عبدالمهدي مثقل بمعادلة التوازن بين طهران وواشنطن

رئيس الحكومة العراقية المكلف يجد نفسه أمام اختبار حاسم لتحقيق التوافق بين الأحزاب السياسية العراقية والحفاظ على التوازن في العلاقات بين بغداد وحليفي بلاده الخصمين إيران والولايات المتحدة.

رئيس الحكومة العراقية ينظر له كرجل توافق
الحفاظ على مسافة واحدة من طهران وواشنطن يثقل كاهل عبدالمهدي
أكثر من ملف ساخن ينتظر عبدالمهدي وسط محيط متوتر
عبدالمهدي يرسم مستقبل العراق لأربع سنوات قادمة

بغداد - ينظر إلى عادل عبدالمهدي (76 عاما)، صاحب الباع الطويل في السياسة العراقية، كشخصية مستقلة قادرة على مسك العصا من المنتصف في العلاقة بين الأطراف الداخلية والخارجية الحاضرة بقوة على الساحة السياسية العراقية.

ورجل الاقتصاد الذي ولد لعائلة شيعية في بغداد جذورها في الناصرية والعارف بدهاليز الأوساط الدبلوماسية في العراق، يقف اليوم أمام مهمة صعبة تتمثل برسم مستقبل العراق للسنوات الأربع القادمة من خلال حكومة يجب أن تبصر النور في غضون ثلاثين يوما.

ومعروف أن عبدالمهدي الذي كلف مساء الثلاثاء كرئيس للوزراء، ليس طارئا على السياسة العراقية، فهو صاحب صولات وجولات جعلت من اسمه مطروحا عند كل استحقاق في العراق، بصفته مرشح تسوية يحظى بقبول جميع الأطراف.

ولذلك يحمل هذا "العتيق" بين يديه، الكثير مما يمكنه من خوض غمار المهمة الموكلة إليه، فهو يحظى بقبول من طهران كما في واشنطن وهو إجماع ضروري في بلاد لطالما وجدت نفسها في خضم التوتر بين هذين العدوين اللدودين، الحليفين لبغداد.

ويحسب لعبدالمهدي أيضا الفضل في الحفاظ على علاقات جيدة مع القياديين الأكراد وهي ميزة كبيرة لتطبيع العلاقات مع إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي وأجرى قبل عام استفتاء فاشلا للاستقلال عن بغداد.

وعرف رئيس الحكومة الجديد السياسة على يد والده الذي كان وزيرا في عهد الملكية التي سقطت عام 1958 في العراق، فانضم في بداياته إلى حزب البعث الذي أوصل صدام حسين إلى سدة الحكم في أواخر سبعينات القرن الماضي.

وبعد ذلك، صار عبدالمهدي معارضا شرسا لنظام صدام، أولا في صفوف الشيوعيين، ثم بسيف الإسلاميين في منفاه بين سوريا ولبنان قبل أن يعود إلى بغداد بعد سقوطه في أعقاب الغزو الأميركي للبلاد في العام 2003.

وفي تلك المرحلة، صار عبدالمهدي قياديا بارزا في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهي حركة أسسها آل الحكيم المقربون من إيران وقادها في ما بعد رجل الدين عمار الحكيم، قبل أن ينشق عنها لتأسيس تيار الحكمة.

وبعد كل تلك التجارب، انسحب عبدالمهدي من التشكيلات السياسية ويقدم نفسه اليوم كمستقل.

وقد بدأ مشواره في السياسة العراقية كعضو في مجلس الحكم المؤقت الذي شكلته القيادة العسكرية الأميركية بعد العام 2003، ثم اختير لفترة وجيزة وزيرا للمالية في الحكومة الانتقالية قبل أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية بعد أول انتخابات متعددة الأحزاب في العراق في العام 2005.

وفي العام 2014، عين عبدالمهدي وزيرا للنفط في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يخلفه اليوم، لكنه استقال من المنصب بعد عامين.

ورغم ذلك، يسجل له أنه تمكن من التفاوض في أولى أيام ولايته مع السلطات الكردستانية العراقية لحل مسألة إيرادات النفط التي تعتبر ملفا شائكا في البلاد.

واليوم، سيتوجب على رئيس الحكومة المكلف الذي يتحدث الفرنسية بطلاقة وقد نال الجنسية بعد دراسته في جامعات باريس والإنكليزية كذلك، أن يشكل حكومته بالتعاون مع شخصيات سبق وعمل معها في الماضي.

وسيلتقي حتما بهادي العامري القيادي القوي لمنظمة بدر المقربة من إيران وزعيم تحالف الفتح الذي حل ثانيا في الانتخابات التشريعية.

وفي الثمانينات والتسعينات، كانا سوية في المجلس الأعلى الإسلامي، معارضين لنظام صدام حسين.

وسيتعاون عبدالمهدي أيضا مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي كاد أن يكون هو بديله في العام 2010.

وإضافة إلى ذلك فإن أمامه الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي لم يتوان عن إبرام تحالفات وكسر أخرى منذ حل ائتلافه أولا في الانتخابات التشريعية.

وفي رد على رسالة تهنئة من سلفه حيدر العبادي، أكد عبدالمهدي على "ثقل المسؤولية" التي تنتظره في بلاد تسعى إلى النهوض بعد مرحلة دحر تنظيم الدولة الإسلامية.