'فلسفة الجمال ونزهة الخيال' في عالم 65 فنانا

المعرض يضم 125 عملا فنيا من مقتنيات مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية يمثلون مختلف التيارات الفنية توزعت ما بين الفن التشكيلي والخط العربي والحروفيات والنحت.

"فلسفة الجمال ونزهة الخيال" عنوان المعرض الفني الذي افتتح أخيرا بمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية للمقتنيات الفنية، والذي ضم 125 عملا فنيا من مقتنيات المؤسسة، توزعت ما بين الفن التشكيلي والخط العربي والحروفيات والنحت، لـ "65 فنانا عربيا" يمثلون مختلف التيارات الفنية، وقد أقيم بقاعتها الكبرى، وقد جاء في إطار احتفالاتها بالفائزين بجوائز الدورة الثامنة عشرة (2022 ـ 2023) .

وقد أكد قيم المعرض الذي افتتح عبدالحميد أحمد الامين العام للمؤسسة والكاتب ظاعن شاهين د.صلاح القاسم في حضور نخبة من الفنانين والمبدعين، الفنان والناقد تاج السر حسن أن مؤسسة العويس أولت أهمية كبيرة لدعم ورعاية الفنون التشكيلية، وخصصت لذلك قاعة للعرض فسيحة في الطابق الأرضي في مقرها المميز بعمارته وحجمه وبموقعه في وسط مدينة دبي، إضافة لإطلالته على شارع الرقة العامر بحركة الرواد، وفي سعيها لترسيخ قيم الفن ورعاية المبدعين استضافت منذ افتتاحها عددا كبيرا من الإبداعات التشكيلية النوعية الجماعية والفردية، لعدد من الفنانين العرب المرموقين، بالإضافة إلى المعارض الجماعية المهمة في عمرها الممتد على ما يزيد من ثلاثة عقود، منها مجموعة الجدار، ومعارض الخط العربي، ومعارض المناسبات الوطنية وغيرها من المعارض المشتركة لفنانين من حول العالم. وهذا الحضور للتشكيل جاء من واقع تفهمها لدورها في غرس وإذكاء الثقافة البصرية، ومن إيمانها بقيمة الفن الجمالية وبأثره الثقافي في المجتمع الإماراتي، واستجابة لضرورة التواصل مع المبدعين وتشجيع نتاجاتهم، لأن العمل التشكيلي يصبح قطعة من التاريخ إذ هو حكي أو رمز إلى موضوع بعينه، ويبرز بأسلوب معالجته المتفردة والتي لابد أن تستجيب لصيرورة الفن وحيويته، وبذلك يساهم في رقي وعي التلقي بمنتج الفن التشكيلي، بمدارسه وأساليبه، بمعاصرته وحداثته وبطروحاته المستقبلية.

يلفت تاج السر إلى أن هذا المعرض تكمن أهميته في كونه يضم مجموعة فنية ذات قيمة تسجل حضورا لذاكرة المعارض والفنانين، ويشكل نواة لمتحف فني يكون مقصدا للمهتمين، كونه يضم مقتنيات المؤسسة التي تشتمل على اللوحات التشكيلية والأعمال المجسمة والتي تمثل اتجاهات ومدارس فنية كثيرة نذكر منها الواقعية والانطباعية والرمزية والسريالية والتجريدية وغيرها من الاتجاهات الفنية، علاوة على لوحات الخط العربي التقليدية والحروفية التراثية، والصور الفوتوغرافية وغيرها من المنحوتات والمجسمات.

ويرى أن مشروع توثيق هذه المقتنيات القيمة بالتصوير المحترف والتعريف بمبدعيها وبحايتهم الفنية، بريادتهم وبتفردهم الأسلوبي، هذف يتحقق بإنجاز هذا المعرض الأول للمجموعة المختارة الممثلة لـ 65 فنانا، فضلا عن المعروضات التي تضم الصور والكتالوجات التي صاحبت افتتاح معارض هؤلاء الفنانين على مدار تاريخ المؤسسة.

