التازي يبرز في 'الوريث' إنسانية الكلب وتكالب الإنسان

الفيلم التلفزيوني المغربي يكشف صدق الحيوانات الأليفة وإخلاصها لمن يطعمها ويحتقر صفة الطمع والخيانة والنفاق الاجتماعي.

الرباط - تدور أحداث فيلم "الوريث" للمخرج عبدالرحمن التازي حول حارس فيلا يثق به صاحبها الثري فيترك له بعد وفاته كل ما يملكه على أساس أن يعتني بكلبه، إذ تتوالى الأحداث بعد ذلك فتجد أسرة المتوفى أن الإرث الذي تركه للعائلة سيتم تقاسمه مع الحارس والكلب، وهو ما يولد الصراعات، فتنتج عنه العديد من المغامرات والمواقف المشوقة بسبب رفض عائلة الرجل الثري الراحل تقاسم الثروة التي تركها مع الحارس الذي لا تربطها به أي قرابة، وذلك في قالب اجتماعي كوميدي خفيف.

العمل من سيناريو الراحل حسن لطفي فوطا، وإخراج عبدالرحمن التازي، وتصوير كنزة التازي، وبطولة كل من رشيد الوالي، والصديق مكوار، ورجاء لطفين، وفريد الركراكي، وحسناء مؤمني، ورجاء خرماز.

وعرض فيلم "الوريث" على القناة الثانية يوم الاربعاء 16 نيسان/أبريل 2024، وفي هذا السياق كان ل"ميدلي إيست أونلاين" حوار مع المخرج المغربي عبدالرحمان التازي حول عمليه الأخير، وفيما يلي نص الحوار:

حدثنا عن إعدادك لمشروع سيناريو الشريط التلفزيوني "المرحوم" أو "الوريث"؟

منذ أكثر من 5 سنوات وسيناريو الفيلم جاهز، فهو للكاتب الراحل حسن لطفي فوطا، السيناريست الذي أقدره كثيرا لأنني عملت معه في العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، فعندما عرض علي فكرة الفيلم التلفزيوني "المرحوم" عام 2019، انضممت بسرعة إلى المشروع وعملنا على تطوير السيناريو معا، وبعد وفاة السيناريست أكد علي أهله وشجعوني على اقتراح السيناريو المذكور على القناة الثانية، كتكريم للراحل حسن لطفي، وأيضا من اجل هدف العمل الذي يعالج قضايا الميراث والصراعات التي تنشأ عنه، علاقة مجتمعنا بالحيوانات الأليفة.

ما سبب تغييرك لعنوان الشريط التلفزيوني من "المرحوم" إلى "الوريث"؟

قمت في عام 2022 بإعادة صياغة المشروع مع الممثل رشيد الوالي وأخذت تعليقاته وملاحظاته بعين الاعتبار، وبالتعاون معه تذكرت أنه في عام 2005، عندما كنت مديرا للإنتاج بالقناة الثانية، قمت بدعم مشاركة القناة في تمويل فيلم قصير لرشيد الوالي يحمل عنوان "المرحوم"، لذلك احتراما لهذا العمل الذي أحببته، قمت بتغيير عنوان الفيلم التلفزيوني من "المرحوم" إلى "الوريث".

لماذا اخترت الاشتغال على فكرة هذا السيناريو؟

تمت كتابة الفيلم بصيغة كوميدية تعتمد على المواقف وتسليط الضوء على بعض الظواهر الاجتماعية مثل الطمع والنفاق الاجتماعي وتفضيل المصلحة الذاتية على الروابط الأسرية.

وأمام هذا الكم الهائل من المسلسلات الكوميدية وهذه البرامج  التي في أغلبها دون عمق وفائدة، فكرت في المساهمة بنوع مختلف من الدراما الهزلية لتشجيع التفكير ووضع المشاهد في حالة من الإدراك الكلي لبعض الظواهر الواقعية، إذ أنني أحرس أن تكون الكوميديا ظرفية وليست حوار عابر أو مشاهد مجانية، فجميع أفلامي ومسلسلاتي التليفزيونية مثل "الحسين والصفية"، "المكينة"، "الترقية" وغيرها، تهدف إلى تقديم مواضيع شعبية ليست عديمة الجدوى أو تافهة، بل تحمل في طياتها العناصر الثقافة التعليمية والترفيهية في نفس الوقت.

