فيضانات تونس تجرف الوعود الزائفة لمرشحي الانتخابات

سكان محافظة أريانة يغلقون الطريق ويرفضون استقبال رئيس الحكومة المفوّض كمال مرجان، بعد أن تضررت منازلهم جراء الأمطار.

تونس - شهد عدد أحياء العاصمة التونسية اليوم الأربعاء، احتقانا شديدا على إثر ما تعرضت له منازل المواطنين من أضرار جراء الأمطار الغزيرة ما استدعى تدخل مروحيات الجيش ليل الثلاثاء.

وقام عدد من التونسيين في محافظة أريانة المحاذية للعاصمة تونس بطرد رئيس الحكومة المفوّض كمال مرجان، بعد أن تضررت منازلهم جراء الأمطار.

وأصيبت العاصمة التونسية بشلل مروري كبير مساء الثلاثاء، عقب هطول كميات هائلة من الأمطار فجرت غضبا شعبيا استدعى تدخل الجيش.

وازداد الوضع المروري تعقيدا بتزامن الأمطار مع نهاية دوام العمل ما خلق ازدحاما خانقا لحركة المرور وارتفاع مستوى المياه في الشوارع.

وتوقفت السيارات في طوابير طويلة دون حراك. وعلى الطريق المؤدية إلى المطار اضطر مسافرون إلى السير على الأقدام بعد أن طال بهم الانتظار لعدة ساعات.

كما المياه أغلب شوارع أحياء العاصمة ومنازل المواطنين في المحافظات المجاورة لها في وقت وجيز إثر هطول كميات هائلة من الأمطار ما تسبب في غلق أغلب الطرق الرئيسية الحيوية.

وليلا تحرك الجيش لفتح الطرق المغلقة وحلقت طائرات تابعة له لمساعدة بعض العالقين جراء الأمطار.

وتناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمنازل تسربت إليها مياه الأمطار في عدة أحياء بمحافظة أريانة في المدخل الشمالي للعاصمة ما دفع مواطنين غاضبين إلى الخروج وقطع طرق رئيسية في المدينة.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد حيوني في وقت متأخر من مساء الثلاثاء إن قوات الأمن بدأت بفتح بعض الطرق اثر مفاوضات مع المحتجين، لكن بعضها بقي مغلقا إلى اليوم الأربعاء.

وعلى فيسبوك موقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في تونس، أعادت صور الفيضانات إلى أذهان التونسيين كل الوعود الزائفة التي أطلقتها الأحزاب والسياسيين في الانتخابات السابقة حين تعهدوا بالسهر على تلبية حاجياتهم وزيادة نسبة التنمية وتحسين مستوى العيش والقضاء على البطالة.

وقالت ناشطة تعليقا على صور مئات السيارات العالقة في الطريق بسبب مياه الأمطار "ساعتين كانتا كافيتين لشل حركة المرور وتوقف مصالح الناس، إنها إشارات ربانية تذكرنا بفشلهم في تطوير البنية التحية وإصلاح الطرقات المتهالكة وكان كل سنوات حكمهم لا تكفيهم".

وتستعد تونس، الأحد، لإجراء انتخاباتها الرئاسية، في اقتراع يتنافس بدوره الأول 26 مرشحا، فيما تجري الانتخابات البرلمانية في 6 أكتوبر/تشرين المقبل.

وشهد هذا الأسبوع منافسات بين المرشحين الـ26 خلال مناظرات تلفزيونية تابعها التونسيون باهتمام كبير لمساعدتهم في اختياراتهم نظرا لضبابية برامج المرشحين وتشتت الاختيارات.

ويتركز ترقب التونسيين حيال المرشحين على المسائل الاجتماعية، وفي طليعتها الرواتب التي لا تتخطى بضع مئات الدينارات في الشهر في حين أن كيلو اللحوم يكلّف أكثر من عشرين دينارا (7 يورو)، والبطالة المرتفعة التي تثير يأس الشبان، وتراجع الخدمات العامة خاصة في قطاعات حيوية مثل النقل والتعليم والصحة.

وتضاف إلى هذه المواضيع الكبرى عمليات السطو والسرقة والجرائم الصغيرة التي يجد القضاء صعوبة في احتوائها.

الخيارات لم تعد ترضي التونسي في مشهد سياسي مفلس
الخيارات لم تعد ترضي التونسي في مشهد سياسي مفلس

ولم تنجح حكومة يوسف الشاهد الذي أعلن في 22 أغسطس الماضي تفرغه للانتخابات الرئاسية بعدما فوّض صلاحياته لوزير الوظيفة العمومية كمال مرجان مؤقتا، في فتح ملفات فساد كبيرة في بعض الوزارات بل اكتفت بالترويج لذلك بالوعود فقط.

وعرفت حكومة الشاهد التي تدعمها حركة النهضة الإسلامية عدة اخفاقات من بينها فضيحة وفاة عدد من الأطفال الرضع في مستشفى حكومي ووفاة عدد من العاملات في القطاع الفلاحي في مناطق ريفية بالإضافة إلى وفاة ستة أشخاص إثر فيضانات عارمة مماثلة العام الماضي في محافظة نابل (حوالى 90 كلم جنوب العاصمة).

ولا يخفي التونسيون تذمرهم من الطبقة السياسية في البلاد بعد أكثر من 8 سنوات من الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011.

ويقول متابعون للشأن التونسي إن اللوبيات السياسية والإعلامية المتمثلة في مجموعات حزبية ذات تأثير مباشر في البرلمان، تتحكم في الحكومة الحالية حسب هواها وهي تقوم بتوجيه السلطة التنفيذية عن طريق فرض أناس في مناصب سياسية أو إدارية ليسوا أهلا لها.

ويدلي التونسيون بأصواتهم في 15 الجاري في انتخابات رئاسية مبكرة لانتخاب خلف للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً بالاقتراع العام في تاريخ البلاد الحديث.

لكنها المرة الأولى التي يشعر فيها التونسيون فعلا أن الخيار يشتد ضيقا حتى أن استطلاعات الرأي لم تعد مصدر ثقة فهي الأخرى موجهة ويتم التلاعب بها لصالح أشخاص وجهات معينة.

ويجد التونسيون صعوبة في اختيار المرشح الأنسب للرئاسة كما للانتخابات التشريعية، بعد أن وصلت نسبة البطالة في تونس 15 بالمئة.

وحذر مركز "انترناشونال كرايسيس غروب" مطلع العام الحالي من أن ارتفاع التضخم إلى نسبة 7 بالمئة وتكلفة المعيشة بنسبة تزيد على 30 بالمئة منذ 2016 سيؤدي إلى "أزمة ثقة عامة تجاه النخب السياسية".

وتبقى الوعود التي قدمها السياسيون خلال حملاتهم الانتخابية بعيدة كل البعد من إرضاء التونسيين.