من فناني المعرض:

فاتح المدرس

يعد واحدا من قادة الحركة الفنية التشكيلية السورية وطليعة الفن السوري المعاصر في القرن العشرين، بتجربة فنية وإبداعية راقية شهد لها النقد الفني، كما يُذكر دائماً بدوره الرائد والكبير في تعليم الفنون الجميلة في سوريا. بدايات تعلمه الرسم والموسيقى كانت في حلب، والتي غادرها في صباه في الأربعينات إلى بيروت ملتحقاً بالكلية الأمريكية، حيث درس بها اللغة الإنجليزية التي فتحت له آفاق قراءة مراجع الفنون والأدب العالمي، قبل أن يلتحق بأكاديمية الفنون الجميلة في روما ويتخرج منها عام 1960، ليعود معيداً بكلية الفنون الجميلة في دمشق، ويعزز سيرته العلمية بنيل الدكتوراه من أكاديمية الفنون الجميلة في باريس عام 1972، والتي أهلته لاحقاً ليترقى أستاذاً للدراسات العليا في كلية الفنون بدمشق عام 1977، ويسجل حضوراً فاعلاً في تأسيس نقابة الفنون الجميلة في سورية وفي رعاية الفنون. برع في تقنيات الرسم والتلوين خاصة في الرسم الواقعي، والمنظر الطبيعي landscape، والذي تميز فيه بتفرد لوني بديع في تجسيد الطبيعة السورية الجميلة، إضافة لاهتمام مبكر عنده بالسريالية التي شاهدها الجمهور في أعماله بداية من عام 1952، كما عُزي تأسسه على منهج في التعبير الميتافيزيقي له فرادة في الإيقاعات التكوينية، وجوانبه المعمارية، ونبراته اللونية، وذلك بعيد إقامته في روما عام 1956 بمحترف الفنان الإيطالي (جنتلليني). اختار محترف وسـط دمشق ليصبح شعلة نشاط ومركزاً للتفاعل مع المبدعين من مجايليه ومن تلاميذه، ويلعب دوراً مهماً في إغناء تجربته وغزارة إنتاجه، وذيوع شـهرته. عبر مسيرته نال المدرس الكثير من الجوائز والأوسمة مثل وسام الاستحقاق السوري الذي منح له بعد وفاته سنة 2005 وجائزة الدولة للفنون سنة 1985 والجائزة الأولى من أكاديمية الفنون الجميلة بروما والميدالية الذهبية لمجلس الشيوخ الإيطالي وميداليات فنية عربية وأجنبية عدة. اهتم بالأدب، وله إنتاج في القصة، والشعر وقد ترجم بعض من قصائده صديقه المفكر الوجودي الفرنسي جان بول سارتر، وفي سيرته صداقات عدة مع الشعراء والأدباء، ومنهم عمر أبو ريشة، أدونيس، الدكتور الناقد سلمان قطاية، تضاف لتلاميذه الكثيرين الذين احتفوا بقدومه مدرساً ونهلوا من تجربته الفنية الإبداعية المتمردة.

معتصم الكبيسي

حققت الأعمال النحتية للفنان العراقي معتصم الكبيسي قبولاً واشتهاراً في العقدين الأخيرين (2003-2023) لما تتميز به تجربته من أسلوبية متفردة في معالجة موضوعاته الفنية، وفي تنفيذها باحترافية عالية، وبخامات متعددة منها البرونز والحجر والطين والخزف. الكبيسي من مواليد بغداد عام 1968، وحصل على بكالوريوس الفنون التشكيلية في النحت عام 1992. وهو عضو نقابة الفنانين، ونقابة التشكيليين العراقيين، حيث أقام العديد من المعارض الشخصية والمشتركة في العراق منها: (معارض وزارة الثقافة والإعلام: 1988- و1996)، و(معارض التشكيليين العراقيين 1992-1996)، ومعارض أخرى في الإمارات، وفي مصر، والأردن، ويرأس حالياً قسم النحت بكلية الفنون والتصميم، جامعة الشارقة. احتفى النقاد بأعمال الكبيسي، وبمشهدها النحتي المعاصر الذي شمل الجداريات، والخيول، والتماثيل، تمتاز أعماله بجمالية خاصة تستند إلى رؤية بحثية وحس فني في معالجة الفكرة والخامة، علاوة على ما تحمله من دلالات وإيماءات كاريكاتورية ساخرة، مثل تلك الشخوص البدينة التي يُعَرى فيها الجنرالات والمآلات التراجيدية للحرب، أو لدلالات أخرى في معالجته لموضوع الهجرة، وغيرها من الموضوعات المتماهية مع الواقع الذي نعيشه.

