غضب إيراني بعد فرض عقوبات على ظريف

روحاني يتهم واشنطن بالخوف من جواد ظريف ويصف إجرائها بالصبياني والحرس الثوري يعتبره سخيفا في ردود تكشف حجم المأزق الإيراني.
تشنج روحاني يبطن عجزا كبيرا بعد تنامي عزلة إيران إقليميا ودوليا
معاناة المسؤوليين الايرانيين تتفاقم بفرض عقوبات على ظريف المسؤول عن تحسين صورة النظام

طهران - تسارعت الردود من قبل المسؤولين الإيرانيين على قرار الولايات المتحدة الأميركية فرض عقوبات على وزير الخارجية محمد جواد ظريف وهو ما يشير الى حجم المأزق الإيراني.

واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني الخميس أن قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على ظريف يظهر "خوف" واشنطن منه، مع تزايد التوترات بين البلدين الخصمين.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنّ العقوبات تشمل تجميد أيّ أصول لظريف بالولايات المتحدة أو تلك التي تُسيطر عليها كيانات أميركية. وستسعى واشنطن أيضا الى الحدّ من الرحلات الدولية لظريف.

وقال روحاني في خطاب متلفز "إنهم خائفون من مقابلات وزير خارجيتنا" في إشارة الى سلسلة مقابلات صحافية أجرتها وسائل إعلام أجنبية مع ظريف خلال وجوده في نيويورك في الآونة الأخيرة. مضيفا"من الواضح تماما أن كلمات دبلوماسي متفان ومطّلع ومنطقي قد هزّت أساسات البيت الأبيض".

وتابع خلال زيارته مدينة تبريز "إنهم يتصرفون بصبيانية الآن. ربما ليس هناك من طريقة أفضل لوصف (العقوبات) إلا بالصبيانية".

وأضاف "أعداؤنا عاجزون لدرجة أنهم فقدوا القدرة على التصرف والتفكير بحكمة"، مشيرا إلى أن إيران مستعدة للأسوأ في الصراع المجهد لإنقاذ الاتفاق النووي، لكنه أضاف أنه على ثقة من أن طهران ستنتصر في النهاية.

وتزايد القلق من نشوب حرب في الشرق الأوسط تأتي بتداعيات عالمية منذ أن انسحبت الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 وأعادت فرض العقوبات عليها بهدف حمل طهران على تقديم تنازلات أمنية أشمل.

وقال روحاني في بث تلفزيوني حي "تنتظرنا معركة شرسة، لكن من المؤكد أننا سننتصر"، مضيفا "لا نتصرف على فرض أننا سنحصل على نتائج من خلال المحادثات والمعاهدات" في إشارة إلى مساعي القوى الأوروبية لإنقاذ الاتفاق الذي كبح جماح طموح إيران النووي لكنه لم يستطع حمايتها من العقوبات الأميركية.

وتابع "بدلا من ذلك نضع خططنا على أساس افتراض أننا لن نحقق هذه النتائج. ميزانيتنا لهذا العام والعام المقبل... ووزاراتنا تتصرف على هذا الأساس. نتحرك ونتقدم خطوة بخطوة بحرص على المدى الطويل".

وتنم التصريحات المتشائمة لروحاني، مهندس الاتفاق التاريخي الذي أبرم عام 2015 والذي يؤيد بقوة إجراء مفاوضات، عن أنه يفقد الأمل في تفادي الانهيار الأخير للاتفاق رغم أنه ترك الباب مفتوحا للمزيد من التواصل مع أوروبا.

ويبطن خطاب روحاني عجزا كبيرا بعد تنامي عزلة إيران إقليميا ودوليا إضافة الى محاصرة مسؤوليها البارزين على غرار جواد ظريف الذي يعتبر وجه النظام الايراني والمكلف بتحسين صورة النظام لدى الغرب.

ولم تكن هذه العقوبات مفاجئة بعدما أعلنت الولايات المتحدة في نهاية حزيران/يونيو عن عقوبات "شديدة" على المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي. وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب انذاك من ان وزير الخارجية الإيراني ستفرض عليه "قريبا" عقوبات مماثلة.

المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي
واشنطن فرضت عقوبات على خامنئي

وأدان الحرس الثوري الإيراني الخميس العقوبات الأميركية على وزير الخارجية ووصفها بأنها "سخيفة وغير مشروعة وحمقاء".

وقالت وكالة فارس للأنباء "أدان الحرس الثوري في بيان هذا العمل غير المشروع والأحمق ووصفه بأنه سخيف وقال "الأميركيون... يكشفون غضبهم من مدى انتشار رسالة... الثورة الإسلامية" من خلال ظريف.

