فرنسا تتحسب لتمدد موجة العنف من أمستردام إلى باريس

وزير الداخلية الفرنسي يرفض إلغاء مباراة بين منتخب بلاده ونظيره الإسرائيلي ضمن دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم الأسبوع المقبل، رغم مخاوف من تكرار أحداث عنف أعقبت مباراة مكابي تل أبيب وأجاكس أمستردام.

باريس - قال وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو اليوم الجمعة إن فرنسا لن تغير خططها بشأن استضافة مباراة مع إسرائيل ضمن دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم الأسبوع المقبل، بينما تشير تصريحاته إلى أن باريس ترفض الاستسلام لمخاوف تمدد موجة العنف على خلفية الصدامات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين خلال مباراة بين فريقي أجاكس أمستردام وماكابي تل أبيب في أمستردام.

وذكر ريتايو في منشور على إكس "فرنسا لن تتراجع لأن ذلك يعني الاستسلام في مواجهة تهديدات العنف ومعاداة السامية"، بينما يتصاعد التوتر في البلاد التي تضم أكبر جاليتين يهودية ومسلمة في أوروبا، على خلفية أسلوب إسرائيل في الحرب في غزة، بينما أبلغت السلطات هذا العام عن زيادة في حوادث معاداة السامية.

وحظرت السلطات الفرنسية بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة العديد من المظاهرات والفعاليات للتضامن مع فلسطين، بينما تدخلت الشرطة في العديد من المناسبات لتفريق وقفات احتجاجية ندد منظموها بدعم باريس للدولة العبرية وتأييدها لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

وحكم القضاء الفرنسي الاثنين بسجن أميرة زعيتر، الناشطة المؤيدة للفلسطينيين في نيس، 3 سنوات بعد نشرها منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأدينت زعيتر بالعديد من التهم من بينها تمجيد الإرهاب وتمجيد جرائم ضد الإنسانية والتحريض على التمييز والتحريض على الكراهية على أساس الأصل.

وشهدت فرنسا خلال الأعوام الماضي العديد من أحداث العنف التي اندلعت على خلفية حوادث مختلفة فرضت في أعقابها السلطات حالة طوارئ.

وفي يوليو/تموز 2023 اهتزت العديد من المدن الفرنسية على وقع أعمال عنف اندلعت إثر مقتل شاب من أصول مغاربية أثناء مطاردة أمنية، بينما دفعت وزارة الداخلية بالعشرات من الآلاف إلى الشوارع لاحتواء الاضطرابات التي امتدت إلى مناطق سياحية مثل شارع الشانزليزيه في باريس، فيما اتهمت جماعات حقوقية السلطات الفرنسية بممارسة العنصرية في إنفاذ القانون.

وتضم فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، جالية كبيرة من السكان من أصول مغاربية وإفريقية، بينما أشارت تقارير إلى أن هؤلاء باتوا يفضلون الهجرة من البلاد لاقتناعهم بأنهم أصبحوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، لا سيما بعد الهجمات الإرهابية التي هزت فرنسا في العام 2015.

وقالت إسرائيل إنها سترسل طائرتين لإعادة مشجعي فريق كرة قدم إسرائيلي من هولندا اليوم الجمعة بعد هجمات وقعت خلال الليل في الشوارع ووصفها المسؤولون بأنها "معادية للسامية".

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تدخل شرطة مكافحة الشغب لفض اشتباكات بالشوارع، فيما كان بعض المهاجمين يرددون عبارات مناهضة لإسرائيل.

وتخطط شرطة باريس لنشر أكثر من ألفي فرد أمن حول الاستاد الذي ستقام فيه المباراة يوم الخميس 14 نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما ذكرت محطة بي.إف.إم التلفزيونية. ومن المتوقع أيضا أن تفرض السلطات طوقا أمنيا أكبر من المعتاد.

وكان ريتايو قد قرر عقد اجتماع صباح اليوم الجمعة مع مسؤلي الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ونادي باريس سان جيرمان في أعقاب رفع لافتة عملاقة كتب عليها "فلسطين حرة" في مباراة بدوري أبطال أوروبا هذا الأسبوع. 

وانتقد الوزير الفرنسي الخميس الواقعة، معتبرا أنها "غير مقبولة"، لكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قال إن النادي لن يواجه عقوبات.

وقال ريتايو، ردا على سؤال من إذاعة "سود" عما إذا كان سيسعى لفرض عقوبات على باريس سان جيرمان، "لا أستبعد أي شيء. سأطالب النادي بتوضيح الأمر".

وقال مصدر إن رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم فيليب ديالو استدعي لاجتماع في وزارة الداخلية الجمعة وإن حضوره لم يتأكد بعد، بينما لا يملك الاتحاد أي سلطة على المسابقات الأوروبية للأندية. وقالت قناة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية إن المدير العام لنادي باريس سان جيرمان فيكتوريانو ميلرو استدعي أيضا.

ورفعت مجموعة من مشجعي باريس سان جيرمان ليل الأربعاء لافتة ضخمة مكتوب عليها "فلسطين حرة" قبل مباراة الفريق في دوري أبطال أوروبا ضد أتليتيكو مدريد، وقبل ثمانية أيام من مباراة فرنسا وإسرائيل في باريس في دوري الأمم الأوروبية.

وقالت رابطة كولكتيف أولتراس باريس لمشجعي فريق باريس سان جيرمان في بيان "لم تستهدف هذه اللافتة بأي حال من الأحوال نقل رسالة كراهية، بل على العكس تماما". وأضافت "الرسالة المصاحبة لللافتة صريحة وهي دعوة للسلام بين الشعوب"، موضحة أنها "صنعت خارج الملعب".

ويأتي هذا في وقت تواصل فيه إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة التي تقول وزارة الصحة في القطاع إنها أسفرت عن مقتل نحو 43400 فلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

واشتعل فتيل الحرب بعد هجوم شنه مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" على جنوب إسرائيل وتقول إحصاءات إسرائيلية إنه تسبب في مقتل نحو1200 شخص.

وقال نادي باريس سان جيرمان المملوك لقطر بعد المباراة إنه لم يتم إخطاره بأي نوايا لرفع هذه اللافتة وأضاف في بيان "يؤكد النادي أن ملعب بارك دي برينس مخصص ليكون مكانا يجتمع فيه الناس حول شغفهم المشترك بكرة القدم، ويعارض بشدة أي رسائل ذات طابع سياسي داخله".

وقال ريتايو "بالتأكيد، تقع المسؤولية على عاتق رئيس النادي أريد أن أعرف كيف وصلت هذه اللافتة إلى الملعب وكيف تم فتحها وعرضها".

وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الخميس إن باريس سان جيرمان لن يخضع لأي إجراءات تأديبية لأنها تُفرض فقط في حالة الرسائل السياسية التي تعتبر مسيئة أو استفزازية.

وفي العام الماضي، غُرم سيلتيك الاسكتلندي 17500 يورو لتلويح مشجعيه بالعلم الفلسطيني خلال مباراة في دوري أبطال أوروبا.