طوفان الأقصى والسيناريوهات المحتملة

إذا استمرت إسرائيل بحربها الانتقامية فلا يعود أمام الفلسطينيين إلا النزوح إلى سيناء.

بقدر ارتياحنا وفرحنا الكبير بما حققته المقاومة الفلسطينية في غزة من انتصارات عظيمة، قياسا بجولات صراعها السابقة مع الكيان الصهيوني، بقدر توجسنا وخشيتنا من القادم وما سيحاك لغزة وأهلها وللقضية الفلسطينية برمتها. عنصر المفاجأة والقدرات العسكرية التي امتلكتها فصائل المقاومة، ناهيك عن التكتيك العسكري الذي أربك إسرائيل حتى اللحظة الراهنة، جعل المقاومة الفلسطينية مقارنة بفارق الإمكانيات العسكرية بينها وبين إسرائيل، تحقق انتصارا وتفوقا في الميدان ما زالت محتفظة به.

ستمتص إسرائيل الصدمة وستقدم لها أميركا وبريطانيا ودول غربية أخرى دعما كبيرا بهدف الثأر لهيبتها التي كسرت. بيد أن ذلك على حساب آلاف الشهداء والجرحى المدنيين، ودمار البنية التحتية في غزة؛ من خلال سلاح الجو الصهيوني أو سلاح البحرية. أما القوات البرية الإسرائيلية فستكتفي في الوقت الراهن بتجنب المواجهات المباشرة مع المقاومة الفلسطينية، مع استخدام المدفعية أو الصواريخ والدبابات لاستهداف مواقع عسكرية سيطرت عليها المقاومة الفلسطينية.

قد تتدخل دول عربية أو إقليمية كتركيا بوساطة لوقف إطلاق النار، مقابل انسحاب المقاومين الفلسطينيين من المواقع والمستوطنات التي سيطروا عليها. أما إذا استمرت الحرب من قبل الصهاينة على غزة، فانها بالطبع ستخلف ضحايا كثر من المدنيين، وسيضطر مئات الآلاف منهم للنزوح لسيناء إذا فتحت لهم مصر أبوابها، ولن يكون إلا ضمن تفاهمات دولية لاسيما مع واشنطن. وهذا يعني أن إسرائيل ستستمر في عدوانها على غزة لتصفية فصائل المقاومة الفلسطينية، ربما عبر اجتياح بري جديد لغزة.

عندئذ ستكون سيناء هي الوطن البديل لمن فر إليها من مواطني غزة بدعم كبير من المجتمع الدولي، الذي سيضخ أموالا ضخمة لمساعدة الفارين إلى سيناء؛ لإيوائهم وتقديم المساعدات الإنسانية لهم الغذاء الخدمات الصحية وغير ذلك من الخدمات، والذين أيضا لن يتمكنوا من العودة لغزة بسبب استمرار العدوان والحرب عليها من قبل الصهاينة. إذ ستظل غزة منطقة حرب مفتوحة استنزافية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. أما الغزاويون في سيناء فلن يشكلوا أي خطر على إسرائيل كون مصر أبرمت إتفاقية سلام مع إسرائيل بموجبها لن تسمح مصر بأي عمليات عسكرية تنطلق من أراضيها ضد إسرائيل.