عزم فرنسي أميركي على وضع حد للتهديدات الإيرانية

ماكرون يؤكد خلال مؤتمر صحفي مع بايدن أن باريس وواشنطن مصممتان على ممارسة الضغوط الضرورية على إيران.

باريس - أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأميركي جو بايدن في باريس أن البلدين مصممان على ممارسة الضغوط الضرورية على إيران التي تعتمد "إستراتيجية تصعيد على كل المستويات".

وأكد ماكرون متوجها إلى الصحافيين من قصر الإليزيه أنه "بالنسبة إلى إيران، نلاحظ معا استراتيجية تصعيد على كل المستويات، سواء في الهجمات غير المسبوقة على إسرائيل أو المناورات لزعزعة الاستقرار في المنطقة أو بالطبع البرنامج النووي الإيراني"، مضيفا أن "بلدينا مصممان على ممارسة الضغوط الضرورية لوقف هذا المنحى".

وكان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبنّى قرارا الأربعاء في فيينا ذكّر إيران رسمياً بعدم تعاونها، على خلفية تكثيف برنامجها النووي.

والقرار الذي قدمته لندن وباريس وبرلين وافق عليه 20 بلدا من اصل 35 وكانت الولايات المتحدة بين الدول المؤيدة رغم ترددها في الآونة الاخيرة خشية تصعيد التوتر في الشرق الاوسط.

وهذا القرار، الأول منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، يتضمن مزيدا من الانتقادات لإيران التي توعّدت بالرد، معتبرة أن هذه الخطوة "متسرّعة وغير حكيمة"، وحذّرت من "تأثير مدمّر على عملية التفاعل الدبلوماسي والتعاون البنّاء".

وقبل يومين من تبنّي هذا القرار أكد وزير الخارجية بالإنابة علي باقري أنّ بلاده تجري مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان.

وبدأ الرئيس الأميركي اليوم السبت زيارة دولة إلى فرنسا حيث استقبله نظيره الفرنسي بحفاوة، احتفالا بعودة العلاقات إلى سابق عهدها بين الطرفين.

ووضع الرئيسان إكليلا من الزهور وأوقدا شعلة الجندي المجهول. ثم عبرا جادة الشانزليزيه المزينة بألوان علمي بلديهما، بمواكبة 140 حصانًا و38 سائق دراجة نارية.

ويسعى الطرفان خلال الزيارة إلى إظهار عودة العلاقة بين واشنطن وباريس إلى سابق عهدها بعد سلسلة من التباينات خلال الأعوام الماضية.

وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الجمعة أن الطرفين يريدان إظهار أنهما "أقرب مما كانا عليه في أي وقت مضى".

وستكون المحطة الفرنسية الزيارة الخارجية الأطول للديموقراطي بايدن في خضم حملته للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، والتي سيواجه فيها الجمهوري دونالد ترامب.

ويتوقع أن تثير زيارة الرئيس الأميركي انتقادات إضافية لماكرون المتهم من قبل خصومه باستغلال محطات دبلوماسية هذا الأسبوع لخوض حملة للانتخابات الأوروبية المقررة في فرنسا الأحد.

ووعدت واشنطن بالإعلان خلال الزيارة التي يتخللها غداء عمل ومأدبة عشاء رسمية، عن اتفاقات في مجال الأمن البحري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. كما تمّ الحديث عن تعاون محتمل في مكافحة التغير المناخي.

ولن تغيب عن قمة ماكرون وبايدن القضايا الدولية الكبرى حيث تتطابق مواقف باريس وواشنطن إلى حد كبير، على رغم بعض التباينات، ومنها على سبيل المثال بشأن الحرب في غزة.

وتبقى مواقف البلدين متطابقة بشأن الحرب التي اندلعت في أوكرانيا مع بدء الغزو الروسي في أواخر فبراير/شباط 2022، خصوصاً لجهة تكثيف الدعم الغربي لكييف.

وأكد ماكرون الجمعة إلى جانب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه يريد "وضع اللمسات الأخيرة على تحالف" الدول المستعدة لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، مؤكدا البدء المرتقب بتدريب طيارين أوكرانيين على مقاتلات ميراج 5-2000 الفرنسية.

وفي حين لا يتوقع أن تحذو واشنطن حذو باريس بإرسال مدربين عسكريين، تبقى الولايات المتحدة الداعم الأبرز لكييف على صعيد التسليح والمعدات العسكرية.

وخلال اجتماع عُقد بين زيلينسكي وبايدن في باريس، أعلن الأخير مساعدة جديدة بقيمة 225 مليون دولار لأوكرانيا، مؤكداً أنّ "الولايات المتحدة ستكون معكم دائماً".

وقال بايدن "أنتم لم تستسلموا"، مقدما "اعتذاراته" عن أشهر المفاوضات بين الديموقراطيين والجمهوريين التي سبقت إقرار الكونغرس حزمة مساعدات لأوكرانيا بأكثر من 60 مليار دولار.

وكان بايدن أكد الخميس أن واشنطن "لن تتخلى" عن أوكرانيا. وقال خلال إحياء ذكرى الإنزال "لن نتخلى عنها لأنه إذا فعلنا فسيتم اخضاع اوكرانيا ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد"، مضيفا "الدول المجاورة لأوكرانيا ستكون مهددة، كل أوروبا ستكون مهددة".

وشهدت الأشهر الماضية تحسّناً في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، لاسيما بين بايدن وماكرون شخصياً، بعد التوترات التي شهدتها في أعقاب فسخ أستراليا من دون سابق انذار في سبتمبر/أيلول 2021، عقداً ضخماً للحصول على غواصات تعمل بالطاقة التقليدية من فرنسا، والاستعاضة عنه بشراء غواصات تعمل بالدفع النووي في تعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

وأعقبت ذلك أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن كانت من الأكثر حدة بين الطرفين منذ عقود، قبل أن تعود العلاقات بين الحليفين التاريخيين تدريجياً الى مسارها الطبيعي.

وقال كيربي "من الأمور التي يحترمها ويقدّرها بايدن لدى الرئيس ماكرون هي قدرته على أن يكون صريحاً وصادقاً بقدر ما هو عليه. هذا ما نريد أن نراه لدى حليف وصديق: القدرة على الدخول مباشرة في صلب الموضوع وقول ما يفكّر فيه".

وفي مسعى لطي صفحة التوترات، كان ماكرون أول رئيس أجنبي يجري زيارة دولة للولايات المتحدة بعد تولي بايدن الرئاسة، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2022.