عادل عبدالمهدي ضرورة مرحلية!

يكمل الشيعة مسيرة الهيمنة الكاملة على العراق. هذه المرة برجل "مستقل".

لم تكن عبارة "المجرب لا يجرب" التي اطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني مجرد نصيحة او استشارة من قبل اكبر المراجع الدينية للاحزاب والحركات الشيعية السياسية المهيمنة على السلطة في العراق بل امرُ لابد من الالتزام به وتنفيذه حرفيا، ولا يقبل اي تفسير او تأويل، السمع والطاعة التامة، وهذا ما جرى، الكل خضع للامر "المقدس" ولم يشذ احد عنه، الكبير قبل الصغير. ويبدو ان المرجع ومن حوله ومن ورائه قد ارادوا ان يهدأوا اللعبة ويلتقطوا الانفاس ليستعدوا لجولة جديدة ولكن بآلية سياسية جديدة واستراتيجية مغايرة تناسب المرحلة القادمة، بعد ان حققوا معظم اهدافهم في السيطرة على مفاصل الدولة وترسيخ هيمنتهم الطائفية على المكونين الكردي والسني، المرحلة القادمة ستكون مرحلة تدجين تام للمكونين المذكورين بالقانون المسيس والوطنية المسيسة وبذلك سيظلون اسياد العراق ارضا وشعوبا بدون منازع. ولكي تكتمل اطراف اللعبة للمرحلة المقبلة اختاروا رجلا مقبولا اقليميا ومقبولا شعبيا ولدى المكونين الذين خاضا صراعا دمويا مريرا مع الجانب الشيعي الحاكم ومنيا بهزيمة منكرة وخسائر فادحة، ما عمقت العداوة والكراهية الطائفية "التاريخية" بينهما، واستحال العيش مع بعضهما البعض.

كان لابد من تهدئة اللعبة وتبني تكتيكا جديدا للتعامل مع الواقع القاتم الذي خلقوه والذي بدأ يفلت من عقاله، وكان لزاما عليهم اظهار وجه مألوف مسالم، لم يشارك في الحرب الطائفية مع السنة ولا حرض ضد الكرد وهو الدكتور عادل عبدالمهدي، الرجل "المستقل!" او اللاعب الاحتياط او رجل المهمات الصعبة. جيء به لتكلمة المشوار ودعم السلطة الشيعية وتجميل وجهها القبيح واضافة خطوة الى الامام. وهو بذلك يقوم بوظيفة السم الذي يوضع في الدسم تماما، الكل رحب به واستقبله استقبالا حسنا، واعتبره رجلا مناسبا للمرحلة الحالية. ولولا معرفة اقطاب الشيعة ودهاقنها الطائفيين ان الرجل ملتزم التزاما كاملا بثوابت المذهب وسياسته في تكريس التشيع والهيمنة الكاملة على العراق، لما خاطروا بترشيحه لهذا المنصب المهم الذي يجمع كل السلطات الاساسية في طياته.

لكن السؤال الافتراضي الذي يثار دائما في مثل هذه الامور: ماذا لو خرج الرجل عن المسار المخطط له وتمرد على تعليمات رجال الدين وخذل زعماء الكتل الشيعية الذين نصبوه وعمل بالدستور الذي ركنوه جانبا وطبق المادة 140 التي تعيد الحقوق المشروعة للكرد ومن ضمنها كركوك والاراضي التي انتزعت بالقوة الغاشمة عبر عمليات التعريب والتهجير السيئة الصيت، وكذلك طبق المادة 119 الدستورية التي تحقق للسنة مشروعهم في اقامة اقليمهم الخاص، وضرب على يد كبار المفسدين المتربعين على عرش السلطة منذ 13 عاما وزجهم في السجون والمعتقلات وقدم المجرمين في قضايا سقوط الموصل وجريمة سبايكر والحصار الجائر الذي فرض على الشعب الكردي وتخفيض حصتهم من الموازنة من دون سند قانوني او دستوري وغيرها من القضايا التي دمرت البلاد وجعلتها غير قابلة للعيش الادمي؟

وهذا برأي مستحيل. فالرجل لم يأت من اجل الاصلاح أو توطيد الوحدة الوطنية، بل جاء من اجل توطيد دعائم السلطة الشيعية اكثر!

مهما كان ظن البعض به وبقدراته واخلاصه ووطنيته التي لم نر منها شيئا عمليا لحد الان، فانه من المؤكد لن يختلف عن الجعفري والمالكي والعبادي من ناحية اندفاعه الطائفي وحرصه على بقاء الحكم بيد الشيعة لأطول فترة ممكنة، وسيكمل مشوارهم، ويكون رجل المرحلة الحالية!