فرنسا تتسلم دفعة ثانية من يتامى "الخلافة"

وفد من وزارة الخارجية الفرنسية تسلم في بلدة عين عيسى في شمال سوريا 12 طفلا يتيما من عائلات الجهاديين الذين كانوا يقاتلون ضمن تنظيم داعش.

باريس - وصل 12 طفلاً فرنسيا وطفلان هولنديان من عائلات أفراد في تنظيم الدولة الإسلامية، إلى فرنسا الاثنين، قادمين من سوريا حيث كانوا في عهدة الإدارة الذاتية الكردية.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية وصول هؤلاء، وجميعهم "يتامى، معزولون وضعفاء"، مشيرة إلى أن بعضهم مرضى ويعانون من سوء تغذية.

وتم تسليم الطفلين الهولنديين إلى ممثلين عن بلادهما في باريس، بحسب المصدر ذاته.

ويشكل آلاف المواطنين الأجانب من جهاديين وأفراد عائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرق سوريا، وأحد أبرز التحديات التي تواجهها منذ إعلان القضاء على "الخلافة" التي كان أقامها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، في آذار/مارس الماضي.

وحصلت سلسلة عمليات تسليم من هذا النوع إلى عدد من الدول، لكنها تبقى محدودة مقارنة بالأعداد الضخمة لأفراد عائلات الجهاديين الذين يقطنون في مخيمات مكتظة في شمال وشمال شرق سوريا.

وبرغم ذلك، تُعد تلك العمليات خطوة إيجابية مع إصرار الأكراد على مطالبة الدول المعنية باستعادة مواطنيها وسط تلكؤ من جانب تلك الدول، لا سيما الأوروبية منها.

وكان الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبدالكريم عمر أعلن على حسابه على تويتر، تسليم الأطفال الـ12، "بناء على طلب الحكومة الفرنسية"، إلى وفد من وزارة الخارجية الفرنسية في بلدة عين عيسى في شمال سوريا، مشيرا إلى أنه تمّ أيضاً تسليم طفلين هولنديين.

وأوضح مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية فضل عدم الكشف عن اسمه، أن بين الأطفال الفرنسيين أفرادا من عائلة واحدة، كما أن أكبرهم يبلغ من العمر عشر سنوات.

وتسلمت إدارة حماية الطفل في فرنسا الأطفال. وسيتم بداية إخضاعهم لفحص طبي قبل تسليمهم إلى مكتب الخدمات الاجتماعية، وفق الخارجية الفرنسية التي أشارت إلى أنه تمّ نقل الطفلين الهولنديين أيضاً في طائرة عسكرية فرنسية قبل تسليمهما إلى ممثلين عن بلدهما كانوا بانتظارهما في باريس.

وفي نهاية الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أن نحو 450 فرنسياً محتجزون لدى الأكراد أو يقبعون في مخيمات النزوح في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية عمادها وحدات حماية الشعب الكردية.

وترفض فرنسا ودول أخرى استعادة مواطنيها من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المعتقلين لدى الأكراد، وأفراد عائلاتهم الموجودين في المخيمات.

إلا أن باريس التي تواجه ضغوطاً من الرأي العام لحل الملف، أعلنت أنها ستكتفي على الأرجح بإعادة الأطفال اليتامى من أبناء الجهاديين الفرنسيين. واستعادت في آذار/مارس وللمرة الأولى خمسة أطفال يتامى.

ومن الممكن أن تجري عملية تسليم ثالثة أخرى في حال كان هناك أطفال آخرون تنطبق عليهم المعايير ذاتها، وفق الخارجية الفرنسية.

واعتبرت المحامية سامية مكتوف الموكلة عن عائلات فرنسية لديها أطفال في سوريا، أن عملية التسليم الأخيرة "خطوة مهمة جداً"، إذا أخذت بالاعتبار "سلامة هؤلاء الأطفال وأنهم كانوا معرضين لخطر الموت".

وأعربت محامية أخرى عن رفضها لهذه العمليات التي تتم عبر دراسة كل ملف على حدة، معربة عن قلقها إزاء مصير "أكثر من 200 طفل فرنسي" لا يزالون يقبعون في مخيمات النزوح.

وكان الأطفال الفرنسيون الـ12 موزعين بين مخيمي الهول وروج في محافظة الحسكة، فيما كان الطفلان الهولنديان يقطنان في مخيم عين عيسى.

وتؤوي مخيّمات عدة واقعة في مناطق سيطرة الأكراد في سوريا، وأبرزها مخيم الهول، 12 ألف أجنبي، هم 4000 امرأة و8000 طفل من عائلات الجهاديين الأجانب، يقيمون في أقسام مخصّصة لهم تخضع لمراقبة أمنية مشددة. ولا يشمل هذا العدد العراقيين.

ويُشكّل قاطنو تلك المخيمات عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية.

وقد تسلمت دول قليلة أفرادا من عائلات الجهاديين، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو، بأعداد كبيرة، بينما تسلّمت أخرى أعدادا محدودة، وبينها السودان والنروج والولايات المتحدة.

وتسلمت النروج بداية الشهر الحالي خمسة أطفال من يتامى عائلات عناصر كانوا في عداد تنظيم الدولة الإسلامية. كما أعلنت الإدارة الذاتية الأربعاء تسليم امرأتين أميركيتين وستة أطفال إلى الولايات المتحدة.

كما بدأت الإدارة الذاتية إعادة النازحين السوريين من قاطني مخيم الهول الذي يؤوي 74 ألف شخص بينهم 30 ألف سوري، إلى المناطق التي ينحدرون منها.

وخرج في الثالث من الشهر الحالي 800 امرأة وطفل من مخيم الهول إلى منطقتي الرقة والطبقة بضمانة من وجهاء العشائر في هذه المناطق، وذلك في إطار مساعي الإدارة الذاتية لإخراج جميع السوريين من المخيم، وبينهم مناصرون لتنظيم الدولة الإسلامية وآخرون نازحون ممن تركوا منازلهم هرباً من المعارك.

ويعاني المخيم من نقص كبير في الخدمات ويعيش قاطنوه في أوضاع مأساوية.

وفضلاً عن المخيمات، يقبع مئات الجهاديين الأجانب ممن التحقوا بصفوف التنظيم المتطرف في سجون المقاتلين الأكراد.

ويعرب مراقبون عن خشيتهم من أن تشكّل السجون والمخيمات أرضية لانتعاش التنظيم المتطرف الذي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية القضاء عليه في 23 آذار/مارس الماضي إثر سيطرتها على آخر جيب كان يتحصّن فيه في شرق البلاد. لكن لا تزال خلاياه النائمة تشكل تهديداً للمنطقة.

وفي العراق المجاور، تجري محاكمة جهاديين أجانب تمّ نقلهم من سوريا. وقد صدرت مؤخراً أحكام بالإعدام بحق 11 فرنسياً بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية.