عواقب المشروبات الغازية من أول رشفة الى الادمان
واشنطن - صوت تكسّر مكعبات الثلج عند سكب مشروبك الغازي المفضا في الكأس، وهدير الفقاعات، والدغدغة في الحلق عند أول رشفة... على الأرجح أن بدأ لعابك يسيل لمجرد التفكير في ذلك، لكنك لا تجمح كثيرا بخيالك.. فالواقع مر.
ويستهلك واحدا من كل خمسة أشخاص حول العالم على الأقل مشروبا غازيا واحدًا يوميًا، وهو رقم قد يكون مخيفا اذا ما نظرنا بتمعن لما يحصل في اجسامنا على المدى القصير والطويل بعد شربها.
وإذا لم يخطر ذلك ببالك من قبل، فربما حان الوقت للتفكير فيه، فالعادات اليومية هي التي تؤثر فينا أكثر من غيرها. إذًا، إلى أي مدى يؤثر شرب الصودا يوميًا على صحتك؟ وهو سؤال يحاول موقع "هوف بوست" الأميركي ان يجيب عليه.
التأثيرات قصيرة المدى
من المفيد أولًا معرفة مما تتكوّن المشروبات الغازية قبل الخوض في تأثيرها على الجسم. تقريبًا جميع أنواع الصودا تتكوّن من ماء مكربن، ومحليات (عادةً السكر، أو شراب الذرة عالي الفركتوز، أو محليات صناعية)، وحمض الفوسفوريك (الذي يعطي النكهة المميزة ويطيل عمر المنتج)، ونكهات طبيعية. بعض الأنواع مثل بيبسي، وكوكاكولا كلاسيك، وكوك زيرو، ودايت كوك، وميلو يلو، ودكتور بيبر تحتوي على الكافيين.
بمعدل عام، تحتوي العبوة الواحدة على 155 سعرة حرارية، و38 غرامًا من الكربوهيدرات، و37 غرامًا من السكر، و34 ملغ من الكافيين. وللمقارنة، توصي جمعية القلب الأميركية بألا يتجاوز استهلاك السكر 25 غرامًا يوميًا للنساء و36 غرامًا للرجال – أي أقل مما تحتويه عبوة واحدة من الصودا. أما بالنسبة للكافيين، فإدارة الغذاء والدواء توصي بألا يتجاوز 400 ملغ يوميًا.
تقول أخصائية التغذية المسجّلة سونيا أنجيلون إن هناك عدة طرق تؤثر بها الصودا فورًا على الجسم. أولًا، ستشعر بارتفاع في الطاقة بسبب الكافيين والسكر. تشرح أنجيلون أن الكافيين يمنع عمل الأدينوزين، وهو ناقل عصبي يسبب الشعور بالتعب. في الوقت نفسه، يمتص الجسم الكربوهيدرات البسيطة من السكر بسرعة في الدم، مما يزيد من دفعة الطاقة. لكن هذه الدفعة مؤقتة وسرعان ما تنخفض الطاقة.
أما الطبيبة سوبريا راو، المتخصصة في الطب الباطني وأمراض الجهاز الهضمي والسمنة، فتقول إن للصودا تأثيرًا فوريًا على الجهاز الهضمي أيضًا. إذ قد يعاني بعض الأشخاص من الانتفاخ والغازات بسبب الكربنة والسكر. وذكرت أن شرب الصودا يوميًا يمكن أن يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل آلام في البطن، إسهال أو إمساك متكرر. السبب في ذلك، بحسب رأيها، أن السكر يغذي البكتيريا "الضارة" في الأمعاء ويضعف بطانة الجهاز الهضمي.
التأثيرات طويلة المدى
على المدى القصير، يمنحك مشروبك الغازي دفعة طاقة (ثم انخفاضًا حادًا) وقد تسبب لك آلامًا في المعدة. لكن ماذا عن التأثيرات طويلة المدى؟
يقول الدكتور نيل بولفين، المختص في الطب التجديدي، إن شرب المشروب الغازي يوميًا يؤدي غالبًا إلى زيادة الوزن، خصوصًا في منطقة البطن. وبيّن أن دهون البطن خطيرة، لأنها تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب، ومتلازمة الأيض، والسكري من النوع الثاني، وسرطان الثدي. وأضاف أنه مرتبطة أيضًا بأمراض الكلى، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول.
خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية على القائمة
وأشار بولفين إلى أن دراسات أظهرت أن المشروب الغازي، سواء كان عاديا أو دايت، يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. وهذا أمر مهم، خصوصًا وأن أمراض القلب هي السبب الأول للوفيات في أميركا، ويمكن الوقاية منها من خلال اتباع نظام غذائي ونمط حياة صحي.
كما أن شربه يوميًا ليس جيدًا للدماغ أيضًا. فارتفاع مستويات السكر في الدم، الناتجة عن استهلاك الصودا، يسبب التهابًا في الدماغ. وقد أثبتت الدراسات أن استهلاك الصودا بانتظام يرتبط بزيادة احتمالات الاكتئاب والخرف.
هل المشروب الغازي الدايت بديل صحي؟
هل يمكنك تفادي هذه الآثار الصحية بمجرد اختيار صودا دايت؟ للأسف، يقول الخبراء الثلاثة إن المشروبات الغازية الدايت مرتبطة علميًا بمشاكل في الجهاز الهضمي والقلب والدماغ أيضًا. ويجمعون على أن المحليات الصناعية ليست أفضل من السكر.
كيف تقلل من استهلاك الصودا
هل تفكر الآن في تقليل استهلاكك للمشروبات الغازية؟ تقول أنجيلون إنه من المفيد أن تفكر في السبب الذي يجعلك تحب الصودا. هل هو الكافيين؟ إذًا، القهوة الغازية أو مشروب الماتشا المعلب قد تكون بدائل جيدة (مع الانتباه لقائمة المكونات، والتأكد من خلوها من السكر أو المحليات الصناعية). وإذا كنت تحب مزيج الحلاوة والفقاعات، فقد تكون المياه الغازية بنكهة الفاكهة أو الكمبوتشا بديلاً مناسبًا. واقترحت أنجيلون تجربة تحضير مياه منكهة في المنزل لتوفير المال، مثل خيار مع نعناع، أو توت أزرق مع برتقال، أو رمان.
لكن حذرت من الإفراط في الاعتماد على مشروبات أخرى تحتوي على الكافيين (مثل الماتشا أو القهوة الغازية) إذا كنت تعاني من الصداع، والذي قد يحدث عند التوقف المفاجئ عن شرب الصودا أو أي مشروب يحتوي على كافيين. لذلك، تنصح بأن يتم تقليل الكافيين تدريجيًا. وأوضحت أن الكافيين منبه، ويجب الانتباه من استهلاك مصادر أخرى له، مثل الشاي الأخضر، الشوكولاتة، والماته.
وإذا كنت معتادًا على شرب المشروب الغازي يوميًا وتوقفت فجأة، فقد تشعر بالتعب لأنك لم تعد تحصل على دفعة الكافيين المعتادة. تنصح أنجيلون بتناول الطعام بانتظام خلال اليوم للحفاظ على مستويات الطاقة، وتناول وجبات خفيفة غنية بالبروتين والكربوهيدرات مثل الزبادي اليوناني مع التوت أو زبدة الفول السوداني مع الموز. كما شددت على أهمية شرب كمية كافية من الماء. وقالت إن هذه العادة قد تجعلك أكثر يقظة وتجنبك التعب بعد الظهر.
وأضافت أن من الضروري استبدال الصودا بشيء آخر، لأن الصودا مصدر للكافيين والسوائل، وإذا لم يتم تعويض السوائل، قد تظهر أعراض الجفاف مثل التعب، والدوخة، وسرعة الانفعال، وجفاف الجلد والفم.
الانتقال من شرب الصودا يوميًا إلى شربها أحيانًا ليس بالأمر السهل، لكنه بالتأكيد مفيد لصحتك على المدى القصير والطويل.