إسرافيل شيرجي

خطاط ورسام إيراني، تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران، وعمل مدرساً بها. وانتسب إلى جمعية الخطاطين الإيرانيين. عـزّز موهبته المبكرة في الخط والرسم، بالدراسة، وممارسة تقنيات الفنون البصرية. تأثر بكبار الفنانين والخطاطين الرواد في إيران، لكنه استطاع أن يؤسس لنفسه أسلوب السهل الممتنع اعتماداً على المهارة والتلقائية في إنتاج لوحته الخطية المتميزة بصفائها اللوني، وبأرضياتها الزخرفية، ورمزية حركيتها الداخلية المتمثلة في شكل الطائر المرسوم بالانسيابات الخطية.. وهذه التلقائية أصبحت جزءاً من رؤيته الخاصة التي قوامها اللحظة الخلاقة التي يأمل بها أن تؤدي الفنون مهمتها الجمالية، وتخرج الإنسان من دائرة أحزانه، يؤكدها بقوله: إنه يسعى إلى المواءمة والتوفيق بين الخط العربي وبين العناصر الفنيّة التشكيلية المختلفة.

أقام بضعة معارض فردية لأعماله، وشارك في العديد من المعارض في إيران وخارجها، وله مجموعة من المؤلفات بالخط منها: (شهريار، مدينة الغزل، شرح مجموعة الورد، خاتم العشق، صدى ورد حافظ، لحن الشقائق).

حسن عبدعلوان

فنان عراقي تخرّج من معهد الفنون الجميلة بغداد عام 1965، وانضم لجماعة الرواد العراقيين، حيث اكتسب شهرة، وأصبح أحد الرموز الفنية الكبيرة في التشكيل العراقي المعاصر. تميّز علوان منذ بداياته الأولى في التشكيل، بأسلوب حداثوي بسيط، وبرمزية تمزج بين الواقع والخيال، وتشكلت لوحاته من مفردات عدة منها المرأة، والطيور، والحيوانات الأليفة، و(الأفاريز)، الشناشيل الخشبية في الأحياء الشعبية في العراق. علاوة على تأثره بالبيئة الحضارية التي نشأ فيها، تلك البيئة المحمّلة بعبق التراث السومري والآشوري والبابلي، وبمخزون بغداد الثقافي العربي التاريخي والمعاصر، وأجواء وعوالم ألف ليلة وليلة. انتبه علوان لمقاييس الجمال الشعبية في العراق، وتحديداً في رسم الوجوه، فالمرأة عنده شقراء ممتلئة القوام، وصاحبة عيون واسعة. ورسم علوان في تشبيه النقاد غني بالمشاهد كالحكواتي الذي يروي قصصه جامعاً بين الأضداد وحاشداً المفارقات بأسلوب يمكن كذلك وصفه بأنه يجمع ما بين الواقعية والسريالية او السحرية البصرية، كما تميزت لوحته كذلك بخصوصيتها في الزخرفة، ضمن تكوينات خاصة بالفنان، حيث يوزع مفرداته وشخوصه على سطح اللوحة وفق منطقه الجمالي الخاص.

