فرنسا تلتقط 'الحياد السعودي' لتعزيز حظوظ فرنجية مرشحا لرئاسة لبنان
باريس - التقطت فرنسا على ما يبدو الحياد السعودي في مسألة إنهاء شغور الرئاسة في لبنان والتزام المملكة بعدم الاعتراض أو تزكية أي مرشح للمنصب بمن فيهم سليمان فرنجية الذي زار الخميس سفير المملكة لدى بيروت ووصف اللقاء بأنه كان "وديا ومثمرا"، لتعزيز ترشيح زعيم تيار المردة وهو مرشح مدعوم أيضا من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، لكن المبادرات الفرنسية في هذا الاتجاه تثير تساؤلات وانتقادات من قبل قوى لبنانية مناوئة لحزب الله وتتحفظ على مرشحه للرئاسة.
وأكد السفير السعودي في لبنان وليد البخاري خلال لقائه فرنجية "عدم وجود فيتو سعودي على شخصه وعدم وجود فيتو على أحد"، موضحا أن "الرياض تأمل في انتخاب رئيس جديد في أقرب وقت ممكن"، وفق صحيفة "الأخبار" اللبنانية، فيما يشكل هذا التطور انعطافة في موقف المملكة التي كانت تعارض ترشيح فرنجية مرشح حزب الله وحركة أمل، لكن رفع الفيتو السعودي عن زعيم تيار المردة لا يعني تزكيته، إذ تحاول الرياض الوقوف على مسافة واحدة من الجميع وأن لا تكون شريكا في تسويات محتملة.
وسلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الخميس الضوء على التدخل الفرنسي والجدل المثار حول دعم باريس وتزكيتها لسليمان فرنجية، مشيرة إلى انتقادات وجهتها القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع الذي يحاول تشكيل جبهة مع القوى المسيحية لتقويض حظوظ فرنجية، لفرنسا التي اتهمها بأنها تريد تأمين مصالحها خاصة فيما يتعلق بميناء بيروت وميناء طرابلس".
ويأتي هذا التطور في سياق المشاورات التي يجريها سفير الرياض لدى بيروت، فيما أشار دبلوماسي فرنسي وفقا لصحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال نعم لماكرون من أجل فرنجية"، لافتا إلى أن "يكررون للأحزاب المسيحية أنهم لن يفرضوا إجراء عليهم".
وأشارت الصحيفة إلى أن "فرنجية هو أولا وقبل كل شيء مرشح التحالف الشيعي، حركة أمل وحزب الله. ومع ذلك، فإنه يحافظ على علاقات ودية مع الخليج والولايات المتحدة. وبالنظر إلى أن فرصه قد تعززت بسبب التقارب المستمر بين المملكة العربية السعودية ونظام دمشق، فإن الزعيم البالغ من العمر 57 عاما يستشهد أيضا بعلاقته الوثيقة مع الرئيس السوري بشار الأسد وهو صديق طفولته".
وأضافت "منذ أن ظهرت المبادرة الفرنسية بعد الاجتماع في باريس في السادس من فبراير/شباط الماضي بين الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر حول خارطة طريق رئاسية، فقد اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد الخيارات التي طُرحت على الطاولة وتألفت من "تذكرة" بين سليمان فرنجية في رئاسة الجمهورية ونواف سلام القاضي في محكمة العدل الدولية والسفير اللبناني السابق لدى الأمم المتحدة في الحكومة".
بدورها قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية إن "رئيس حزب القوات سمير جعجع تراجع عن خوض المواجهة مع الثنائي الشيعي"، مشيرة إلى أنه "قبل السير بمرشح توافقي لا يستفز حزب الله على وجه الخصوص"، متابعة أن "القوات تعتبر أنها قدمت تنازلا كبيرا بهدف الوصول إلى مرشح في مواجهة فرنجية خلال أسابيع قليلة".
