فصلية "الجسرة الثقافية" في مُلك بلقيس وحضارة مأرب

الجيدة: ملف هذا العدد خصصناه لتحية صمود الشعب اليمني العريق من خلال التأكيد على خصوصية إبداعه الثقافي والفني.
نواة الملف تكونت يوم طلبنا من الروائي اليمني محمد الغربي عمران أن يتوجه لزيارة الشاعر د. عبدالعزيز المقالح
الاستعراب الصيني من خلال تجربة باحثتين صينيتين اختارتا دراسة لغتنا وأدبنا في الجامعات العربية

الدوحة ـ عدد تذكاري من فصلية "الجسرة الثقافية" يحمل الرقم 50 لشتاء 2019 ويضم هذا العدد، الذي يقع في أكثر من 160 صفحة، ملفًا ضخمًا بعنزان "في مُلك بلقيس.. وحضارة مأرب" عن تجليات الثقافة اليمنية، وذكر الكاتب إبراهيم الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة الثقافي، ناشر المجلة، في افتتاحيته التي تحمل عنوان "أول طلَّة" أن ملف هذا العدد خصصناه لتحية صمود الشعب اليمني العريق من خلال التأكيد على خصوصية إبداعه الثقافي والفني؛ فننشر مقالات ودراسات لمجموعة من أبرز الكتاب والنقاد والفنانين اليمنيين والمعنيين بالشأن اليمني، فيجري الروائي الغربي عمران حوارًا مع الشاعر والمفكر الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح يعلن فيه أن اليمن في كارثة بكل ما تعنيه الكلمة. 
وننشر للروائي وجدي الأهدل سيناريو متخيلا لفيلم ممنوع عنوانه "إله الحرب"، ويتتبع الدكتور عبدالحكيم باقيس تطور الإبداع الروائي في اليمن، ويتوقف الناقد حسين عيد، أمام "الرهينة" درَّة أعمال زيد مطيع دماج، بينما يكتب محمد عبدالوهاب الشيباني عن الشعر كباب ثالث لبلد يبحث عن سعادته، ويستعرض الفنان عدنان جمن واقع التشكيل اليمني بين المُبهم والمُبهر، ويوضح بلال قايد عمر كيف أن السينما في اليمن تقف اليوم على الأطلال. في حين يتوقف الروائي والمؤرخ السينمائي ناصر عراق أمام فيلم "ثورة اليمن" الذي لعب بطولته باقتدار الفنان صلاح منصور, ويستعيد الأديب عزت القمحاوي صنعاء التي لم تفارق خياله.

المجلة تنشر متابعة لجلسات مؤتمر الموسيقى العربية وإضاءة على مهرجان الموسيقى العربية في دورته الأخيرة

ويرصد زياد القحم في مقاله ملامح حركة النشر في اليمن بين الإنجازات والعراقيل، ويوضح أن أول مطبعة أنشأها الإنجليز في عدن، بينما أنشأ الأتراك أول مطبعة في صنعاء، ويشير إلى أن عشق اليمنيين للكتب المنسوخة بخط اليد عطَّل دوران المطابع.
أما أطرف موضوعات هذا الملف فهو "رحلة البن اليمني عبر العصور" وقد كتبته سحر عبده، وفيه تذكر أن اليمن احتكر زراعته، وكان الإعدام مصير من يُهرِبْ بذوره إلى الخارج! وأن سفن العالم كانت تقصد موانئ اليمن مُحَملة بالذهب والفضة لتعود منها معبأة بالبن، ويكشف هذا التحقيق الصحفي كيف أن البن اليمني أقدم شهرة من التركي والبرازيلي، وأن الهولنديين هُمْ الذين هرَّبوا بذور البن إلى أوروبا في قطعة قماش مخفية، كما يؤكد هذا التحقيق الصحفي أن ثقافة البن لاتزال غائبة عنا.
ويحفل ملف "الجسرة" عن اليمن بالعديد من المقالات والدراسات الأخرى، مثل عرض "كتاب التيجان في ملوك حِميِّر" الذي اكتشفه الكاتب الراحل فاروق خورشيد ونبَّه الدكتور عبدالعزيز المقالح إلى أهميته فنشره في مركز البحوث والدراسات اليمنية. كما نشرنا دراسة حول تاريخ المجلات الثقافية في اليمن. 
وفي تقديمه لملف اليمن ذكر الكاتب الصحفي مصطفى عبد الله، المشرف العام على التحرير أنه بعد النجاح الواسع الذي حققه ملف "تونس.. فسيفساء المدن والثقافات" الذي أفردت له "الجسرة الثقافية" نحو مائة صفحة في عدد صيف 2018، نتجه في عدد شتاء 2019 إلى اليمن لنهدي قراءنا ملفًا سيظل جزءًا من الذاكرة الثقافية العربية وعنوانه "في مُلك بلقيس.. وحضارة مأرب"، حررته أقلام يمنية مبدعة عديدة لتعطي للقارئ صورة صادقة لواقع الثقافة اليمنية اليوم في ظل ما تتعرض له الحياة اليومية في هذا البلد الشقيق من مخاطر تنعكس بالتأكيد على صفحة الإبداع ونشره، وعلى تواصل المثقف اليمني مع ما يصدر في محيطه العربي من كتب ومجلات وأعمال فنية ومعارض للكتاب. 
وهنا ينغي أن نشيد بجو التعاون الذي تم مع الروائي اليمني البارز وجدي الأهدل لنتمكن من الوصول إلى بغيتنا ونهدي قارئنا هذا الجهد الثقافي الذي يقربنا من ثقافة شعب عربي شقيق نتمنى أن ينعم في أقرب وقت بالأمن، ويعيش في سلام. 
وأشار عبدالله إلى أن نواة هذا الملف تكونت يوم طلبنا من الروائي اليمني الشهير محمد الغربي عمران أن يتوجه لزيارة الشاعر والناقد والمفكر اليمني القدير الدكتور عبدالعزيز المقالح، رئيس جامعة صنعاء الأسبق، ورئيس مركز البحوث والدراسات اليمنية، ويجري معه حوارًا لـ "الجسرة الثقافية"، وبالفعل استجاب عمران وأرسل لنا حصيلة الحوار من أسئلة وإجابات تحمل آراء المقالح في أحوال الثقافة العربية وفيما تتعرض له بلاده من حروب حوَّلت اليمن السعيد، صاحب الحضارة التليدة، إلى بلد نرثي جميعًا لما آل إليه، ونتمنى أن يأتي قريبًا اليوم الذي ينعم فيه شعبه بالأمن والسلام.
والمقالح هو المثقف اليمني الذي عاش فوق تراب بلده، ولم يهجره مهما ساءت الظروف، لإيمانه أنه لم يخلق ليبرح اليمن مهما حدث.
وأضاف عبدالله أنه لمس ذلك عندما زار المقالح  - قبل أكثر من ربع قرن بصحبة الكاتب السوري علي عقلة عرسان، الأمين العام الأسبق للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.  

