
عمالقة التواصل يد واشنطن الطولى في النزاع الروسي الأوكراني
واشنطن – شكل عمالقة التكنولوجيا منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، بتفاوت، ذراعا الكترونيا للحصار الذي تقوده واشنطن على موسكو بعد بدء روسيا تدخلا عسكريا غير مسبوق في أوكرانيا.
وفيما ارتكزت العقوبات الغربية على روسيا على الجانب المالي بهدف عزل الاقتصاد الروسي واضعافه، اعطت وسائل التواصل الاجتماعي للمعركة بعدا أخرا.
وتتمتع شبكات التواصل الكبرى مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب بقوة كبيرة بسبب انتشارها العالمي وهيمنتها في كل مكان، ما يجعل من دخولها على خط الصراع الغربي الروسي حاسما في توجيه الرأي العام العالمي والمحلي.
ومنذ أن هاجمت موسكو جارتها أوكرانيا هذا الأسبوع، حثت كييف هذه الشركات، من آبل إلى محرك البحث غوغل إلى نتفليكس، على قطع علاقاتها مع روسيا، كما تعرضت هذه المجموعات لضغوط أميركية لحثها على الانحياز للمعسكر الغربي,
وكانت غوغل سباقة في الانخراط في الجهود المعادية لموسكو، اذ أعلنت المجموعة السبت أنها "علقت" إمكانية جني عائدات على مختلف منصاتها بالنسبة لوسائل الإعلام الممولة من الدولة الروسية، ردا على غزو موسكو لأوكرانيا.
وأعلنت يوتيوب التابعة لغوغل قبل ذلك بساعات أنها ستمنع بعض الشبكات الروسية من جني أموال من خلال مقاطع الفيديو التي تبثها على منصتها.
وشددت غوغل عقوباتها الإثنين، على روسيا، وعطلت موقتاً في أوكرانيا بعض أدوات "خرائط غوغل" التي توفر معلومات مباشرة بشأن ظروف حركة المرور ومدى ازدحام الأماكن.
وقالت غوغل إنها اتخذت إجراءً لتعطيل طبقة حركة المرور على خرائط غوغل ومعلومات حية حول مدى ازدحام الأماكن مثل المتاجر والمطاعم في أوكرانيا من أجل سلامة المجتمعات المحلية في البلاد، بعد التشاور مع مصادر بينها السلطات الإقليمية.
من جهتها اعلنت فيسبوك الجمعة أنها تحظر على وسائل الإعلام الرسمية الروسية بث إعلانات وجني عائدات من نشاطاتها على منصتها.

والثلاثاء قال نيك كليج رئيس الشؤون العالمية في شركة ميتا إن شركته بدأت خفض ترتيب المحتوى الخاص بوسائل الإعلام الحكومية الروسية على صفحات فيسبوك وحسابات إنستغرام على مستوى العالم، فضلا عن المنشورات التي تحتوي على روابط لتلك الوسائل على فيسبوك.
كما حجبت فيسبوك عدداً من صفحات وسائل الإعلام الروسية في منصاتها في أوكرانيا، كما أنها حجبت صفحة مدير وكالة الفضاء الروسية، دميتري روغوزين، بينما أعلنت أن لا نية لديها في تعليق عمل منصتي فيسبوك وإنستغرام في روسيا.
بدوره، دخل موقع تويتر على خطّ الأزمة الأوكرانية، وقام بإيقاف الإعلانات في روسيا وأوكرانيا موقتاً، وأوقف ميزة التوصيات التي تُظهر التغريدات من حسابات لا يتّبعها المستخدمون من أجل ما سمّاه "تقليل انتشار المحتوى المسيء". وبحسب إدارة تويتر، فإن أسبابها تتعلق بضمان رفع مستوى السلامة العامة.
ولم يُشر تويتر إلى المدّة التي ستستمرّ فيها هذه الإجراءات، لكنّه قال إنها جزء من عمله المستمر للرد على العملية العسكرية الروسية. وأوضح، في منشورٍ له، "نحن نحرص على مراقبة المخاطر المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا، بما في ذلك تحديد محاولات تضخيم المعلومات الكاذبة والمضلِّلة وتعطيلها".
وعاودت الهيئة المنظمة لقطاع الاتصالات في روسيا إبطاء سرعة تحميل تويتر على أجهزة الكمبيوتر، وهو إجراء كانت قد رفعته في مايو أيار، متهمة الشركة الأميركية بالتقاعس عن حذف ما وصفتها بمنشورات زائفة عن "العملية الخاصة" في أوكرانيا.
وعلى الجانب الأخر، جاءت تحركات العملاق الصيني تيك توك محتشمة بعد ضغوط متزايدة من المفوضية الأوروبية والحكومة الأوكرانية وبعض السياسيين الأميركيين.
واعتمد موقع مقاطع الفيديو القصيرة والمضحكة، نهج عدم التدخل، الذي اتّبعه تيك توك منذ بداية الأزمة الأوكرانية، اذ سمح لمستخدمي الموقع بنشر الأخبار الموالية لروسيا. ومع ذلك، أعلنت إدارة الموقع حجب قناة "روسيا اليوم")، ووكالة "سبوتنيك" في أوروبا استجابة لقرار أوروبي.
ودخل الملياردير الكندي الأميركي إيلون ماسك المالك لتسلا لصناعة السيارات وسبايس اكس للفضاء على خط الصراع الاثنين، بارسال شحنة من محطات توفير خدمة الانترنت عبر أقمار "ستارلينك" الاصطناعية التابعة له الى أوكرانيا؟
وستساعد هذه المعدات في توفير الانترنت في مناطق توقفت فيها الخدمة بسبب الهجوم الروسي.
وكتب وزير الشؤون الرقمية في أوكرانيا مايخايلو فيدوروف في تغريدة "ستارلينك باتت هنا. شكرا إيلون ماسك" مع صورة لشاحنة تحمل معدات "ستارلينك".
وكان فديروف حث ماسك على توفير خدمات "ستارلينك" لأوكرانيا بعد أيام على بدء الغزو الروسي الأسبوع الماضي وكتب في تغريدة "فيما تحاول استيطان المريخ، تحاول روسيا احتلال أوكرانيا! فيما تحط صواريخك بنجاح من الفضاء، تهاجم الصواريخ الروسية المدنيين".
وتشغل "ستارلينك" كوكبة من أكثر من ألفي قمر اصطناعي هدفها توفير الانترنت عبر العالم ولا سيما إلى المناطق النائية والفقيرة.
ويأتي الغزو في وقت خسر فيه فيسبوك رائد هذه الشبكات، عددا من مستخدميه للمرة الأولى في تاريخه وعانى من انخفاض تاريخي في قيمته في سوق الأسهم.
لكن نظرا لخطورة غزو أوكرانيا، يؤكد الخبراء دعمهم لموقف مبدئي من مجموعات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.
وقال أليكس ستاموس المسؤول الأمني السابق في فيسبوك، في تغريدة على تويتر "اتخاذ الشركات الأميركية موقفا مع طرف ما في النزاعات الجيوسياسية مبرر وينبغي أن يكون هذا اختيارا سهلا".