فوز بايدن يريح منظمات أممية تخلى عنها ترامب

ولاية ترامب الرئاسية تترك بصمة سلبية في منظمات غالبا ما وضعتها أميركا في الواجهة واعتادت على قيادة واشنطن لها من ضمنها مجلس حقوق الإنسان ومنظمتا التجارة والصحة العالميتان.
المنظمات الأممية تتنفس الصعداء مع فوز بايدن بالرئاسة
بايدن سيحتاج إلى وقت طويل لترميم شروخ أحدثها ترامب مع منظمات دولية
جو بايدن يعتبر مؤيدا للتعددية والمتحمّس للعلاقات الدولية

جنيف - عبرت منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة عن ارتياحها لفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة الأميركية بعد أن اتبعت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب سياسة القطيعة والصدام وأحدثت شرخا عميقا وتأثيرات سلبية صلب تلك المنظمات.

وسيحتاج الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الحريص على إعادة إحياء القيادة الأميركية على الساحة الدولية لوقت طويل لترميم التصدعات التي أحدثها الرئيس المنتهية ولايته والذي يفترض أن يسلم السلطة في 20 ينار/كانون الثاني 2021 إذا ما سلم بالفعل بالهزيمة، فالرجل لايزال يرفض الاعتراف بفوز خصمه الديمقراطي ويصرّ على التشكيك في نزاهة الانتخابات دافعا للمزيد ومن الانقسامات والفوضى.  

ويقول محللون إن كافة المنظمات الدولية الأممية تنفّست الصعداء إثر فوز بايدن بالرئاسة الأميركية بعد سنوات من هجمات متواصلة شنّها ترامب، إلا أن شهر العسل المنتظر قد يكون لفترة وجيزة.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرن مانفريد إلسيغ "أعتقد عموما أن الجميع ينتظرعودة الحكومة الأميركية بذراعين مفتوحين".

وتركت ولاية ترامب الرئاسية بصمة سلبية في منظمات غالبا ما وضعتها الولايات المتحدة في الواجهة واعتادت على قيادة واشنطن لها.

ومن بين تأثيرات إدارة ترامب الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان وتعطيل عمل منظمة التجارة العالمية والانسحاب من منظمة الصحة العالمية التي كانت واشنطن أكبر ممول لها، في وقت كانت الوكالة الأممية تحاول تنسيق المعركة ضد أسوأ وباء يتفشى في العالم منذ قرن.

ويقول مسؤول في منظمة التجارة العالمية رفض الكشف عن اسمه إن فوز بايدن أثار "ارتياحا كبيرا" بين المنظمات الدولية.

ويعتبر الخبراء أن جو بايدن المؤيد للتعددية والمتحمّس للعلاقات الدولية، سيسرع لإعادة العلاقات مع المجتمع الدولي وهيئاته.

وأضاف البروفيسور إلسيغ "أعتقد أنه سيكون هناك شهر عسل" لكنه قد يكون لفترة قصيرة.

ولا تزال الفكرة التي لطالما تحدث عنها ترامب على مدى السنوات الأربع الماضية وهي أن الولايات المتحدة مخدوعة من جانب المجتمع الدولي، متداولة على نطاق واسع في المعسكر الجمهوري.

ويشير إلسيغ إلى أن "كل خطوة ستقوم بها إدارة بايدن لإعادة الروابط مع العالم والهيئات الدولية، ستتعرض لانتقادات في واشنطن"، فضلا عن أنه من غير المؤكد ما إذا سيحصل بايدن على الأكثرية في مجلس الشيوخ.

ولدى منظمة الصحة العالمية أسباب خاصة للترحيب بتغير الإدارة الأميركية بعد أن اتّهمها ترامب منذ أشهر بأنها دمية الصين وبأنها أبلغت بشكل متأخر جدا عن وباء كوفيد-19.

ترامب أدار ظهره للمنظمات الأممية
ترامب أدار ظهره للمنظمات الأممية

واتخذ بايدن موقفا معاكسا لخصمه، فقال "الأميركيون يشعرون بأمن أكبر عندما تلتزم أميركا بتعزيز الصحة في العالم". والولايات المتحدة هي اليوم البلد الأكثر تضررا من الوباء الذي يبدو أنه خارج عن السيطرة على أراضيها.

ووعد بايدن بأنه "في أول يوم من رئاستي، سأنضمّ مجددا إلى منظمة الصحة العالمية وسأعيد إحياء قيادتنا على الساحة الدولية".

لم ترغب منظمة الصحة بالتعليق على الأمر لكن مديرها العام تيدروس أدهانوم غبريسوس لم يخف حماسته فكتب في تغريدة "أنا متحمس جدا للعمل معكم ومع فرقكم. أزمة مثل أزمة وباء كوفيد-19 تُظهر أهمية التضامن العالمي لحماية الأرواح وسبل كسب الرزق".

ورحبت منظمة التجارة العالمية أيضا بهذا التغيير بعد هجمات إدارة ترامب إن كان في ما يخصّ الميزانية أو الشلل المفروض على آلية تسوية النزاعات وعرقلة وصول مرشحة إلى رئاسة المنظمة في نهاية السباق، رغم أنها كانت تحظى بدعم الأكثرية الساحقة لأعضاء المنظمة.

ويقول مسؤول آخر في المنظمة إنه إذا كان بإمكان إدارة بايدن إعطاء الضوء الأخضر لوصول المرشحة النيجيرية نغوزي أوكونجو-ايويلا إلى قيادة المنظمة، فإن الانتقادات بشأن آلية تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء لا يعود تاريخها إلى عهد ترامب، موضحا أن "هذه المخاوف تتشاركها إدارة بايدن".

ويلفت الأستاذ مانفريد إلسيغ إلى أن "10 بالمئة من انتقادات ترامب يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ" على غرار المطالبة بإصلاح منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي تتشاركه معها أوروبا على سبيل المثال، معتبرا أنه على المدى القصير، سيكون جو بايدن "في موقع قوي" للدفع من أجل إصلاح هذه الهيئات.

إلا أن إلسيغ أعرب عن "قلقه حيال الخطاب المعتمد في الولايات المتحدة"، محذرا من أنه "إذا استمرّ نهج ترامب في الحزب الجمهوري... لن يكون هناك دعم للمنظمات الدولية على المدى الطويل في الولايات المتحدة وهذه مشكلة كبيرة".