فنانون وفنانات يتوجون إسكندرية 3000 مدينة للحكمة والبهجة والخلود  

جماعة الحنين المستقبلي تقيم معرضها الثالث في مكتبة الإسكندرية وتصدره بلوحة برونزيه أهدتها لأبناء الإسكندرية. 
بعيدا عن ثقافة التقليد والتعاسة والاكتئاب والفردية المنقوصة
على هامش المعرض أقيمت ندوة لمناقشة أعمال الفنانين المشاركين
محمود سعيد كان يُدرِّس في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية بدون مقابل

تحت عنوان "إسكندرية 3000 مدينة الحكمة والبهجة والخلود" أقامت جماعة الحنين المستقبلي معرضها الثالث في مكتبة الإسكندرية وصدرته بلوحة برونزيه أهدتها الجماعة لأبناء الإسكندرية، هذه اللوحة تتضمن مانفيستو المعرض كرمز لفكرة التواصل والثقة في تماسك التاريخ والنسيج المصري عبر آلاف السنين. 
المعرض الذي شارك فيه فنانون وفنانات من بينهم ياسمين الحاذق وآية الفلاح، وأمينة الدمرداش ونهى دياب وعادل مصطفى وياسمينة حيدر، وكاريل حمصي، وأمنية الدمرداش، وفرغلي عبدالحافظ، ونهى دياب، تبنته جماعة الحنين المستقبلي لتسهم في بناء قوام جديد للفن بعيدا عن ثقافة التقليد والتعاسة والاكتئاب والفردية المنقوصة، بعيدا عن ثقافة الاحتياج المادي ودعما لثقافة البناء الروحي والتفاؤل والبهجة والحكمة سعيا إلى إقامة جسور اتصال مع المستقبل حبا وأملا يعزز الفن المصري المعاصر، ويضيف إيجابيات التفاؤل والقوة والخلود وهو ما يشير إليه ويؤكده المحتوى المفاهيمي للمعرض.
وقد أقيمت على هامش المعرض، ندوة لمناقشة أعمال المعرض بحضور الفنانين المشاركين، تحدث فيها د. محمد شاكر؛ أستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، ود. فرغلي عبدالحفيظ؛ فنان تشكيلي، وأدارها د. مصطفى عبدالمعطي؛ أستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، والذي قال إن مدينة الإسكندرية جمعت العالم بمختلف ثقافاته وجنسياته، ولاسيما من دول البحر المتوسط، فهي مدينة حانية عاشقة لا ينساها من يأتي إليها، خاصة المبدعين الذين أصبحوا عاشقين لها، معبرًا عن حزنه من الوضع الذي وصلت إليه المدينة؛ قائلاً: "منذ فترة قصيرة شاهدت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لشارع بإحدى قرى النوبة والملاحظ أنه لا يوجد ورقة على الأرض، ولكن في الإسكندرية للأسف نحن من نسئ إليها".
ورأى الفنان فرغلي عبدالحفيظ أن المعرض يدمج بين الشخصيات الاسكندرانية القديمة والحديثة للدلالة على أن الحديث يستمد إبداعه من القديم، مضيفًا: "لقد خالفنا ما هو شائع بأن الحنين يتعلق بالماضي فقط، فكلمة الحنين مشتق منها كلمة حنان، وهي تعبر عن العاطفة والحب ولكن للأسف الكل اجتمع على أن الحنين يستحضر الماضي".
وأوضح عبدالحفيظ أن صور المعرض عُرضت متداخلة على هيئة لعبة "البازل" لأنه يسعى إلى زعزعة المفاهيم والصور النمطية. وأشار إلى أن كل العبقريات مكنونة في الكون، ولكنها تحتاج من يراها ويستخرجها ويعطيها ويجملها من دون مقابل، مضيفًا أن الفنان الكبير محمود سعيد كان يُدرِّس في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية بدون مقابل، وهذا غير موجود الآن، وعندما يتواجد مثل هؤلاء المبدعين سوف يتمكنون من إزالة ما يشوه الإسكندرية.
ولفت د. محمد شاكر إلى أن مدينة الإسكندرية أخرجت لمصر والعالم العديد من الفنانين والمبدعين الكبار في مختلف المجالات بداية من الملكة كليوباترا مرورًا بالخديوي عباس حلمي والمناضل محمد كُريّم والمخرجان شادي عبدالسلام ويوسف شاهين، وعمر الشريف وشكري سرحان والعبقري سيد درويش الذي أسس الموسيقى المصرية، بالإضافة إلى المناضلات السكندريات اللاتي فتحن الطريق أمام السيدات المصريات للبحث عن حريتهن.