وتبرز متتالية تكوين اللقطات ايقاعا متوسطا منذ اللقطة التي يصاب فيها السيد "نبيل"، الرجل الثري بألم في صدره ويسقط أرضا بسبب نوبة قلبية ما تؤدي إلى وفاته، وفي وصيته يطلب من محاميه أن يحفظ أمواله تحت وصاية "العربي" البواب والخادم، شريطة أن يكون كلبه على قيد الحياة، كما يأمر "العربي" برعاية الكلب دون ترك أي شيء لأخويه،"سميرة"و"رضوان"، حيث يثير هذا القرار غضبهما بمجرد سماع محتوى الوصية.

وتظهر المشاهد اللاحقة كيف يرحب "العربي" الذي جسد دوره الممثل رشيد الوالي، البواب والرجل القنوع والمتواضع بما جاءت به الوصية، فيعتني بالكلب ويحاول صد كل محاولات التخلص منه من طرف شقيقي المرحوم "نبيل"، فيحاول أن يجعل الكلب سعيدا لأنه أصيب بالاكتئاب بعد موت صاحبه حسب طبيبته الخاصة، لذا يسافر به ويحاول أن ينسيه همومه، لكنه يظل متبوعا بإخوة "نبيل" وبمكائدهم، إذ أن همهم الوحيد هو التخلص من الكلب ليتحقق الشرط الثاني من الوصية والذي يقول إنه إذا مات أو اختفى الكلب فسينقسم الإرث إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول للورثة، والثاني لمنظمة حقوق الحيوان، والثالث ل "العربي" البواب مع احتفاظه بالفيلا.

وتكشف المشاهد الأخيرة أن ذات يوم يضيع الكلب ويقلق "العربي" لأنه ارتبط بالكلب ارتباطا كبيرا ولم يعد يقدر على مفارقته، ووجد فيه من الإخلاص ما لم يجده في بعض الناس، وبعد البحث المضني أيقن "العربي" بأن الكلب لن يعود فيخبر المحامي الذي أخبر بدوره الإخوة، أنه سيطبق الشرط الثاني من الوصية، والمفاجأة كانت عندما زار "العربي" قبر المرحوم "نبيل" وجد الكلب يجلس أمام قبر صاحبه، فعادت البهجة إليه.

استطاعت مديرة التصوير الشابة كنزة التازي ابنة المخرج عبدالرحمان التازي، خريجة معهد السينما في برلين بتخصص إدارة التصوير، أن تثبت مهاراتها الفنية في هذا الشريط التلفزيوني من خلال إضاءة معقولة، رغم أن بعض المشاهد النهارية ظهرت فيها الإضاءة باهتة نوعا ما، وقد يكون هذا بسبب نقص في جودة البث التلفزيوني للقناة الثانية، ولكن الإضاءة الليلية لكنزة التازي في معظم المشاهد كانت جيدة، والشابة جاءت بخبرة قيمة من برلين في فنون التصوير وتقنيات الإضاءة، ما يجعلها قادرة على تحويل الأفكار الإبداعية إلى لقطات تصويرية ترسم قصصا مؤثرة ومثيرة للاهتمام، وخاصة أنها تستعد لإخراج فيلمها القصير تحت عنوان "إخوة الرضاعة".

بصراحة، المشهد الأول للممثل فريد الركراكي كان غير مقنع تماما حتى لو كان لا يحب الميت ويدعي البكاء، فهذه العشر دقائق الأولى مهمة لشد انتباه الجمهور، حيث لم يتمكن من تجسيد الشعور بالحزن على فقدان أخيه بالشكل المطلوب ولو نفاقا، ولم يظهر الترابط العاطفي اللازم لجعل الجمهور يشعر بما تمر به شخصيته، علاوة على ذلك، العلاقة بينه وبين زملائه الممثل صديق مكوار وحسناء مومني، كانت غير منسجمة، وكأنهم لم يفهموا تماما أبعاد الشخصيات التي يجسدونها والعواطف التي ينبغي أن يعبروا عنها، أما الممثل رشيد الوالي، فقد كان مبالغا في تجسيد مشهده مع الكلب ونادل المقهى، إذ ظهر عليه نوع من التصنع والتكلف ولكن كانت بقية المشاهد مقبولة ولكن ليست بالدرجة الجيدة جدا.