واعتبرت القوات أن "الموقف السعودي ليس داعما للتسوية التي تتحدث عنها فرنسا وأن سفير الرياض لدى بيروت تعمد الغموض في حديثه مع جميع من التقاهم وهو يستهدف الحفاظ على هامش حركة يريد منه أولا عدم تورط المملكة مباشرة في معركة تتحمل فيها لاحقا المسؤولية عن كل نتائجها وثانيا تشجيع القوى المعارضة لفرنجية على العمل بسرعة لإظهار مرشح بديل يكون قادرا على نيل عدد كبير من الأصوات"، وفق المصدر نفسه.
وكان سفير السعودية لدى لبنان وليد البخاري قد أبلغ بطريرك الموارنة بشارة الراعي في وقت سابق باعتراض بلاده على ترشيح زعيم تيار المردة، مرددا موقفا سبق للرياض أن أبلغت به لقاء باريس الخماسي.
ومنذ أعلن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) دعمه ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة تشهد الساحة السياسية في لبنان تباينا المواقف بين شقّ يعارض هذا الترشيح وآخر يدعمه، وسط اعتراض قوى مسيحية مختلفة في ما بينها.
وأشارت "الأخبار" اللبنانية في تقرير سابق إلى المرحلة الثانية لخطة الثنائي الشيعي لإيصال زعيم تيار المردة إلى قصر بعبدا قد بدأت بالفعل، مضيفة أن الفريق الداعم لفرنجية سيبدأ في خطوات عملية لإعطاء زخم لدعم سليمان فرنجية.
وكان بشارة الراعي قد ناقش مع سفراء من دول لقاء باريس وقوى لبنانية العديد من الأسماء بخلاف فرنجية وجوزيف عون، مؤكدا أنه يدعم ترشيح شخصية لا تكون محسوبة على أي طرف داخلي أو محور خارجي، في إشارة واضحة إلى رفض مرشح حزب الله. ولم يطرح الأخير في الأشهر الماضية اسم مرشح بعينه لكنه حدد مواصفات الشخصية التي يجب أن تتولى الرئاسة ومن بينها أن يكون توافقيا وليس له ولاء لأي جهة خارجية وأن يحمي سلاح المقاومة.
وتطرح قطر بشكل غير معلن ورقة مرشح التسوية لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، بينما تؤكد علنا على أن موقفها من هذه القضية لا يختلف عن موقف السعودية وأنها لا تملك مبادرة تتخطى المملكة أو تعمل بشكل منفصل عنها.
وتميل الدوحة إلى ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، بينما لم تعد السعودية تبدي اعتراض على مرشحين بعينهم بمن فيهم سليمان فرنجية، في حين تتجه الأنظار إلى موقف الزعيم الدرزي رئيس التيار الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط وعدد من المستقلين السنّة، وفق تقرير سابق لـ"الأخبار" اللبنانية".
وعلى مدى العقود الماضي يعتبر قائد الجيش خيار التسوية كلما دخل لبنان في أزمة شغور رئاسي، فباستثناء الرئيس السابق ميشال عون الذي وصل إلى سدة الرئاسة بتسوية العهد أو الصفقة التي أدارها حزب الله بين عون ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري في 2016 لجأت القوى السياسية إلى انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان في 2008 خلفا للرئيس الأسبق والقائد الأسبق للجيش إميل لحود بعد نحو عامين من الفراغ.
وتتجه الأنظار حاليا إلى موعد انعقاد جلسة الانتخاب، في وقت تتعدد فيه التساؤلات حول إمكانية تأمين النصاب الدستوري، بينما لم تتضح بعد صورة تسويات محتملة.
وفي المقابل تطرح قوى معارضة لحزب الله مواصفات مناقضة لما يطرحه الأخير من شروط ومواصفات، مشددة على ضرورة أن يكون أي رئيس قادم قادر على حصر السلاح بيد الدولة.
وفشل البرلمان اللبناني في الوصول إلى اتفاق بشأن انتخاب رئيس للبلاد بعد 11 جلسة سابقة بسبب الخلافات والاعتراضات او عدم توفر النصاب القانوني.