فرنسا تتراجع عن دعم حكم العسكر لتشاد ولا تتخلى عنهم

الرئيس الفرنسي يندد بقمع الاحتجاجات الرافضة لانقلاب المجلس العسكري بقيادة ابن الرئيس التشادي الراحل، على الدستور، مشددا على أهمية انتقال سريع للسلطة إلى حكومة مدنية.
ديبي الابن يطالب بدعم الشركاء الغربيين لضمان الاستقرار
أنباء عن مقتل 12 جنديا تشاديا على أيدي متشددين
فرنسا غير مستعدة للمجازفة بخسارة حليف مهم في مكافحة الإرهاب
فرنسا تُولي أهمية كبرى لتشاد كونها رأس الحربة في مواجهة الإرهاب بالساحل

باريس/نجامينا - غيرت فرنسا اليوم الثلاثاء موقفها من دعم تحول مدني-عسكري في تشاد إلى الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية مدنية تدير شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات في غضون 18 شهرا.

وأربك مقتل الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي كان يدير البلاد بيد من حديد وكان من أقوى شركاء الغرب في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، حسابات فرنسا التي دعمت في البداية سيطرة العسكرة على السلطة بمنطقة "أخف الضررين"، وسط قلاقل شعبية ومخاوف من موجة عنف.

وبعد مقتل ديبي على جبهة القتال تولى السلطة مجلس عسكري برئاسة ابنه محمد إدريس ديبي. وقال إنه سيشرف على مرحلة انتقالية مدتها 18 شهرا لحين إجراء انتخابات. ووصفت أحزاب معارضة هذا بالانقلاب.

وقال ديبي الابن اليوم الثلاثاء إن بلاده بحاجة إلى دعم هائل من الشركاء من أجل استقرار الوضع الاقتصادي والمالي الذي تأثر بشدة بسبب الحالة الأمنية وجائحة فيروس كورونا.

وفي أول خطاب له إلى الأمة، قال ديبي، إن الجيش تولى زمام الأمور بعد أن رفض رئيس الجمعية الوطنية تولي سلطاته الدستورية.

وقال "سنعمل على ضمان إجراء انتخابات حرة وشفافة في أقرب وقت ممكن"، مضيفا أن مهمة المجلس الأساسية هي "تسيير المرحلة الانتقالية بسلاسة وضمان الحوار بين جميع الأطراف".

كما شدد على أن الجيش لم يعلن عن قيام المجلس الانتقالي "إلا بعد رفض رئيس البرلمان تولي السلطة وفقا للدستور".

وبالتزامن مع كلمة محمد ديبي، أفادت سلطات تشاد بمقتل 12 جنديا بأيدي متشددين شمالي البلاد، حسبما نقلت قناة 'الحرة' الأميركية.

وفي 20 أبريل/ نيسان الجاري، أعلن الجيش التشادي مقتل الرئيس إدريس ديبي (68 عاما)، متأثرا بجراح أصيب بها خلال تفقده قواته في الشمال، حيث يشن المتمردون هجوما لإسقاط نظامه الحاكم منذ 1990.

كما كشف عن تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة محمد (37 عاما) نجل الرئيس الراحل، لقيادة البلاد مدة 18 شهرا يعقبها إجراء انتخابات

وتوفى ديبي بعد ساعات من إعلان فوزه رسميا بولاية سادسة في انتخابات رئاسية أجريت في 11 أبريل/ نيسان الجاري.

وقتل شخصان على الأقل وأصيب 27 آخرون في تشاد اليوم الثلاثاء بعد خروج محتجين إلى الشوارع للمطالبة بالعودة للحكم المدني.

ويواجه المجلس العسكري ضغوطا عالمية لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية في أقرب وقت. وعبّر الاتحاد الأفريقي عن "قلقه البالغ" إزاء تولي الجيش السلطة، في حين كانت فرنسا تسعى لحل مدني-عسكري.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان مشترك بعد محادثات أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي إن البلدين "يقدمان دعمهما لعملية انتقالية شاملة متاحة لكل القوى السياسية في تشاد بقيادة حكومة وحدة وطنية يتعين أن تؤدي إلى انتخابات في غضون 18 شهرا".

قُتل شخصان على الأقل الثلاثاء في تظاهرات متفرقة في نجامينا وفي جنوب تشاد ضد المجلس العسكري الذي تولّى الحكم عقب وفاة الرئيس إدريس ديبي إتنو قبل أسبوع، وفق ما أعلنت النيابة العامة.

لكن مرصدا محليا أشار إلى مقتل تسعة أشخاص، فقد ذكرت الجمعية التشادية لحقوق الإنسان في بيان نسخة منه "سقط تسعة قتلى، سبعة في نجامينا واثنان آخران في موندو بجنوب تشاد، بالإضافة إلى إصابة 36 بجروح وتوقيف نحو عشرة".

وأدانت المنظمة الحقوقية "هذه المجزرة المخزية بعد الاستخدام المفرط لأسلحة الحرب ضد المتظاهرين" غير المسلحين.

واعترفت السلطات التشادية بمقتل متظاهر يبلغ من العمر 21 عاما في موندو التي تبعد 400 كلم جنوب العاصمة وامرأة في نجامينا، وفق المدعي العام "على أيدي متظاهرين". وعاد الهدوء عند الظهيرة في العاصمة بعد صدامات.

وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بأشد درجات الحزم قمع المتظاهرين والعنف" وحض المجلس على الإيفاء بالتزامه "بانتقال سلمي وشامل سياسيا".

وكان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر تشييع ديبي في نجامينا الجمعة، حيث قدم لابنه الذي خلفه على الفور "دعم فرنسا" ودول الساحل لإجراء"عملية انتقال مدنية عسكرية".

وتعتبر فرنسا تشاد حليفها العسكري الرئيسي في محاربة الجهاديين في منطقة الساحل.

وعلى غرار ما فعل والده الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، حظر ابنه الجنرال محمد إدريس ديبي الذي يرأس المجلس العسكري الانتقالي المكون من 15 جنرالا التظاهرات الثلاثاء.

ودعت أحزاب معارضة عدة ومنظمات من المجتمع المدني إلى هذه التظاهرات احتجاجا على "الانقلاب المؤسسي" و"الخلافة الأسرية" للسلطة.

وخرج المتظاهرون على شكل مجموعات صغيرة يضم كل منها نحو عشرة أشخاص في مناطق متفرقة من العاصمة خلال الصباح لتجنب عناصر الشرطة المنتشرة في كل مكان والتي قامت بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع من أجل تفريقهم.