علي غديري عسكري غامض يطمح لرئاسة الجزائر

الجنرال المتقاعد أول من أعلن منافسته لعبدالعزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية في الجزائر قبل تأجيلها استجابة لمطالب احتجاجات الشارع.
غديري يحظي بقبول نسبي من التيار الإسلامي الراديكالي
مرشح على علاقة متوترة مع قائد أركان الجيش الجزائري
الشارع يرفض الحكومة التي عينها بوتفليقة قبل أيام

الجزائر - أبدى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الجزائرية الجنرال المتقاعد علي غديري تفاؤلاً كبيراً بالمستقبل، بعد تنحي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وأكد أنه سيترشح مجدداً في الانتخابات المقبلة، وقد كان من أوائل المرشحين في الانتخابات، التي كان يفترض أن تجرى الشهر الحالي قبل أن يلغيها بوتفليقة.

ورحب غديري في بيان نشره على صفحته على فيسبوك الأربعاء باستقالة بوتفليقة ، قائلا إنها "النهاية المنطقية أمام تعنّت الذين كانوا يدفعون بكل قواهم من أجل تمديد حكمه في رئاسة الدولة رغم حالته الصحية الصعبة"

وأضاف أن "رحيل بوتفليقة عن السلطة يمثل نهاية حتمية لنظام شوه معنى ثورتنا المجيدة. هذا النظام رفضته كل مكونات الشعب الجزائري". 

وطالب غديري، في البيان "بالبت في صحة ملفات الترشح المودعة لدى المجلس الدستوري كما أن المسار لم يتوقف". كما طالب بالسماح للمواطنين بالتسجيل في القوائم الانتخابية، مشيرا أن مراجعتها، من شأنه أن يضفي تمثيلا معترفا به للرئيس المنتخب.

وأكد على ضرورة السماح للشعب، بتعيين الأعضاء الذين سيكونون اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات.
ورحب غديريالبالغ 64 عاما "بالعودة إلى العمل بالقانون الأساسي من خلال المواد 7 و 8 و 102، مطالبا المجلس الدستوري ومجلس الأمة وقيادات الجيش "بضرورة السهر على تطبيق الدستور الصارم وعلى الاستمرار في الإصغاء إلى الشارع الذي بدونه لا يمكن تصور أي حل للخروج من الأزمة".

ورغم علاقته المعروف أنها متوترة بقائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح وبالضباط المقربين منه أشاد غديري بموقف المؤسسة العسكرية في الجزائر.
وقال الجنرال المتقاعد  الذي شغل لفترة طويلة منصب المدير العام للموارد البشرية بوزارة الدفاع إنه "لا يجب الخلط بين الدولة والنظام. الدولة لديها مؤسسات، ومنها الجيش الوطني الشعبي. الجيش ليس ميليشيا، وهو في خدمة الأمة والشعب والدولة. لا أقول هذا مجاملة، بل هذا هو الواقع. لو لم يكن الجيش كذلك لتركوهم (المحيطين ببوتفليقة) يفعلون بالبلد ما يشاؤون، ويذهبون إلى عهدة خامسة، وربما عهدة أبدية".

ودخلت الجزائر الأربعاء رسميا في مسار دستوري لانتقال السلطة، بعد أن أجبرت مسيرات شعبية سلمية، بدأت قبل ستة أسابيع، الرئيس بوتفليقة على تقديم استقالته، الثلاثاء.
وأصرت قيادة الجيش على إيجاد مخرج للأزمة، التي عرفتها الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي، وفقا للمواد 7و8 و102 من الدستور، وتفادي الوصول إلى مرحلة شغور منصب الرئيس خارج الآجال الدستورية.
وتفرض استقالة بوتفليقة، اتباع خطوات إجرائية يقتضيها الدستور.
وكان يمكن للاستقالة أن تكون الحل الأنسب والأكثر ربحا للوقت، للخروج سريعا من مرحلة انتقال سلس للسلطة، وفق مقتضيات الدستور. غير أن الرفض الشعبي لتولي رئيس مجلس الأمة، عبدالقادر بن صالح، مهام رئاسة الدولة بالنيابية، لكونه من رموز نظام بوتفليقة، يطرح عقبات أمام المخرج الدستوري الذي دافع عنه الجيش بصرامة.
كما يرفض الشارع الجزائري الحكومة التي عينها بوتفليقة قبل أيام، وعلى رأسها رئيس الوزراء، نورالدين بدوي، باعتباره من رجال الرئيس المستقيل، في السنوات الأخيرة.
وأعلنت قوى المعارضة رفضها الاعتراف بالحكومة؛ إذ تعتبر أن رئاسة الجمهورية فقدت شرعيتها، منذ 22 فبراير/شباط 2019، تاريخ انطلاق الحراك الشعبي السلمي.

وقال علي غديري إنه كان يتوقع "ثورة الشعب خلال الحملة الانتخابية. وقد ثار قبلها مشكورا"، مؤكدا ترشحه في الانتخابات المقبلة قائلا "إنني أتيت لأكسر المنظومة. وإذا انتخبني الشعب فسأكمل تكسير المنظومة".

وأحيل غديري على التقاعد في 27 أيلول/سبتمبر 2015 بعد فترة وجيزة من إنهاء مهام الفريق محمد مدين المكنى بـ"توفيق" من قمة هرم جهاز الاستخبارات، ليبرز اسمه بعد ذلك عبر سلسلة مقالات دعا فيها بضرورة تغيير المنظومة السياسية في الجزائر ونشرت في الصحافة المحلية.

وأثارت مقالات غديري وتصريحاته الإعلامية غضب المؤسسة العسكرية التي أصدرت بيانات وتصريحات شديدة اللهجة، متوعدة باللجوء إلى القضاء إذا تم خرق القواعد المتعلقة بسلوك العسكريين المتقاعدين في البلاد، ليستقطب الرجل بذلك اهتمام الطبقة السياسية والرأي العام في الجزائر في الفترة الأخيرة.

ودخل غديري فجأة عالم السياسة في نهاية 2018 دون أن يكون لديه حزب واعدا بإقامة "جمهورية ثانية"، ثم أعلن مشاركته في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل/نيسان 2019 ليكون أول المرشحين فيها قبل أن يقدم بوتفليقة استقالته.

وقال خلال ترشحه آنذاك أنه يطمح لـ"إقامة جمهورية ثانية حقيقية ديمقراطية وعصرية، وبناء دولة القانون التي ترتكز على الحريات الفردية والقيم الوطنية المشتركة، حيث يكون المواطن المحدد الرئيس في المعادلة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ".

ويعتبر متابعون للشأن الجزائري أن غديري هو مرشح جناح "توفيق" المسؤول العسكري الوحيد الذي لا يعرف الجزائريون شكله، بالإضافة إلى الجنرالات الذين أطاح بهم قايد صالح مؤخرا أو أرغموا على التقاعد.

علاوة على ذلك يحظي غديري بقبول لدى نسبة كبيرة من المنتمين إلى التيار الإسلامي الراديكالي المعروف بعدائه للعسكر، خصوصا بعد أن طرح نفسه كمتنافس على قصر المرادية. وهو مؤهّل لاستقطاب الإسلاميين الراديكاليين، الذين يشكلون وعاء انتخابيا معتبرا في الجزائر، رغم أنه لم يفصح عن تفاصيل برنامجه السياسي.