فوضى تضرب حركة النقل في فرنسا على وقع إضراب عام

الإضراب العام يعد اختبارا جديدا لماكرون بعد أشهر من تظاهرات للمعلمين وعمال المستشفيات والشرطة والإطفائيين وكذلك تظاهرات السترات الصفراء.

فرنسا تلغي عشرات رحلات القطارات والمترو والطائرات
أربع من مصافي النفط الثماني متوقفة بسبب غلق المحتجين للطرقات
صدامات في نانت وليون ومدن أخرى بين المحتجين وقوات الشرطة

باريس - يتواصل الإضراب في فرنسا الجمعة لليوم الثاني منذرا بالمزيد من الفوضى في حركة النقل، فيما تستمر النقابات في تحركها الهادف إلى إجبار الرئيس إيمانويل ماكرون على التراجع عن إصلاحات لنظام التقاعد دفعت بقرابة مليون شخص للنزول إلى الشارع رفضا لها.

وألغيت العشرات من رحلات القطارات والمترو والطائرات وأغلقت المدارس مجددا أو قدمت خدمة حضانة فقط، فيما لا تزال أربع من مصافي النفط الثماني متوقفة عن العمل بعد قطع الطرق المؤدية إليها، ما يثير مخاوف من حصول نقص في الوقود.

وأوقفت الشركة الوطنية للسكك الحديد بيع التذاكر لنهاية الأسبوع، فيما ألغت 90 بالمئة من رحلات القطارات فائقة السرعة الجمعة مجددا ولا يبدو أي تغير في الأفق لليومين القادمين.

وألغيت نصف رحلات قطارات يوروستار بين باريس ولندن، فيما عمل قطاران من ثلاثة لتاليس تخدم باريس وبروكسل وأمستردام .

وقالت راشيل بالاميديسي في محطة مقفرة في ستراسبورغ "كان من المفترض أن استقل القطار إلى متز (شمال شرق فرنسا)، حجزت بطاقتي قبل ثلاثة أيام لكن الرحلة ألغيت وليس لدي أي معلومات".

ويعد الإضراب اختبارا جديدا لماكرون بعد أشهر من تظاهرات للمعلمين وعمال المستشفيات والشرطة والإطفائيين وكذلك تظاهرات السترات الصفراء المطالبة بتحسين مستويات المعيشة.

وتقول النقابات إن نظام ماكرون للتقاعد "الشامل" والذي من شأنه أن يلغي عشرات الخطط المنفصلة لعمال القطاع العام، يجبر ملايين الأشخاص في القطاعين العام والخاص على العمل لسنوات بعد سن التقاعد وهو 62 عاما.

وستكشف الحكومة عن تفاصيل خطتها الأسبوع المقبل، لكنها قالت في وقت سابق إن على الناس أن يعملوا لفترات أطول من أجل استمرارية نظام يمكن أن يمنى بعجز يصل إلى 17 مليار يورو (19 مليار دولار) بحلول 2020.

وشارك 800 شخص على الأقل في تظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا الخميس، وفق وزارة الداخلية في عرض هو من الأكبر لقوة النقابات منذ قرابة عقد من الزمن.

ودعت النقابات إلى يوم آخر من الإضراب والتظاهرات الثلاثاء بعد يوم على لقاء مقرر لقادتها بمسؤولي الحكومة لمناقشة خطة الإصلاح.

وقال فيليب مارتينيز العضو في الكونفدرالية العامة للعمل أكبر نقابات القطاع العام "شارك عدد كبير من الناس في الإضراب. الآن نحتاج لعدد أكبر إذا ما أردنا التأثير على تلك القرارات".

وفيما كانت معظم تظاهرات الخميس سلمية، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق عشرات من المتظاهرين بلباس أسود حطموا الواجهات ورشقوا حجارة خلال مسيرة باريس وأشعلوا النار في مقطورة إنشاءات. وأفيد عن صدامات أيضا في بعض المدن الأخرى.

وتم توقيف عشرات الأشخاص فيما أصيب ثلاثة صحافيين بجروح بعد أن تعرضوا على الأرجح للغاز المسيل للدموع أو للقنابل الصوتية بينهم صحافي تركي تعرض لإصابة في الوجه.

وأفيد عن صدامات في نانت وليون ومدن أخرى في مواجهات تذكر بأعمال العنف التي تخللت العديد من التظاهرات الأسبوعية لحركة السترات الصفراء التي اندلعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وألغت العديد من الخطوط الجوية رحلات، فيما توقف مراقبو الحركة الجوية عن العمل. وألغت الخطوط الجوية الفرنسية 30 بالمئة من رحلاتها الداخلية و10 بالمئة من جميع الرحلات الدولية القريبة.

وأُغلقت تسعة من 16 خط مترو في باريس، فيما تم تسيير خطوط أخرى فقط خلال ساعات الذروة، ما دفع بالمواطنين للتنقل على الدراجات الهوائية والكهربائية أو اللجوء إلى وسائل بديلة.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الاحتجاجات ستبلغ حجم إضرابات عام 1995 احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد عندما شلت الحركة في فرنسا لثلاثة أسابيع من نوفمبر/تشرين الثاني إلى غاية ديسمبر/كانون الأول في تحرك أجبر الحكومة على التراجع.

ونجح ماكرون المصرفي السابق إلى حد كبير في دفع سلسلة من الإصلاحات المثيرة للجدل منها تخفيف قوانين العمل وتشديد الوصول إلى إعانات البطالة، لكن هذه المرة الأولى التي تتوحد فيها قطاعات مختلفة في حركة الاحتجاج.

وحتى الآن لم يتحدث ماكرون علنا حول الإضرابات رغم أن مسؤولا رئاسيا طلب عدم ذكر اسمه، قال الخميس إن الرئيس "هادئ" و"مصمم على تنفيذ هذا الإصلاح" في جو من "الإصغاء والتشاور".

ويبلغ السن الأدنى للتقاعد في فرنسا 62 عاما وهو من الأدنى بين الدول المتقدمة، لكن هناك 42 "نظاما خاصا" بعمال سكك الحديد والمحامين وموظفي الأوبرا وسواهم تسمح لهم بالتقاعد قبل ذلك السن وتقدم مزايا أخرى.

وتقول الحكومة إن نظاما موحدا سيكون أكثر عدلا للجميع وقادرا على ضمان الاستمرارية المالية مع الإقرار بأن الناس سيضطرون تدريجيا للعمل لفترات أطول.