فيلم 'طحالب مرّة' من الهامش المغربي إلى المنصات الدولية
الرباط - شكّل فوز فيلم "طحالب مرة" للمخرج إدريس شويكة محطة بارزة تؤكد نضج التجربة السينمائية المغربية وقدرتها على المنافسة في كبرى المحافل العالمية، فالفيلم الذي يُعد أول حضور دولي له، توج بأربع جوائز دفعة واحدة في مهرجان كولدن فيمي الدولي بالعاصمة البلغارية صوفيا، وهذا الاختيار يعبر عن تميز رؤيته الإخراجية وجرأة طرحه الفني والموضوعاتي.
هذا التتويج يبرز كيف استطاعت السينما المغربية، من خلال أعمال ذات خصوصية ثقافية واجتماعية، أن تخاطب جمهوراً عريضاً بلغة فنية راقية، تنطلق من المحلي لتنفتح على الإنساني والكوني، كما يؤكد أن المخرجين المغاربة، وفي مقدمتهم إدريس شويكة، يواصلون دفع حدود مواصلة التجارب الإبداعية وتقديم محاولات جادة تتسم بالنضج والتجديد، قادرة على تمثيل المغرب بجدارة في مختلف التظاهرات الدولية.
وفي هذا السياق، كان لموقع "ميدل إيست أونلاين" حوار مع المخرج المغربي إدريس شويكة حول فوزه في هذا العرس الدولي، وفيما يلي نص الحوار:
فاز فيلمكم "طحالب مرة" بأربع جوائز في مهرجان كولدن فيمي الدولي، هل كانت هذه النتائج متوقعة بالنسبة لكم؟
عادة لا نشتغل من أجل الجوائز، فالسينما بالنسبة لي صرخة جمالية ضد القبح الذي نراه يوميًا ويتحول مع الوقت إلى اعتياد قاتل، لهذا تكون الافلام عادة متنفس وسط هذا الكم الهائل من الضغوطات اليومية.
هذه أول مشاركة دولية للفيلم، ومع ذلك حصد جوائز مهمة في فئات تقنية وتمثيلية. بماذا تفسر هذا التتويج؟
أعتقد أن الجوائز تعبر عن قوة الاشتغال الجماعي وصدق الرؤية السينمائية، فالفيلم ثمرة عمل منسجم لفريق كامل، اشتغل في ظروف صعبة، لكنه كان مؤمنًا بما يقدمه.
يحكي الفيلم قصة فتاة تجمع الطحالب في شواطئ مهجورة. ما الذي أردت أن تقوله من خلال هذه الحكاية؟
الفيلم ينطلق من حكاية بسيطة ليكشف عالمًا خفيًا من الاستغلال، الهشاشة، والتهريب. وتلك الفتاة تمثل فئة مهمشة، في مناطق عديدة من العالم، إذ حاولت من خلال الفيلم تقديم الواقع كخامة لرؤية صادقة، وقاسية وجميلة في آن.
وماذا عن أداء الممثلة يسرى بوحموش؟
أدّت دورها بجرأة نفسية وجسدية قوية، وقامت بتدريب ميداني حقيقي على مهنة جمع الطحالب وعايشت واقع نساء الهامش، وأداؤها كان صادقًا ومؤثرًا، وقدّرت لجنة التحكيم هذا الجهد.
بعد هذا التتويج، هل هناك آفاق دولية جديدة للفيلم؟
نعم، هناك اهتمام من جهات إنتاج وتوزيع في أوروبا، خصوصًا من ألمانيا وفرنسا. وهناك مؤشرات على احتمال عرض الفيلم في مهرجانات كبرى مثل "البندقية" و"برليناله".
ويُعد إدريس اشويكة من أبرز المخرجين والسيناريستات المغاربة، إذ استطاع أن يرسخ اسمه في الساحة الفنية من خلال مسيرة غنية ومتشعبة بين السينما والتلفزيون والمسرح. وتلقى تكوينه السينمائي بباريس، أثرت أسلوبه الإخراجي وأكسبه قدرة على التنوع في السرد. منذ بداياته في تسعينات القرن الماضي، وأنجز أعمالًا مميزة نالت جوائز وطنية ودولية، وركزت في مجملها على القضايا الاجتماعية والإنسانية، بأسلوب يمزج بين العمق الدرامي والحس الواقعي، وتشمل أعماله أفلامًا مثل "مبروك"، "ضد التيار"، "فينك الأيام"، "فداء"، وأفلامًا تلفزيونية مثل "شادية" و"علام الخيل"، إضافة إلى عروض مسرحية رفيعة المستوى.
وواصل اشويكة نشاطه الفني إلى غاية 2024، اخرها فيلمه السينمائي الجديد "طحالب"، الذي يتناول موضوع الإرث والتمييز ضد النساء في مجتمع يعيش على صيد الأسماك وجمع الطحالب، ويُعد الفيلم معالجة فنية جريئة لقضية لم تُطرح سابقًا في السينما المغربية، وقد صُوّر بمنطقة الجبهة بدعم من صندوق الإنتاج الوطني، بمشاركة نخبة من الممثلين المغاربة، ويمثل اشويكة صوتًا إبداعيًا مميزًا يسعى باستمرار إلى تقديم فن سينمائي يعكس هموم المجتمع المغربي ويغني الثقافة الوطنية برؤية إنسانية معاصرة.