فشل الرهان على حل مُسقط يدفع الدوحة لإحياء الوساطة الكويتية

أمير الكويت يتسلم قبل زيارة واشنطن رسالة من مبعوث أمير قطر تشير في توقيتها ومضامينها إلى أن قطر تسعى لإحياء الوساطة الكويتية للخروج من مأزقها بعد أن قفزت عليها في السابق إلى وساطات خارجية انتهت بالفشل.

قطر تواجه عزلة متعاظمة في محيطها الجغرافي والاقليمي
ثقة واشنطن في الدوحة اهتزت على وقع انكشاف غطاء تمويل ودعم الإرهاب
قطر تسعى جاهدة لترميم الشروخ في علاقاتها مع الحليف الأميركي

الكويت - ذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تسلم اليوم الاثنين رسالة خطية من مبعوث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تضمنت "آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة".

إلا أن الرسالة القطرية تشير في توقيتها إلى أن الدوحة التي تواجه عزلة في محيطها الخليجي واستياء أميركي من تقصيرها في مكافحة الإرهاب، تحاول إحياء الوساطة الكويتية مع دول المقاطعة (السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر) وأيضا ترطيب العلاقات مع الحليف الأميركي.

وذكرت الوكالة الكويتية أن الرسالة تتعلق بـ"العلاقات الأخوية الراسخة وسبل تعزيزھا وتنميتھا في شتى المجالات والقضايا ذات الاھتمام المشترك وآخر مستجدات الأوضاع في المنطقة"، وفق المصدر ذاته.

وغادر أمير الكويت الذي يقود محاولات لإتمام مصالحة خليجية بين قطر وعدة دول بالخليج بينها السعودية إلى الولايات المتحدة في زيارة خاصة لم تحدد طبيعتها، يعقبها لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس 12 سبتمبر/أيلول.

وكانت الدوحة قد عمدت إلى القفز على الوساطة الكويتية مع بداية الأزمة وبحثت عن حلول لمأزقها في الخارج وعبر وساطات أخرى لم تتوفر فيها شروط النزاهة والشفافية بما فيها تلك التي حاول أن يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتعاملت أنقرة مع أزمة قطر كغنيمة يمكن الاستفادة منها تجاريا وأيضا جيوستراتيجيا، فعقدت عدّة صفقات تجارية وعسكرية مع القيادة القطرية بما فيها إنشاء قاعدة عسكرية وتعزيز الوجود العسكري التركي في الدوحة.

كما أعلن أردوغان انحيازه للحليف القطري بما نزع عنه صفة الوسيط النزيه، في الوقت الذي تلتقي فيه الدوحة وأنقرة في دعم وتمويل جماعة الاخوان المسلمين المصنفة تنظيما إرهابيا في مصر ودول خليجية. وتستضيف الدولتان قيادات اخوانية ملاحقة قضائيا في قضايا تتعلق بالإرهاب.

تركيا وغيران تعاملتا مع أزمة قطر كغنيمة
تركيا وغيران تعاملتا مع أزمة قطر كغنيمة

ومن ضمن الوساطات التي انتهت بالفشل تلك التي قادها وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تليرسون الذي أقاله الرئيس دونالد ترامب من منصبه وسط خلافات حادة حول الملف الإيراني وطريقة التعاطي مع أزمة قطر.

وسعى تليرسون خلال جولة خليجية في ذروة الأزمة القطرية إلى إظهار الدوحة كطرف إقليمي مهم في مكافحة الإرهاب، منهيا زيارة حينها بتوقيع اتفاقية شراكة لتعزيز مكافحة الإرهاب، في خطوة وصفها متابعون لتطورات الملف بأنها محاولة لتبييض سجل الدوحة في دعم وتمويل الإرهاب.

وسبق للرئيس الأميركي الذي أكد على وجوب حل الأزمة في المنطقة أن أشار صراحة إلى أنه على قطر التي قال إن لها سجلا طويلا في دعم الإرهاب، أن تتوقف عن ممارساتها تلك.

ولجأت الدوحة في خضم مأزقها إلى حملة علاقات عامة في أميركا لتلميع صورتها، لكن محاولاتها باءت بالفشل في ظل قناعة أميركية راسخة بأن الدوحة لا تبذل ما يكفي في مكافحة الإرهاب.

وقد كشفت تقارير غربية متطابقة أن الدوحة استخدمت أذرعها المالية في أكثر من منطقة من سوريا إلى الصومال، لبناء شبكة علاقات معقدة مع تنظيمات مصنفة إرهابية مثل حركة الشباب الصومالية وجبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة والتي بدلت اسمها إلى هيئة تحرير الشام.

كما لجأت لعقود التسلح السخية بما يفوق حاجة وقدرة قواتها المسلحة، فقط لتعزيز تحالفاتها الخارجية وشراء ذمم لوبيات سياسية في الخارج.

وتقول قطر إنها نجحت في التكيف مع المقاطعة، لكنها تتحرك في الوقت ذاته لإيجاد مخرج لمأزقها ما يسلط الضوء على ازدواجية الخطاب الرسمي وعلى حالة الإرباك في التعاطي مع عزلة تزداد تفاقما.

ولا يمكن النظر إلى الرسالة القطرية التي تسلمها أمير الكويت وتوقيتها بمعزل عن مساع تبذلها الدوحة لإحياء الوساطة الكويتية بعد أن فشل الرهان على انتزاع حل خارجي مسقط كما لا يمكن أن ينظر لها بمعزل عن محاولة لاسترضاء الحليف الأميركي الذي اهتزت ثقته في الدوحة مع انكشاف الغطاء القطري لتمويل ودعم الإرهاب على أكثر من جبهة.