عون يكلّف مقربا من حزب الله بتشكيل الحكومة اللبنانية

احتجاجات تعم عدة مدن لبنانية رفضا لتكليف الرئيس اللبناني مقربا من حزب الله بتشكيل الحكومة، فيما دعا رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري أنصاره لعدم النزول للشارع.
احتجاجات تعم مدنا لبنانية رفضا لتكليف دياب بتشكيل الحكومة
الحريري يدعو أنصاره لعدم النزول للشارع حرصا على المصلحة الوطنية
دياب يتعهد بتشكيل حكومة تعمل سريعا على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية
عدم ترشح الحريري فتح الطريق لمرشح مدعوم من حزب الله وحلفائه لتشكيل حكومة جديدة

بيروت - استدعى الرئيس اللبناني ميشال عون مساء الخميس بعد انتهاء الاستشارات الوزير السابق والأستاذ الجامعي حسان دياب لتكليفه بتشكيل حكومة بعدما حصد تأييد نواب حزب الله وحلفائه، بعد أكثر من شهر ونصف على استقالة الحكومة السابقة على وقع احتجاجات منددة بالنخبة السياسية ومنظومة الحكم القائمة على المحاصصة الطائفية.

وقالت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في بيان "بعد أن أجرى فخامة رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة وبعد أن تشاور مع دولة رئيس مجلس النواب وأطلعه على نتائجها رسميا، استدعى فخامة الرئيس معالي الأستاذ حسن دياب لتكليفه بتشكيل الحكومة".

وكان الوزير السابق حسان دياب الذي يحظى بدعم حزب الله وحلفائه قد حصل على ما يكفي من أصوات النواب اليوم الخميس لتكليفه بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، ما فتح له طريقا سالكة لرئاسة الوزراء.

وتعهد دياب بعد تكليفه بتشكيل حكومة تعمل سريعا على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية وطمأنة الناس الذين شاركوا في احتجاجات على مدى شهرين ضد النخبة السياسية.

وقال من القصر الرئاسي "أيها اللبنانيون جهودنا جميعا يجب أن تتركز على وقف الانهيار واستعادة الثقة وعلى صون الوحدة الوطنية عبر تثبيت جسور التلاقي بين جميع فئات الشعب اللبناني".

ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى 1990 وهو في حاجة ماسة لتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول تحت ضغط احتجاجات على النخبة الحاكمة.

وعبر في كلمة أمام الصحفيين عقب لقائه الرئيس ميشال عون عن أمله في أن "تكون حكومة بمستوى تطلعات اللبنانيين: تُلامِسُ هواجسَهم وتُحقّقُ مطالبَهم وتُطمئِنُهم إلى مستقبلِهم وتَنقل البلد من حالة عدم التوازن التي يمرّ بها إلى مرحلة الاستقرار عبر خطة إصلاحية واقعية لا تبقى حبرا على ورق وإنما تأخذ طريقها إلى التنفيذ سريعا".

وأضاف "سوف أعمل جاهدا لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن وسأتوسع في المشاورات التي سأجريها لتشمل القوى والأحزاب السياسية وأيضا الحراك الشعبي".

وقال أيضا "إن المرحلة دقيقة جدا وحسّاسة وتتطلّب جهدا استثنائيا وتضافر جميع القوى السياسية في الحكومة وخارجها فنحن نواجه أزمة وطنية لا تسمح بترف المعارك السياسية والشخصية وإنما تحتاج إلى وحدة وطنية تُحصّن البلد وتُعطي دفعا لعملية الإنقاذ التي يجب أن تكون أولوية في حسابات الجميع".

وخاطب المحتجين في الشوارع اللبنانية على الطبقة الحاكمة قائلا "على مدى 64 يوما، استمعت إلى أصواتكم التي تعبّر عن وجع مُزمن وغضب من الحالة التي وصلنا إليها وخصوصا من استفحال الفساد. وكنت أشعر أن انتفاضتكم تمثّلني كما تمثّل كل الذين يرغبون بقيام دولة حقيقية في لبنان، دولة العدالة والقانون الذي يطبّق على الجميع".

ملفات ثقيلة تنتظر رئيس الوزراء اللبناني المكلف حسان دياب
ملفات ثقيلة تنتظر رئيس الوزراء اللبناني المكلف حسان دياب

ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري مساء الخميس من سماهم "الأنصار والمحبّين"، إلى رفض أية دعوة للنزول إلى الشارع أو قطع الطرقات على خلفية تكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة.

وجاء ذلك في أول تعليق للحريري على تكليف دياب عبر تغريدة على حسابه الرسمي بتويتر قال فيها "الهدوء والمسؤوليّة الوطنية أولويّتنا والأزمة الّتي يواجهها لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار".

وتتزامن دعوة الحريري مع انطلاق احتجاجات في عدة مدن لبنانية ضد تكليف حسان دياب المدعوم من حزب الله بتشكيل حكومة جديدة ووصلت الاحتجاجات إلى محيط منزل رئيس الحكومة المكلف بالعاصمة بيروت.

