريحات الرئيس الفلسطيني الأولى من نوعها، فقد سبق له أن أطلق تهديدات بإنهاء التعاون الأمني مع إسرائيل من دون تنفيذها.

ويرى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية طارق باقوني أن القيادة الفلسطينية لم تكن واضحة في ما تقدمت به بشأن إنهاء التنسيق.

ويقول "لا يمكن تفكيك التنسيق الأمني بين عشية وضحاها"، مضيفا أن تأثير هذا "لا يقتصر على حرية الحركة بل يشمل كل شيء، حتى مصدر المواد الغذائية".

وتسيطر إسرائيل على جميع مداخل ومخارج الضفة الغربية، وتتطلب كل التحركات الصغيرة والكبيرة من جانب الفلسطينيين تنسيقا أمنيا مع الجانب الإسرائيلي.

ويحتاج عباس نفسه إلى تنسيق تنقلاته بين رام الله حيث مقر الحكومة الفلسطينية وغيرها من المدن الفلسطينية، مع الإسرائيليين الذين يحتلون أجزاء واسعة من الضفة الغربية.

ويقول المحلل في المجموعة الأوروبية للعلاقات الأجنبية هيو لوفات "لقد سمعنا هذا مرات عدة من قبل. عباس لم يقرن أقواله بالفعل، وأفرغ مثل هذه التهديدات من أي ردع محتمل".

ويضيف "مع ذلك، ومع اقتراب الضم، ينبغي تفسير إعلانه على أنه طلقة أخيرة يائسة".

وتهدد تصريحات عباس الهدوء النسبي القائم في الضفة الغربية المحتلة حيث يعيش أكثر من 400 ألف مستوطن إسرائيلي بين الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم حوالى 2.7 مليون نسمة.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن على الحكومة الجديدة التي أدت اليمين الدستورية الأحد، العمل على فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، في تجديد لتعهد أطلقه خلال حملته الانتخابية.

وتنص اتفاقية تشكيل الحكومة بين نتانياهو ومنافسه السابق بيني غانتس على إمكانية مناقشة خطوة الضم داخل الحكومة بدءا من الأول من تموز/يوليو المقبل.

كما وعد نتانياهو خلال حملته الأخيرة بتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية التي تشكل ثلاثين بالمئة من مساحة الضفة الغربية. ويطلق على غور اسم "سلة فلسطين الغذائية".

ويرى الفلسطينيون أن هذه الخطوة إن نفذت على الأرض، ستقضي على آمالهم بقيام دولة مستقلة.

ويعوّل الفلسطينيون على الرفض الدولي لمخطط الضم الإسرائيلي.

ويعتبر المرشح الديموقراطي الى الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن من أبرز الشخصيات المعارضة للمخطط الإسرائيلي. وقد اعتبر أن هذه الخطوة ستقوض احتمالات السلام.

في المقابل، يتمتع نتانياهو بدعم قوي من ترامب الذي أعلن عن خطة للسلام التي نصت على أن تكون القدس "العاصمة الموحدة لاسرائيل".

وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي تربط بلاده بإسرائيل معاهدة سلام، في مقابلة مع صحيفة "در شبيغل" الألمانية الأسبوع الماضي، من أن ضمّ أجزاء من الضفة الغربية "سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية". وقال "ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة".

كذلك، أبدت ألمانيا والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى معارضة شديدة لمخططات الضم.

وبحسب السفير الإسرائيلي السابق لدى الأردن عوديد عيران، فإن إسرائيل قلقة من تعرض علاقاتها مع العاهل الأردني للخطر.

كما أشار إلى تحفظ غانتس على خطوة الضم ما يمكن أن يحول دون تنفيذ نتانياهو لها، وفق عيران.