خطاب استعراضي لخامنئي ردا على الشكوك بشأن غيابه ومصيره
طهران – حذر الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الخميس من أن أي عدوان في المستقبل على إيران سيكون له ثمن فادح، وذلك في خطاب نقله التلفزيون جاء أشبه باستعراض قوة، بعد تزايد الشكوك حول أسباب غيابه وتكهنات بشأن مصير البلاد،
وقال خامنئي أن وصول إيران لقواعد أميركية رئيسية إنجاز كبير قد يتكرر في المستقبل إذا تجدد العدوان، واعتبر أن إسرائيل "سُحِقت تقريبا" جراء الضربات الصاروخية الإيرانية خلال الحرب بين البلدين. وذلك بعد يومين من إعلان وقف لإطلاق النار بين البلدين وضع حدا لحرب استمرت 12 يوما.
ويأتي خطاب خامنئي المكتوب بالتزامن مع تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أثارت فيه مسألة غياب المرشد الإيراني علي خامنئي الذي لم يُرَ علنا أو يسمع عنه منذ قرابة أسبوع، على الرغم من الأزمة الاستثنائية التي تواجهها بلاده، وسط تساؤلات من المطلعين على الشأن السياسي ومن عامة الناس.
ولفتت الصحيفة إلى تصريح مهدي فضائلي، رئيس مكتب أرشيف خامنئي، الذي لم يقدم إجابة مباشرة حول هذا التساؤل، مشيرا إلى أنه تلقى هو الآخر العديد من الاستفسارات من مسؤولين وآخرين قلقين على (آية الله) بعد حملة القصف الشرسة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة، قائلاً "علينا جميعا أن ندعو".
وأضاف "إن المسؤولين عن حماية المرشد الأعلى يؤدون واجبهم على أكمل وجه.. إن شاء الله، سيحتفل شعبنا بالنصر إلى جانب قائده".
وفي الأيام الماضية، حين قصفت الولايات المتحدة ثلاث منشآت نووية إيرانية، وردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية على قاعدة أميركية في قطر، واتفقت إيران وإسرائيل على وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ صباح الثلاثاء، ظل خامنئي الذي يقول المسؤولون إنه كان يحتمي في مخبأ محصن ويمتنع عن التواصل الإلكتروني لمنع محاولات اغتياله غائبا، ولم يصدر أي تصريحات عامة أو رسائل مسجلة.
وقال محسن خليفة، رئيس تحرير صحيفة "خانمان"، إن "غياب خامنئي الذي استمر لأيام جعلنا جميعا، نحن الذين نحبه، قلقين للغاية". وأضاف خليفة معترفا بإمكانية أن هذا الأمر كان يبدو غير وارد قبل أسبوعين، أنه لو كان خامنئي ميتا، فإن موكب جنازته سيكون "الأكثر مجدا وتاريخية".
ولفتت الصحيفة إلى أنه بصفته المرشد الأعلى، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، يتوقع منه الموافقة على أي قرار عسكري هام كالهجوم على القاعدة الأميركية أو اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مشيرة إلى أنه يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي طلبه الرئيس ترامب وتوسط فيه أمير قطر، قد تم التوصل إليه بسرعة. ومع ذلك، ظل كبار القادة العسكريين والمسؤولين الحكوميين متحفظين بشأن ما إذا كانوا قد التقوا أو تحدثوا مع خامنئي في الأيام الأخيرة.
وقد أدى صمته العلني إلى موجة من التكهنات والتساؤلات حول مدى انخراط خامنئي في أحدث القرارات، بالنظر إلى الصعوبات أو التأخيرات المحتملة في الوصول إليه؟ وهل لا يزال يشرف على البلاد يوميا؟ وهل هو مصاب أو مريض أو حتى على قيد الحياة؟
ونقلت الصحيفة الأميركية عن حمزة صفوي، المحلل السياسي وابن الجنرال يحيى صفوي، قائد الحرس الثوري الإسلامي والمستشار العسكري الأعلى لخامنئي، قوله إن مسؤولي الأمن الإيرانيين يعتقدون أن إسرائيل قد تحاول اغتيال خامنئي، حتى خلال وقف إطلاق النار. ولذلك، كما قال يطبقون إجراءات أمنية مشددة، بما في ذلك تقييد التواصل مع العالم الخارجي.
وأضاف "هناك رؤية براغماتية سائدة لإدارة البلاد للخروج من هذه الأزمة"، من خلال تمكين قادة آخرين، مثل الرئيس مسعود بزشكيان. مع ذلك، قال صفوي إنه يعتقد أن خامنئي يدلي بدلوه في القرارات الرئيسية عن بعد.
ويقول بعض أنصار خامنئي على وسائل التواصل الاجتماعي، إنهم لا يشعرون بانتصار إيران في الحرب ضد إسرائيل إلا بعد رؤية المرشد الأعلى أو سماعه.
وكشف أربعة مسؤولين إيرانيين كبار، مطلعين على مناقشات السياسة الحالية في الحكومة، إنه في غياب خامنئي، كان السياسيون والقادة العسكريون يشكلون تحالفات ويتنافسون على السلطة. وتختلف رؤى هذه الأطراف حول كيفية مضي إيران قدما في برنامجها النووي، ومفاوضاتها مع الولايات المتحدة، والأزمة مع إسرائيل.
وأوضح المسؤولون الأربعة أن التيار الذي يبدو أنه صاحب اليد العليا في الوقت الحالي يدفع باتجاه الاعتدال والدبلوماسية. ويشمل هذا التيار الرئيس بزشكيان، الذي أشار علنا إلى استعداده للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة حتى بعد قصف ترامب للمنشآت النووية الإيرانية. ومن بين حلفاء بزشكيان رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، المقرب من المرشد الأعلى، والقائد الجديد للقوات المسلحة، اللواء عبد الرحيم موسوي.
وفي اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، أشار بزشكيان إلى أن الوقت قد حان لتغيير طريقة إدارة البلاد، وقال بزشكيان لمجلس وزرائه "لقد أتاحت الحرب ووحدة الشعب فرصة لتغيير آرائنا في الحكم وسلوك مسؤولينا. إنها فرصة ذهبية للتغيير".
من جهة أخرى، قالت سنام وكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس البحثي، إن غياب خامنئي كان ملحوظا، ودليلا على أن قادة إيران "حذرون للغاية وذوو توجه أمني".
وقالت وكيل "إذا لم نر خامنئي في عاشوراء"، وهو موكب ديني مهم للمسلمين الشيعة يقام في إيران في أوائل يوليو من هذا العام، "فهذه علامة سيئة. عليه أن يظهر وجهه".