قطع عشرات المحتجين طريق المدينة الرياضية (غربي بيروت)، فيما توجه عدد من المحتجين في حافلات من عكار (أقصى شمال لبنان) إلى بيروت رفضا لتكليف دياب برئاسة الحكومة.

أمّا في الهرمل (بقاع لبنان)، ينظم الحراك الشعبي تجمعا أمام السرايا الحكومي (مؤسسة رسمية تابعة للدولة)، منددين بالطبقة السياسية الحاكمة وسط إجراءات مشددة لقوى الأمن الداخلي.

وفي وقت سابق من مساء الخميس، شهدت ساحة الاعتصام بمدينة صيدا جنوب لبنان وقفات احتجاجية، فيما انطلقت مسيرة حاشدة في مدينة طرابلس (شمال) احتجاجا على تكليف دياب بتشكيل الحكومة وسط توقعات بتزايد عدد المتظاهرين بالشوارع.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن عددا من المحتجين وصلوا على متن دراجات نارية إلى أمام منزل دياب وأطلقوا شعارات رافضة لتكليفه بتشكيل الحكومة ومؤيدة لسلفه سعد الحريري.

 

الاحتجاجات تعم مدنا لبنانية رفضا لتكليف دياب بتشكيل الحكومة
الاحتجاجات تعم مدنا لبنانية رفضا لتكليف دياب بتشكيل الحكومة

وقال الفرزلي إن ترشيح دياب "تسمية تأخذ بعين الاعتبار بعض المعطيات الأساسية التي شاءها الناس بشكل واضح سواء كأستاذ في الجامعة الأمريكية أو كصاحب نظافة كف أو كرجل علم.. شخصية حوارية من الطراز الرفيع يستطيع أن يلعب دورا إيجابيا في أيضا مد الخطوط". لكن رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي قال إنه غير مؤهل للمنصب في هذه المرحلة.
وقال ميقاتي الذي كان يؤيد ترشيح الحريري للمنصب "أنا لا أريد أن أحبط من آمال اللبنانيين ولكن أنا عندي شك أنه أحد يستطيع أن يحمل (المسؤولية) في هذه المرحلة من الأشخاص المطروحين".
وعمل دياب وزيرا للتعليم في حكومة ترأسها ميقاتي.
وبعد إعلان تأييد حزب الله لترشيح دياب قال محمد رعد النائب البرلماني عن حزب الله إن الجماعة قدمت يد العون من أجل صالح البلاد.
وقال مهند حاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن التوترات السياسية قد تؤدي إلى اضطرابات بين الشيعة المؤيدين لحزب الله وحركة أمل من جانب وبين السنة المؤيدين للحريري.

وأضاف "افتقار الحريري للتأييد يعني أنها حكومة مستقطبة مما يعني أن فرصها أقل في الحصول على دعم أجنبي".
ومع سيطرة حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه السياسيين على أكثر من 70 مقعدا في البرلمان سيحظى دياب بأكبر قدر من التأييد فيما يبدو.
ومنذ استقالة الحريري من رئاسة الحكومة يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول دخلت الأحزاب الرئيسية في لبنان في خلاف حول تشكيل حكومة جديدة تحتاج إليها البلاد بشدة للتعامل مع أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990.
ويقول المانحون الأجانب إنهم لن يقدموا أي مساعدات للبنان إلا بعد تشكيل حكومة تستطيع إجراء إصلاحات.
واستقال الحريري تحت ضغط احتجاجات حاشدة ضد النخبة الحاكمة زجت بالبلاد في أتون أزمة. وكان من المتوقع إعلانه رئيسا للحكومة الجديدة هذا الأسبوع وهو المنصب الذي شغله ثلاث مرات من قبل.
ورفضت جماعة حزب الله وحلفاؤها ومنهم عون مطلب الحريري برئاسة حكومة من الخبراء وسعوا بدلا من ذلك إلى حكومة تضم خليطا من المتخصصين والسياسيين.
وخلط انسحاب الحريري من قائمة المرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة الأوراق من جديد وسط حالة من الفوضى الميدانية والسياسية التي تشهدها لبنان، الذي يعاني من انهيار اقتصادي ومالي يُهدد اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم.
ومع بداية بداية الأسبوع الجاري اندلعت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي تصدت لمحاولتهم دخول شارع يؤدي إلى مقر البرلمان، وأطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة، بينما رد المتظاهرون برشقها بالحجارة والمفرقعات النارية وعبوات المياه.
وتسبّبت الصدامات بإصابة العشرات من المتظاهرين بجروح أو بحالات اختناق وإغماء. كما أصيب عشرات العسكريين جراء رشقهم بالحجارة. ونقل عدد كبير من الطرفين إلى المستشفيات للعلاج.