غموض النهضة حول مرشحها لرئاسة تونس يخفي أزمة انقسامات

الدورة الـ30 لاجتماع مجلس شورى النهضة تشهد خلافات حادة على خلفية اختيار مرشح للانتخابات الرئاسية ووصلت إلى انسحاب عبداللطيف المكي ونورالدين البحيري.
النهضة تواصل حجب هوية مرشحها لضمان تمسكها بزمام الأمور في الحكومة
الشاهد يبقى المنافس الأبرز على الرئاسية والأكثر ضمانا للنهضة
وفاة الباجي قائد السبسي أربكت النهضة وغيّرت حساباتها

تونس - لاتزال حركة النهضة الإسلامية تمارس الغموض حول مرشحها للانتخابات الرئاسية في تونس مع بدء العد التنازلي لغلق باب الترشحات.

وفشل الحزب الإسلامي الذي يسيطر حاليا نوابه بالأغلبية على البرلمان اليوم الأحد، في التوافق حول مرشح الحركة للرئاسة في حين أكد بعض قياداتها أن المرشح سيكون من خارج الحركة.

وقال رئيس مجلس شورى النهضة عبدالكريم الهاروني، إن مجلس شورى الحركة، لم يتخذ بعد قراره في مسألة مرشّحها للانتخابات الرئاسية التي تم تقديم موعدها إثر وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يوم 25 يوليو الماضي.
وأوضح الهاروني، خلال مؤتمر صحفي عُقد الأحد بمقر الحركة بالعاصمة تونس، أن "مجلس شورى الحركة شهد اختلافات في الآراء بين مدافع على ترشيح شخصية من داخل الحركة، وبين من يرى ضرورة مساندة مرشح من خارجها".
وأضاف أن "مجلس الشورى مازال في حالة انعقاد، وقررنا أن نجتمع الثلاثاء، لاتخاذ القرار النهائي".
وكانت نتيجة التصويت داخل مجلس شورى الحركة لصالح الرأي المدافع على ترشيح شخصية من داخل الحركة لخوض الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، بـ45 صوتا مقابل 44 صوتا طالبوا بترشيح شخصية من خارج الحركة".
واعتبر الهاروني أن "المسألة لم تحسم بعد لأن النظام الداخلي يفرض اتخاذ القرار بأغلبية 50 صوتا، وهذا لم يحصل".
وأشار إلى وجود عدة مقترحات "لأسماء مرشحين للرئاسة من داخل الحركة، كما أن هناك من دافع عن البحث عن شخصية توافقية من خارجها مؤهلة لتكون في مستوى رئاسة الجمهورية".

لكن المحامي عماد بن حليمة اعتبر ما تقوم به الحركة الإسلامية بمثابة المراوغة وكتب في تدوينة على فيسبوك إن النهضة "ستختار مرشحين للرئاسية الأول سيتم الإعلان عنه وطرح اسمه للعموم والثاني ستدعمه في السر".
ومنذ السبت، يتواصل اجتماع مجلس شورى النهضة، في دورته الثلاثين بمدينة الحمامات (شمال شرق)، للنقاش والحسم في الشخصية التي سترشحها الحركة للانتخابات الرئاسية.

وشهد الاجتماع خلافات حادة بين أعضاء الحركة والقياديين فيها من بينهم رئيس الحركة ذاته راشد الغنوشي، وذلك على خلفية الاختيار بين دفع الحركة بأحد القياديين لخوض الانتخابات أو الاكتفاء بدعم أحد المرشحين من خارجها.

ووصلت الانقسامات في اجتماع شورى النهضة إلى انسحاب عدد من القياديين، حيث غادر عبداللطيف المكي ونورالدين البحيري اجتماع الحمامات احتجاجا على الفشل في التوافق على مرشح من داخل الحركة.

وتشبثت النهضة بعدم الكشف عن هوية مرشحها للانتخابات الرئاسية في الفترة الأخيرة لضمان تمسكها بزمام الأمور في الحكومة، لكن وفاة الباجي قائد السبسي بعثر أوراقها وحسابات الحركة ذات المرجعية الإسلامية، حيث كانت ترى في رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد الذي انشق عن حزب "نداء تونس" لينظم إلى حزب "تحيا تونس" أفضل من يمكنه الحفاظ على مصالحها في الحكم.

تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر أي قبل الانتخابات التشريعية يربك النهضة
تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر أي قبل الانتخابات التشريعية يربك النهضة

والثلاثاء، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون عن الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة المبكّرة المقررة في 15 سبتمبر المقبل.

ويرى مراقبون للشأن التونسي أن التوافق بين النهضة والشاهد لايزال قائما خصوصا أن الأخير أيضا لم يحسم بعد موقفه من الترشح لرئاسة البلاد، مكتفيا بالقول في آخر حوار تلفزيوني له أنه "سيعلن خلال الأيام القادمة عن الموقف الذي اتخذه بشأن الترشح".

وكان الأمين العام لحزب "تحيا تونس" سليم العزابي قد أكد أن الشاهد هو مرشح الحزب للرئاسية.

وتلعب النهضة بعامل الوقت حتى تتضح الأمور أكثر على الساحة السياسية في البلاد خصوصا أن كثرة الأسماء التي قدّمت ترشحاتها للانتخابات الرئاسية ستساهم في تشتيت أصوات وتوجهات الناخبين في ظل عدم التزام المدارس السياسية بالتوافق حول مرشح واحد يحمل نفس المشروع السياسي.

وهو نفس سيناريو انتخابات 2014، حين تقدّم 27 مرشحا للانتخابات الرئاسية ما أدى إلى تشتت أصوات الناخبين والالتجاء إلى دورة رئاسية ثانية فاز فيها آنذاك قائد السبسي على حساب منافسه المنصف المرزوقي.

ويقول مراقبون إن المنافسة حول كرسي الرئاسة بعد وفاة السبسي المفاجئة قبل انتهاء فترة رئاسته بأشهر قليلة، ستنحصر بين شخصيات صاعدة مثل وزير الدفاع التونسي عبدالكريم الزبيدي أو كمال مرجان وزير الوظيفة العمومية أو رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يبقى منافسا بارزا على الرئاسية رغم ما يتعرض له من انتقادات واسعة بسبب طموحه السياسي.

والأمر الذي أصبحت تخشاه حركة النهضة أكثر اليوم هو تغيير موعد الانتخابات الرئاسية ليصبح موعدها قبل الانتخابات التشريعية، وهو ما سيجعل إمكانية فشلها في رئاسة البرلمان والمحافظة على الأغلبية فيه في حال خسارة منصب رئاسة الجمهورية أو فوز أحد معارضيها به، أمرا حتميا.