وأكد شاكر أن الإسكندرية كانت بوابة لبداية مدرسة الإبداع التشكيلي المصري، بعد أن انتقل إليها العديد من الفنانين الذين نقلوا الثقافة والفن عبر البحر المتوسط، واستلهموا من الإبداع الأوروبي ونجحوا في تقديم فن يعبر عن المدينة صاحبة التاريخ العظيم.
وحول خصوصية أعمالها قالت الفنانة كاريل حمصي "إنني أستخدم الألوان الزيتية في أغلب أعمالي الفنية، فهي خامة طبيعية مكونة من مواد مستخلصة من الطبيعة أثبتت استمرارها وثبوتها عبر آلاف السنين. إن رائحة الخامة بالنسبة لي لها تأثير قوي على وجداني أثناء العمل وهي جزء أصيل من متعة الإبداع بالنسبة لي".
وقالت حمصي "أعتقد أنني أنتمي إلى المدرسة الرمزية التعبيرية، أما عن مواضيع اللوحات فأغلبها مواضيع تعبر عن حالتي الذهنية والمزاجية والثقافية، فأحيانا تكون مواضيع شخصية وأحيانا أخرى مواضيع عامة تشغلني، فتارة يغلب مواضيع المرح والأفراح والرقص والغناء، وتارة تغلب مواضيع إنسانية أكثر عمقا عن العدالة والمساواة أو مواضيع سياسية عن الحرية الفكرية".
ويستلهم الفنان عادل مصطفى في مجمل أعماله الأخيرة الحيز المكاني الذي يعيش به ومفردات من المدينة والطريق، حيث تجربته الأخيرة أكثر تفاؤلا وبهجة من خلال استخدام عناصر الطريق خارج المدن وتغيير ألوان الواقع لتصبح أكثر فرحا وبهجة مع تحوير الواقع ليتحول إلى حلم من خلال البعد النفسي للعناصر وتجاورها في سياقها في منطقه الخاص الأقرب للميتافيزيقا منه إلى الواقع.
وتقوم الفنانة نهى دياب باستخدام اللمسات الحرة للعجائن اللونية والخامات المتعددة من أكريلك وزيت وخامات أخرى على السطح التصويري والاستمتاع بالاكتشاف والتجربة وإيجاد علاقات متباينة في الخامات والملابس، وتجد الإلهام في الطبيعة خاصة الطبيعة المصرية بطرق غير مباشرة وغير تقليدية من عناصر وتكوينات والألوان التي لها مردود وتأثير على أعمالها.
وقالت دياب "أنا وفناني جماعة الحنين المستقبلي نتفق على أهمية العمل الجماعي ونتبادل الخبرات واستشراف المستقبل وتعزيز رسالة الفن كما اتحدنا في عشق مدينة الاسكندرية العريقة والشغف لعودتها مدينة الحكمة والبهجة والخلود".
وأكدت أمينة الدمرداش اعتزازها بأن تكون جزءا من معرض الإسكندرية 3000 وقالت "أعمالي هي في الأساس انعكاس شفاف وصريح للذات البشرية، أود أن يكون للمشاهد حرية التفكير وتفسير لوحاتي كما أن يكون له حرية التواصل مع موضوع لوحاتي أو إنكارها. وبما أن عملي يتم تصويره من خلال مشاعري فإن وسيلتي الرئيسية في التعبير عنه يكون عبر خامات مختلفة. إن الألوان الزيتية هي إحدى الخامات المفضلة لدي، إلا أنني أنتجت أيضا أعمالا متعددة من الأكريليك والجرافيك وغيرها من الخامات".
وأشارت الفنانة ياسمين الحاذق إلى أن عملها هو "مصدر شعور بالراحة وشخوصي تعكس المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت. وقد مرت مصر بمرحلة من عدم الاستقرار بعد اندلاع الثورة التي أثرت تبعاتها على البلاد بشكل كبير. كان الفن ملاذي الأوحد خلال تلك الفترة العصيبة وأردت من خلاله أن أخلق روحا تفاؤلية وأواصل تفاؤلي وإيماني بمستقبل أفضل للآخرين".