عزوف الناخبين مع انطلاق التصويت في ايران

حصيلة اقتصادية وسياسية تجعل من الناخب الايراني محبطا من المشاركة بقوة في التصويت رغم التعبئة من قبل النظام في وقت تشير فيه عديد المصادر الى غياب الشفافية في العملية الانتخابية.

طهران - بدأ الإيرانيون التصويت الجمعة في انتخابات برلمانية ليس من المرجح أن تغير العلاقات المضطربة للجمهورية الإسلامية مع الولايات المتحدة، بعد استبعاد آلاف المرشحين من التنافس لصالح المتشددين.
وذكر التلفزيون الرسمي أن التصويت بدأ في الساعة الرابعة والنصف بتوقيت غرينتش. ومن المقرر أن يستمر الاقتراع لمدة 10 ساعات.
وبعد أن أدلى بصوته في طهران في بث مباشر للتلفزيون الإيراني قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مجددا الجمعة إن التصويت في الانتخابات البرلمانية "واجب ديني".
وأضاف خامنئي "التصويت واجب ديني... سيضمن أيضا المصالح الوطنية لإيران... أدعو الإيرانيين إلى التصويت مبكرا".
ويحق لنحو 58 مليون إيراني التصويت لانتخاب برلمان البلاد الذي يضم 290 مقعدا.
ويقول محللون إن الإقبال على التصويت سيكون بمثابة استفتاء على أسلوب إدارة القادة للأزمات السياسية والاقتصادية في الوقت الذي تواجه في إيران عزلة متنامية على الساحة العالمية وحالة من السخط في الداخل بسبب الصعوبات الاقتصادية.
وتاتي تصريحات خامنئي في محاولة من القيادة الإيرانية للعب الورقة الدينية في محاولة لتحفيز الشعب الايراني على التصويت لكن ذلك صعب المنال الى حد الان فالشعب الايراني مل الوعود وارهق من تبعات العقوبات المشددة التي فرضتها واشنطن على بلادههم بسبب سياسات السلطات الإيرانية.

المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي
خامنئي يلعب الورقة الدينية بجعل الانتخابات واجبا دينيا

ورغم ان متحدثا باسم مجلس صيانة الدستور المسؤولة عن فرز أوراق المرشحين، انهه من المنتظر أن يسجل الإقبال الجمعة 50 بالمئة لكن عديد المصادر الاعلامية تؤكد ان الاقبال لا يزال محتشما رغم جهود النظام للتعبئة الفترة الماضية.
ويعود السبب حسب مراقبين الى غياب الشفافية والديمقراطية في العملية الانتخابية اضافة الى احساس الشعب الايراني بالاحباط خاصة وان الاصلاحيين او المحافظين المتشددين لا يستطعيون تغيير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها سياسات النظام الفترة الماضية.
والأيام الماضية انتشرت صور لرجال في منتصف العمر على ملصقات دعائية وإعلانات الكترونية استعدادا للانتخابات البرلمانية بإيران رغم أن الشباب والنساء يشكلون أغلبية الناخبين.
وتشير أرقام رسمية إلى أن ثلث الناخبين الإيرانيين تقريبا ينتمون للفئة العمرية بين 18 و30 عاما وأن النساء يشكلن 49.9 بالمئة من الناخبين. وقدم المنتمون للمجموعتين في الماضي دعما قويا لمرشحين اعتقدوا أنهم ربما يخففون القيود المفروضة على الحياة الاجتماعية.
لكن الاحباط بين بعض الناخبين المؤيدين للإصلاح إزاء ما يعتبرونه فشل الرئيس البراغماتي حسن روحاني لتعزيز الحريات الشخصية قد يبقي بعضهم في منازلهم.

وقالت امرأة من طهران تدير شركة للأطعمة واحجمت عن ذكر اسمها "أدليت بصوتي في الماضي لأنني ظننت أنه سيعود بمزيد من الحرية قليلا. كان وقتا مختلفا تماما" مضيفة أنها لا تعتزم المشاركة في التصويت.
وينظر للإقبال على التصويت باعتباره اختبارا حاسما لشعبية المؤسسة الدينية. وشارك زهاء 62 بالمئة من الناخبين في انتخابات عام 2016 مقارنة بنسبة 66 بالمئة في 2012.
وبعد منع عدد كبير من البراغماتيين من العمل البرلماني لصالح المحافظين، تتحول الانتخابات إلى استفتاء على سبل تعامل النخبة الدينية مع الأزمات السياسية والاقتصادية بالبلاد.
وأدى ذلك إلى تهميش أسئلة عن الإصلاح الاجتماعي ومنها إنهاء العمل بقوانين تفرض غرامات وأحكاما بالسجن على نساء يحجمن عن تغطية شعرهن بالكامل أو يرتدين ملابس توصف بأنها غير محتشمة.
وفي السنوات الأخيرة، نشرت آلاف النساء مقاطع فيديو وصورا لهن وهن يخلعن الحجاب علنا في إطار حملة على الانترنت.

لماذا اهتم بالتصويت ما دامت النتيجة لن تغير شيئا

وقالت ستاره (19 عاما) من مدينة تبريز بشمال غرب البلاد "أود التصويت. هذا واجبي كمواطنة. لكنني سأصوت في انتخابات حرة. هذه ليست انتخابات حرة".
وقالت مهرنوش (23 عاما) وهي امرأة عاطلة عن العمل بالعاصمة طهران "لماذا اهتم بالتصويت ما دامت النتيجة لن تغير شيئا؟".

وانتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع لشاب يمزق ملصقات انتخابية.
يكابدون لتوفير الاحتياجات الأساسية
سيختار الناخبون 290 نائبا في أول انتخابات إيرانية منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية عام 2015.
وستكون الانتخابات اختبارا للمزاج العام تجاه القيادة الإيرانية وتعاملها مع الأزمات وخاصة قتل قوات الأمن مئات المحتجين المناهضين للحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني والاحتكاك الذي كاد أن يفضي إلى حرب مع الولايات المتحدة بعد مقتل قائد عسكري إيراني في ضربة جوية أميركية بالعراق الشهر الماضي.

المتشددون الرابح الاكبر في انتخابات تغيب عنها المصداقية والتعددية
المتشددون الرابح الاكبر في انتخابات تغيب عنها المصداقية والتعددية

وتوجد شكوى كبيرة أخرى للنساء والشباب وهي التراجع الاقتصادي الذي فاقمته العقوبات الاقتصادية والذي ترك الكثير من الناس يكابدون لتوفير احتياجاتهم الأساسية.
وذكرت بيانات رسمية نشرها مركز الإحصاءات الإيراني في ديسمبر كانون الأول أن معدل البطالة بين الإيرانيين في الفئة العمرية من 18 وحتى 35 عاما يسجل 17.9 بالمئة مضيفا أن النسبة تصل إلى 29.3 بين النساء بنفس الفئة العمرية.
وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد 9.5 بالمئة في 2019 وثبات النمو في 2020. وتجاوز التضخم نسبة 38 بالمئة العام الماضي.
وحتى رغم الصعاب الناجمة عن العقوبات، يقول كثير من الإيرانيين إن سوء الإدارة والفساد مسؤولان عن المشكلات الاقتصادية.
وقال طالب من طهران يدعى افشين (25 عاما) "النظام فاسد وصوتي سيجعلهم باقين في السلطة. لا للتصويت".