غوتيريش يؤيد فكرة التفاوض مع الجهاديين الأقل تطرفا

دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للحوار مع مجموعات جهادية تتناغم مع دعوة سابقة أطلقها مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي لإسكات السلاح في منطقة الساحل.
غوتريش يستثني الجماعات الأكثر تشددا مثل داعش من الحوار
تفاوض واشنطن مع طالبان يحفز دولا أخرى على التفاوض مع جماعات متطرفة
جماعات إرهابية في منطقة الساحل ترفض مدنية الدولة وتقدم السلاح على الحوار

باريس - اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن الحوار ممكن مع بعض المجموعات الجهادية في منطقة الساحل ولكن ليس مع الأكثر "تطرفا" كتنظيم الدولة الإسلامية في وقت باتت هذه المسألة تطرح بإلحاح أكبر خصوصا في مالي.

وقال في حديث لصحيفة 'لو موند' الفرنسية هناك مجموعات يمكننا التحاور معها ولديها مصلحة في التحاور لتصبح أطرافا سياسية مستقبلا".

وتدارك "لكن هناك من بلغ لديهم التطرف الإرهابي حدا لا يمكننا معه القيام بأي خطوة" وأعطى مثالا على ذلك تنظيم الدولة الإسلامية الغائب عن مباحثات السلام في أفغانستان.

وتتناغم دعوة غوتيريش في مضمونها مع دعوة سابقة وجهها إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي في 14 أكتوبر/تشرين الأول حث فيها على "محاولة التحاور مع المتطرفين" في دول الساحل "لإسكات الأسلحة" على غرار الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وطالبان أفغانستان في 29 فبراير/شباط.

ومع أن طبيعة الوضع في أفغانستان تختلف مع الوضع في منطقة الساحل من حيث الجغرافيا ومن حيث النسيج الاجتماعي وتركيبة الجماعات المتطرفة، إلا أن تجربة التفاوض بين واشنطن وطالبان حفزت لدى شق من الأفارقة استنساخ التجربة على الرغم من مخاطرها.

وقال شرقي الأسبوع الماضي إن "أي فكرة مبتكرة هي موضع ترحيب لإسكات صوت الأسلحة في إفريقيا وفي المقام الأول تلك التي يحملها الإرهابيون والمتطرفون العنيفون".

في منطقة الساحل تتنافس جماعات موالية للقاعدة وأخرى موالية لداعش على سفك الدماء
في منطقة الساحل تتنافس جماعات موالية للقاعدة وأخرى موالية لداعش على سفك الدماء

وأضاف أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية في 29 فبراير/شباط "قد يلهم الدول لأعضاء (في الاتحاد الإفريقي) للبحث في إمكان محاورة المتطرفين وتشجيعهم على إلقاء أسلحتهم لا سيما أولئك الذين تم تجنيدهم قسرا".

وقال رئيس مالي السابق إبراهيم بوبكر كيتا في فبراير/شباط قبل الإطاحة به في 18 أغسطس/اب بانقلاب عسكري، إنه مستعد لفتح حوار مع الجهاديين.

ولم يُعرف الكثير من التفاصيل حول حقيقة هذه الاتصالات أو مضمونها، لكن أشار مؤخرا مبعوثه إلى وسط مالي ديونكوندا تراوري إلى أنه أرسل مفوّضين إلى قادة التحالف الجهادي المرتبط بتنظيم القاعدة الذي أفرج عن الرهائن.

ودعا شرقي في مقال بصحيفة 'لوتان' السويسرية البلدان الإفريقية لتولي مسؤولية أمنها لا سيما في منطقة الساحل. وذكّر بأن حضور شركاء مالي المنتشرين في المنطقة كان يفترض أن يكون "لفترة قصيرة" لكنهم "لا زالوا موجودين"، في إشارة مرجحة إلى فرنسا.

وثمة جماعات متطرفة ترفض أصلا مبدأ الحوار ومبدأ مدنية الدولة وتقدم السلاح على المفاوضات لفرض عقيدتها المتشددة.

وتأتي تصريحات غوتيريش وقبلها دعوة إسماعيل شرقي في وقت أثار فيه قيام الحكومة المالية بتبادل 200 معتقل من الجهاديين بأربع رهائن هم مسؤول مالي معارض والفرنسية صوفي بيترونان وايطاليان، التكهنات حول استئناف الاتصالات التي بدأت مع المتطرفين.

وقال غوتيريش "في أفغانستان هناك مجموعة إرهابية يستحيل التحاور معها هي تنظيم الدولة الإسلامية. رؤيته متشددة لدرجة يستحيل إطلاق أي حوار مع هذا التنظيم".

وكشف الأمين العام للأمم المتحدة أن "التدابير الأمنية المتخذة غير كافية" في دول الساحل، دعيا إلى "تضامن دولي أكبر" مع هذه المنطقة.

وتأمل الأمم المتحدة تخصيص مساعدات وخصوصا إنسانية بقيمة 2.4 مليار دولار (مليارا يورو) خلال اجتماع وزاري افتراضي الثلاثاء.

وأوضح أن مهمة قوة الأمم المتحدة في مالي محدودة جدا للتمكن من "محاربة التهديد الإرهابي بفعالية".

وتابع أن إمكانات قوة برخان الفرنسية التي تعد أكثر من خمسة آلاف عنصر "محدودة أيضا وسط الأراضي الشاسعة التي يجب السيطرة عليها".

وقال غوتيريش إن القوة المشتركة في الساحل "تفتقر إلى الوسائل والإمكانات للرد على التحديات الأمنية الهائلة"، منددا برفض واشنطن أن تمولها الأمم المتحدة.

وذكر أن "الرد الدولي يجب أن يكون أقوى. نحتاج إلى تضامن أكبر من الأسرة الدولية وكذلك إلى تغيير الإطار الذي تعمل ضمنه القوة الإفريقية".