نوري الراوي

يعد الراوي من الفنانين التشكيليين العراقيين الرواد. كانت ولادته مع نهاية الربع الأول من القرن العشرين، وبذلك كان مقدراً له أن يشهد ويشارك في مسيرة حركة التشكيل العراقي المعاصر، والتي تزامنت والاستعمار، وكان لها ردت فعلها في البحث عن الهوية واستعادة الذات الوطنية. الراوة – أعالي نهر الفرات – حيث ولد النوري منطقة ريفية غنية بمائها وبنواعيرها وبمزارعها وبطبيعتها الخضراء، أثرت تجربته الفنية وساعد على ذلك موهبته ونشأته في أسرة فنية حيث كان والده معمارا. تلقى الراوي تعليمه الفني في العراق، وفي يوغسلافيا (بلغراد)، حيث تأسست مهارته في الرسم والتلوين وترقت مستصحبا رؤى فنية تجديدية، مزجت التمثيل (Representation) بالتجريد، وأنتج أعمالا ثرية موضوعاتها البيئة الصحراوية، والطبيعة المخضرة بالنهر والنواعير، والقرى والمدن بمرجعيتها الدينية وبمعمارها الذي فيه القباب في مركز الصورة دائما. وللراوي إنتاج غزير حيث أقام العديد من المعارض داخل العراق وخارجه، ولاقى أسلوبه الفني استحسان النقاد وتقديرهم باعتباره من رموز التشكيل العربي في القرن العشرين. عبر عمره الفني الطويل قدم الراوي خدمات جليلة للفن التشكيلي العراقي نال على إثرها وسام الاستحقاق العراقي بمرسوم جمهوري ومنها مشاركته في مسؤوليات العمل العام، وتأسيس جمعية الفنانين العراقيين، وإدارة المعارض، وتأسيس وإدارة المتحف الوطني للفن الحديث، ولتوثيقه الفن العراقي في البرامج التلفزيونية ومطبوعات.

الخطاط محمد أوزجاي

أحد أعلام الخط العربي في تركيا الألفية الثالثة. ولد بمدينة جاي قرة- ولاية طرابزون تركيا في عام 1961. ينحدر من أسرة دينية، وتخرج من كلية الإلهيات عام 1982 من جامعة أتاتورك في أرضروم، وهي المدينة، التي التقى فيها فؤاد باشار أستاذه الأول في الخط العربي، فأخذ عنه خط النسخ أولاً، ثم تعلم على يديه خط الثلث. ساعدته موهبته ومثابرته في النجاح وإشهار أسرته (أوزجاي) بيتاً فنياً متخصصاً في الخط العربي والزخرفة مع أخيه الذي يصغره الخطاط عثمان، وأخته المزخرفة فاطمة.. وقد كان لتفرغه واحترافه لفن الخط بعد تخرجه من الجامعة الأثر الكبير في هذا النجاح. تعرف على الخبير الأول في فنون الخط العربي بروفيسور مصطفى أوغور درمان واستفاد من خبرته العملية وتعرف على مشاهير الخطاطين القدامى والمعاصرين.. وأصبح بعد ذلك من الخبراء في الخط العربي. لا بد من ذكر فوزه بست جوائز في المسابقتين الأولى والثانية الدوليتين (1986-1989) وهما من تنظيم مركز الأبحاث والتاريخ في إسطنبول (إرسيكا). وبعده في عام 1992 أكمل كتابة القرآن بخط نسخ أنيق، لاقى الاستحسان والطباعة أكثر من مرة. وعلى صعيد الإنجازات فقد أنتج محمد أوزجاي العشرات من اللوحات بخط الثلث الجلي وخط النسخ بمستوى مبهر، وشارك بها في معارض مشتركة، وفي معارض خاصة وثقها في كتابين هما "أوزجاي"، وكتاب "نور عيني" الصادر بثلاث لغات هي العربية والتركية والإنكليزية. شارك محمد أوزجاي عضواً في لجان تحكيم الخط العربي، ولوحاته مقتناة في المتاحف والمجموعات الخاصة.