عالم الموضة الغارق في العنصرية يحاول الترويج للتنوع

دور الأزياء الفاخرة عندما هبت للتضامن مع احتجاجات حركة 'حياة السود مهمة' الأميركية المناهضة للعنصرية، قوبلت بالهجوم والاتهام بالنفاق.
ماركات أزياء عالمية لها تاريخ في فضائح عنصرية
احتجاجات الولايات المتحدة ضد العنصرية تكشف المستور في عالم الأزياء

باريس - عندما هبت دور الأزياء الفاخرة إلى ملء حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات تظهر التضامن مع احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" الأميركية المناهضة للعنصرية، لم تكن النتيجة كما توقعت، فقد قابلها كثيرون بالهجوم وردود الفعل السلبية.

فمثلا ردت عارضة الأزياء مونرو بيرغدورف على أحد منشورات شركة "لوريال" العملاقة متهمة إياها بالنفاق لأنها طردتها قبل ثلاث سنوات عندما اشتكت من البيئة العنصرية في الشركة، في حين أن الممثل الأميركي تومي دورفمان، الذي ظهر في حملة أخيرة لـشركة "سالفاتور فيراغامو"، وصف العلامة التجارية الإيطالية الفاخرة بأنها "بيئة خصبة للعنصرية".

وشن مستخدمون على منصة إنستغرام حملات مشابهة، وطالبوا بيوت الأزياء العالمية بالقيام بأكثر من مجرد نشر صور وعبارات تضامن على حساباتهم الافتراضية، وبدلاً من ذلك إثبات بيئة متنوعة تظهر جليا في عروض الأزياء، وعلى أغلفة المجلات، وفي غرف الاجتماعات والاستوديوهات الإبداعية.

ووفقا لموقع "كريستيان ساينس مونيتور" فقد واجهت ماركات الأزياء العالمية ردود فعل تجاه العنصرية في الماضي، لا سيما في أعقاب فضائح مثل فضيحة "الوجه الأسود" لماركة غوتشي، والتعويذة السوداء لحقيبة برادا، وتعليقات دولتشي آند غابانا المناهضة للآسيويين.

عارضة الأزياء مونرو بيرغدورف
عارضة الأزياء مونرو بيرغدورف طُردت من شركة لوريال

وتأتي احتجاجات الولايات المتحدة ضد العنصرية الممنهجة، والتي تنتشر في جميع أنحاء العالم، لتسلط الضوء أيضا على عالم الموضة من خلال دوره كمنارة ثقافية، وتشجع المطلعين على الصناعة من الداخل للتحدث علنا وكشف المستور.

وتقول تامو ماكفيرسون، صانعة محتوى أميركية مقيمة في ميلانو وتتعاون مع أفضل العلامات التجارية الفاخرة: "هناك أشخاص في شركات الأزياء لديهم مظالم كثيرة.. وقصصهم قوية وأصواتهم مسموعة، وفي حال تجاهلتهم هذه الشركات فيجب إخضاعهم للمساءلة".

وتعمل ماكفيرسون مع العلامات التجارية الفاخرة في ميلانو وباريس ونيويورك منذ عام 2013 ، حيث ساهمت في الحملات الرقمية والتسويق والتدريب الداخلي على أهمية التنوع.

وتضيف قائلة في رسالة نشرتها على موقعها الشهر الماضي "في سبع سنوات، ما زلت واحدة من قلائل السود الذين فتحت أمامهم هذه الأماكن.. لم يعد هذا مقبولا أبدا"، وحثت على اندماج عنصري أكبر في صناعة الأزياء التي وصفتها بأنها "غارقة في العنصرية ومناهضة للسود وتزخر بأفكار تفوق البيض".

الممثل الأميركي تومي دورفمان
الممثل الأميركي تومي دورفمان: سالفاتور فيراغامو بيئة خصبة للعنصرية

وتابعت "لسنوات طويلة لم يرغبوا في الاستماع لأصواتنا.. أما الآن فيستمعون لنا بسبب القتل المريع الذي نراه جميعا، لأنه لم يكن هناك أي مجال للتملص.. هذه هي اللحظة المناسبة لمن يريد التغيير".

ولجأت علامة فيراغامو الإيطالية إلى نشر تغريدة قالت فيها "لم يولد أحد يكره شخصا آخر بسبب لون بشرته أو خلفيته أو دينه"، لكن دورفمان قال إن الناس في دار الأزياء تلك "قالوا لي أشياء بشعة وعنصرية مباشرة.. وكل مرة شكوت فيها وعدوا بالتغيير ولكن دون فائدة".

ويبدو أن الحملة المناهضة لصناعة الأزياء بدأت تؤتي نتائج مبكرة، فقد قبلت العارضة مونرو بيرغدورف، التي تم فصلها من شركة لوريال في عام 2017 عرضا للعمل كمستشارة في المجلس الاستشاري للتنوع والاندماج في المملكة المتحدة للمساعدة في "التأثير والإبلاغ عن العلامات التجارية." وهو عرض عمل جاء بعد أن سلطت الضوء على نفاق لوريال التي صرحت بأنها "تتضامن مع مجتمع السود وضد الظلم من أي نوع".

وسجلت شركة "فاشن سبوت"، التي تتابع التنوع في عروض الأزياء وأغلفة المجلات، تقدما منذ إطلاق استطلاعاتها في عام 2015. فقد حقق موسم ربيع 2020 أعلى مستوى من التنوع في عروض الأزياء في مدن الأزياء الرئيسية الأربعة؛ باريس وميلانو ونيويورك ولندن بنسبة 41.5 في المائة، صعودا من 17 في المائة 2015.

وتقدمت نيويورك ولندن في دعم التنوع، في حين تميل باريس وميلانو إلى التأخر، وفقًا لبيانات الشركة.

وتقول ماكفيرسون "ينصب التركيز حقًا على الحصول على تمثيل السود والسكان الأصليين والأشخاص الملونين وتوظيفهم على جميع مستويات المنظمة، وخاصة في مناصب صنع القرار والأدوار العليا حيث يمكنهم المشاركة في وضع السياسات.. الآن هي الفرصة لإعادة البناء."

وبعد تعرضهما لانتقادات بسبب تصميمات عنصرية، أعلن كل من غوتشي وبرادا العام الماضي عن استراتيجيات طويلة المدى للترويج لأصوات متنوعة لم يتم تمثيلها بشكل صحيح في الموضة، بما في ذلك المنح الدراسية.