عدد مزدوج
اليمن في كارثة 

كان المقالح عندئذ، رئيسًا لمركز البحوث والدراسات اليمنية، وقد استضافتنا استراحة أساتذة جامعة صنعاء، وفي تلك الزيارة التقينا بالناقد العراقي الدكتور علي جعفر العلَّاق الذي كان معارًا للتدريس بجامعة صنعاء، وحقق لنا المقالح فرصة رائعة التعرف على "المقيل" اليمني حيث التقينا عددا من المبدعين اليمنيين الذين ومنهم: الشاعر الراحل محمد حسين هيثم، وبعض أقارب الروائي زيد مطيع دمَّاج صاحب رواية "الرهينة"، وكان هيثم دليلي إلى أسواق صنعاء التي عرفتني كيف تحدد مراتب البُن، والتمر، وكيف يباع القات الذي لا يستغنى يمني عنه، ميسورًا كان أم رقيق الحال.
ويضم هذا العدد التذكاري من "الجسرة الثقافية العديد من المفاجآت السارة كما يذكر إبراهيم الجيدة في الافتتاحية إذ يقول: يحمل هذا العدد بين دفتيه العديد من المفاجآت التي تسعد القارئ؛ وأولها انضمام الناقد العربي الكبير الدكتور صبري حافظ إلى كُتاب هذه المجلة المنتمين إلى مختلف ربوع وطننا العربي، بل وأرجاء المعمورة، من أوروبا وآسيا والمهاجر أيضًا، وقد اختار صبري حافظ أن يكتب لكم في هذا العدد عن المسرح، باعتباره الفن الذي شُغف به - دراسة ومشاهدة ونقدًا - لخمسة عقود.
وكذلك ينضم إلينا الفنان القطري الرائد يوسف أحمد، وهو في مقاله يستدعي ذكرياته حول تدريس الفنون في المدارس القطرية، كما ننشر للكاتب القطري الدكتور أحمد عبدالملك مقالًا حول ملتقى كُتّاب الدراما الأول بالدوحة. 
وتستضيف المجلة المستعرب الإسباني البارز إغناطيوس غوتيريث دي تيران بينيتا، مترجم إدوار الخراط وعالية ممدوح ومريد البرغوثي في حوار مهم أجراه معه الباحث التونسي الدكتور أصيل الشابي حول واقع الاستعراب الإسباني اليوم، وكيف ينظر الإسبان إلى أهمية لغتنا العربية.
ومن باريس يكتب الأديب أبوبكر العيادي عن الأحداث العصيبة التي تشهدها العديد من المدن الفرنسية والعاصمة البلجيكية هذه الأيام في مقال تحليلي حول "الربيع الغربي".
ويقدم الروائي والناقد التونسي الدكتور محمد آيت ميهوب دراسة مهمة عن الأديب الفرنسي الجزائري الأصل ألبير كامو الذي تحيي فرنسا قريبًا الذكرى التاسعة والخمسين لوفاته.
هذا فضلًا عن باب "نصوص وأمكنة" الذي يصحبنا إلى اليونان مع الدكتورة ليلى عبدالمنعم، وإلى تايلاند مع الكاتبة العمانية ريم داوود، وتنشر المجلة متابعة لجلسات مؤتمر الموسيقى العربية وإضاءة على مهرجان الموسيقى العربية في دورته الأخيرة، كما تقترب من عالم الاستعراب الصيني من خلال تجربة باحثتين صينيتين اختارتا دراسة لغتنا وأدبنا في الجامعات العربية.
بقي أن نذكر أن لوحة غلاف هذا العدد التذكاري بريشة الفنان البارز محمد الطراوي.