فضيحة مدوية في النمسا تربك الانتخابات الأوروبية

سيكون على اليمين المتشدد النمساوي الذي هزته فضيحة زعيمه والذي كان يقدم نفسه نموذجا للمصداقية السياسية داخل التيار القومي الأوروبي، أن يعيد تنظيم صفوفه قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في 26 مايو.

النمسا تستعد لماراتون انتخابي على وقع انهيار الائتلاف الحاكم
الفضيحة السياسية لزعيم اليمين المتطرف تثير صدمة بين أنصاره
روسيا تنفي أي صلة لها بالفوضى السياسية في النمسا
انهيار التحالف الحاكم في النمسا يعيد خلط الأوراق السياسية

فيينا - خلطت فضيحة مدوية أدت لانهيار التحالف الحاكم في النمسا الذي يضم المحافظين واليمين المتطرف، الأوراق في حملة الانتخابات الأوروبية وهزت الحياة السياسية في النمسا حيث سيعود الناخبون إلى مكاتب الاقتراع نهاية الصيف.

وأشارت الصحافة المحلية الأحد إلى صدمة أنصار "حزب حرية النمسا" بعد العار الذي ألحقه بهذا الحزب اليميني المتشدد زعيمه هاينز كريستيان شتراخه الذي اضطر السبت إلى الاستقالة من كل مناصبه.

وغادر شتراخه (49 عاما) رئاسة الحزب الذي يديره منذ 14 عاما وأيضا منصبه كمسؤول ثان في حكومة سيباستيان كورتز الذي كان أقام تحالفا مع حزب شتراخه بعد فوزه في الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وفي خضم ذلك أعلن كورتز تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. ويتوقع أن تنظم في بداية شهر سبتمبر/ايلول بحسب طلب رئيس الدولة الكسندر فان دير بيلن، لكن الموعد النهائي سيتحدد بعد التشاور بين المسؤولين السياسيين.

وفي بضع ساعات بات الوضع خارج السيطرة بالنسبة لزعيم الحزب اليميني المتشدد، اثر نشر مقاطع من فيديو سجل خلسة في مدينة ايبيزا في 2017.

وفي الفيديو تم تصوير شتراخه وأحد معاونيه يبحثان خصوصا منح عقود صفقات عامة في مقابل دعم مالي، مع امرأة قالت إنها قريبة ثري روسي.

والأحد، اعتبر سناتور روسي أن هذا الشريط المصور لا يثبت أي صلة لروسيا في هذه القضية. وقال اوليغ موروزوف عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الاتحادي كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي "لا يمكن ربط روسيا بهذه القضية المشينة عبر الاستناد إلى شريط فيديو".

وتابع "قد يكون هذا الأمر استفزازا أو قصة مرتبطة بالفساد من دون أن تقف دولة ما وراءها"، مضيفا أن "روسيا حريصة جدا على علاقاتها الجيدة مع النمسا".

وخلال ست ساعات من النقاش، قال شتراخه إنه مستعد لإعادة تنظيم الصحافة النمساوية "مثل اوربان" ، رئيس الوزراء المجري الذي دجن المشهد الإعلامي في بلاده. كما تحدث عن آلية تمويل غير قانوني لحملات انتخابية يمارسها حزبه.

ولا تزال عدة أسئلة مطروحة بشأن كيفية نصب الفخ لشتراخه في مدينة تعج بالكاميرات والميكروفونات.

وكتبت صحيفة دي برس المحافظة الأحد إن "استقالات نجوم فيديو ايبيزا لا يمكن أن تنقذ التحالف" الحاكم، معتبرة على غرار جميع المعلقين أن تنظيم انتخابات مبكرة "هو المخرج الوحيد" وذلك بعد 18 شهرا فقط من ولاية الشريكين.

وسيكون على رئيس الحكومة أن يقرر تعديلا وزاريا محتملا قبل الانتخابات التشريعية حيث هناك خمسة وزراء من الحزب اليميني المتشدد في حكومته بينهم وزير الداخلية هيربرت كيكل المثير للجدل.

ونشر كيكل الأحد على فيسبوك تعليقا حمّل فيه كورتز مسؤولية انهيار التحالف، مؤكدا "نحن جاهزون لهذه المواجهة".

فضيحة هاينز كريستيان شتراخه تلقي بظلال ثقيلة على اليمين المتطرف في أوروبا
فضيحة هاينز كريستيان شتراخه تلقي بظلال ثقيلة على اليمين المتطرف في أوروبا

وسيكون على اليمين المتشدد النمساوي الذي هزته فضيحة زعيمه والذي كان يقدم نفسه نموذجا للمصداقية السياسية داخل التيار القومي الأوروبي، أن يعيد تنظيم صفوفه قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في 26 مايو/ايار.

والأحد التقي مسؤولو حزب حرية النمسا وسط تكتّم شديد واختاروا الوزير نوربرت هوفر زعيما جديدا للحزب.

وشارك الآلاف الأحد في تظاهرة تأييد للاتحاد الأوروبي في فيينا. وأطلقت في التظاهرة شعارات ضد رئيس الحكومة وحزب حرية النمسا.

وحّملت زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض باميلا ريندي فاغنر المستشار كورتز "المسؤولية الكاملة لفشل هذه التجربة".

وقالت "إنه وبأنانية خالصة جعل شتراخه نائبا للمستشار وأغرق البلاد في هذه الأزمة الكبرى".

وتوقعت صحيفة كورير "أن يغرق شتراخه ومعه حزب الحرية بأكمله". وهي المرة الثانية التي تنتهي فيها مشاركة هذا الحزب في حكومة بشكل بائس وكان انهار أثناء تحالف سابق شكل مع المحافظ وولفغانغ شوسيل بين 1999 و2002.

وفي تلك الفترة تولى شتراخه قيادة الحزب مطيحا بالسياسي المثير للجدل يورغ هايدر، لكن محللين آخرين أشاروا إلى قدرة الحزب على المقاومة خصوصا أنه حاضر في المشهد السياسي النمساوي منذ نصف قرن ويملك قاعدة انتخابية متينة.

وحتى قبل ايبيزا غايت كان شعبية الحزب في تراجع طفيف بحيث منحته الاستطلاعات 23 بالمئة من نوايا التصويت وذلك بعد سلسلة تصريحات غير لائقة ضد الأجانب للعديد من أعضائه.

وتمنح الاستطلاعات حزب المستشار كورتز المحافظ نحو 30 بالمئة والاشتراكيين الديمقراطيين 27 بالمئة.

وعلى المستوى الأوروبي شكلت الفضيحة ضربة مؤلمة للمعسكر اليميني القومي الذي يراهن على تحقيق اختراق في انتخابات 26 مايو/ايار ليصبح ثالث كتلة في البرلمان الأوروبي.

وأفسدت الأزمة السياسية النمساوية التجمع الكبير الذي نظمه السبت في ميلانو زعيم حزب الرابطة الايطالي ماتيو سالفيني مع حلفائه الأوروبيين وضمنهم ممثل حزب الحرية النمساوي.

ورأى العديد من المسؤولين الأوروبيين أن الفضيحة التي تهز الحزب النمساوي، قد تشكل تحذيرا للأحزاب التي قد تفكر في التقارب مع اليمين المتطرف.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السبت "نحن نواجه تيارات تريد تدمير أوروبا وقيمها وعلينا مقاومتها بشكل حازم".