وبدا الخناق يضيق أكثر فأكثر على المسؤولين الإيرانيين المصرين على مواقفهم المتشددة ورفضهم الالتزام بالاتفاقات والقوانين الدولية.

ويشير تصريح الحرس الثوري الى حجم المعاناة التي يعيشها النظام في ظل عزلة تتنامى يوما بعد يوم.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان إن "ظريف يُنفّذ الأجندة المتهوّرة للمرشد الأعلى لإيران، وهو المتحدّث الرئيسي باسم النظام (الإيراني) في العالم"، مضيفا أن "الولايات المتحدة تبعث رسالة الى النظام الإيراني مفادها أنّ سلوكه الأخير غير مقبول بتاتا".

وتصاعد التوتر بين البلدين الخصمين منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم في 2015 بهدف الحد من برنامج إيران النووي، وأعاد فرض عقوبات عليها.

وتدهور الوضع بعد أن صعّدت إدارة ترامب حملة "الضغوط القصوى" ضد إيران هذا العام، حيث تم اسقاط طائرات مسيرة وتعرضت ناقلات نفط لهجمات غامضة في مياه الخليج.

وعبر الاتحاد الاوروبي الخميس عن "أسفه" للقرار الاميركي بفرض عقوبات على ظريف وأكد انه سيواصل العمل معه.

وقال المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني "نأسف لهذا القرار من جانبنا، سنواصل العمل مع ظريف بصفته أرفع دبلوماسي يمثل ايران ونظرا لأهمية الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية" مع طهران.

ويظهر ان الاوروبيين يسعون للحفاظ على نوع مع العلاقات مع إيران لضمان التزامها بما تبقى من الاتفاق النووي ولدفعها الى الالتزام بكل بنوده وتجنب التصعيد.

وزير الخارجية الايراني جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني
الاتحاد الاوروبي سيواصل العمل مع ظريف رغم العقوبات الاميركية

المتحدث الرئيسي باسم ايران

ولكن في رسائل متضاربة لطهران، قررت واشنطن الأربعاء تمديد اعفاء ثلاثة مشاريع نووية مدنية إيرانية مؤقتا من العقوبات تجنباً لإغضاب الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي وهي الصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

وصرح مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي يتبنى خطا متشددا تجاه إيران، أن هذا "تمديد قصير مدته 90 يوماً".

وأضاف "نحن نراقب هذه النشاطات النووي بشكل وثيق جدا، وستظل تحت الرقابة اليومية".

وظريف في صلب محاولات إيران لنزع فتيل التوتر مع الولايات المتحدة وبلدان أخرى في ما يتعلق ببرنامجها النووي المثير للجدل الذي تقول عنه واشنطن إنه مجرد غطاء لبرنامج سرّي لإنتاج أسلحة نووية.

لكنّ مسؤولا رفيعا بادارة الرئيس دونالد ترامب قال إنّ الصورة الدبلوماسية التي كوّنها ظريف بحكم طلاقته في اللغة الإنكليزية وخلفيته كأكاديمي تعلّم في الولايات المتحدة الى جانب حس الفكاهة لديه، لا تعكس الحقيقة.

وأضاف المسؤول رافضا الكشف عن اسمه "القضية الرئيسية هي أنّه تمكن من خلق هذه الواجهة ... بإظهار نفسه محاورا صادقا ومنطقيا باسم النظام. ما نشير إليه اليوم، هو أنه (ظريف) ليس كذلك".

وقال "اليوم قرر الرئيس ترامب أن هذا يكفي" متهما ظريف بأنه "وزير دعاية سياسية، وليس وزير خارجية".

ظريف وزير دعاية سياسية وليس وزير خارجية

ورد ظريف على الفور قائلا ان واشنطن تحاول إسكات صوت ايران على الساحة الدولية.

وكتب في تغريدة "السبب الذي قدمته الولايات المتحدة لمعاقبتي، هو انني الناطق الرئيسي باسم ايران في العالم"، مضيفا "هل الحقيقة مؤلمة لهذا الحد؟".

واضاف "نعرف أن الدعوة إلى الحوار والسلام يشكل تهديداً وجوديا على فريق ب"، في إشارة إلى بولتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وغيرهم من المتشددين بشأن إيران.

وسارع مسؤولون إيرانيون إلى تأييد جواد ظريف الخميس.

وكتب عباس علي كدخائي المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور على تويتر "أميركا خائفة ليس فقط من صواريخ إيران ولكن كذلك من حديثها".

وأضاف "معاقبة ظريف تعني أن مزاعم أميركا حول حرية التعبير كاذبة. معاقبة ظريف تعني سقوط تمثال الحرية".